صدر مؤخراً من إصدارت عالم المعرفة - الكويت 2007 ومن ترجمة شوقي جلال كتاب جديد يحمل اسم "التنوير الآتي من الشرق" من تأليف جي.جي كلارك. الكتاب وفقاً لجريدة "العرب اليوم" الأردنية يحاول أن يشق لنفسه طريقاً ثالثاً يركز على "طبيعة التلاقي الفكري الحاسم الذي حدث بين طرفي العالم القديم"، ويسعى لما سماه "دراسة الاشتباك الفكري الجاد من جانب الغرب مع الافكار الشرقية بكل ما في هذا من تعارض وتناقض". ويستخدم كلمة الاستشراق للاشارة الى سلسلة من المواقف ازاء الفلسفات والمذاهب التي عرفها جنوب وشرق اسيا تحديدا "حيث لا يتحدث الكتاب اطلاقا" عن أفريقيا أو أمريكا اللاتينية. كما يتخذ الكاتب من مشروع ادوارد سعيد محورا للنقاش "وكان قد أكد أن الشرق ما هو إلا متفرض ذهني غربي ومنظومة من التخييلات الايديولوجية" بهدف تكريس سيطرة الغرب على الشرق وانطلاقا من ثقافة الكراهية ضده ، ولا يهتم الكاتب بملاحظات اساسية أخرى لادوارد سعيد مثل مفهوم تنسيب الثقافة وهو غير التناص بل اقرب الى ما يمكن تسميته بالتلاص الثقافي "من اللصوصية" فبالإضافة لنهب موارد الشرق, فقد قام الغرب بنهب ثقافته ايضا ، وبالعودة إلى الكتاب يخبرنا الكاتب أنه بالإستناد إلى أوجه من التفاهم والاختلاف مع ادوارد سعيد فقد التزم نهجا خاصا "بينما صور سعيد الاستشراق في الوان كابيه ثمة امكانية لاستخدام الوان مضيئة في نزعات استشراقية اكثر ثراءً وايجابية". ويستدرك كيف انطلق سعيد من فوكو "العلاقة بين المعرفة والسلطة" لتأكيد الاستشراق كسردية رئيسية عند الامبريالية الغربية, اكدتها المصالح الاستعمارية الحقيقية والانحيازات العرقية.. ويرى الكتاب حسبما ذكرت "العرب اليوم" أن رحلة ماركو بولو إلى الصين في القرن الثالث عشر كانت "هي الاستهلال لتاريخ طويل من التصور الخيالي للثقافات الاسيوية في عقول الأوروبيين ولدراما طويلة لم تتوقف". وبهذا المعنى فقد بدأ الاستشراق اولا كحالة من حالات "الهروب من العقل" كما كرستها كتابات شوبنهاور ونيتشه وثانيا كمرآة تصحيحية حيث تناولته ميرسيا الياد باعتباره حالة تأويلية استبطانية مع الشرق يكتشف الغرب نفسه على نحو افضل من خلالها. كما تميز الاستشراق, ثالثا, بحالة من التناقض الظاهري ازاء الشرق, ولنقل حالة من عدم الاستقرار وما صاحبها من قلق عبر عنه نيتشه "العدمية" ودور كايم "الانوميا" "حالة قلق وعزلة واغترب ناجمة عن غياب المثل العليا وعن الثقافة القيمية عموما".