كيف يرد المصريون على كذب وعدوان الجزائر؟ .. رؤى مختلفة الجزائريون محيط – شيماء عيسى لا تستحق الخسارة الكروية حزنا شعبيا مصريا ، وهو الذي لم يحدث فعلا ؛ فالمصريون يكفيهم همهم وانكساراتهم المتوالية سواءا في الداخل المصري أو الخارج العربي الإسلامي ، يكفيهم مراقبة الأقصى وهو ينهدم مثلا أو مشكلاتهم مع الفساد في الداخل وعدم قيام الحكومة بدورها كما يجب في الصحة ولا التعليم أو غير ذلك ، لكن حالة الاحتقان في الشارع المصري سببها الشعور بالمهانة الكبيرة من شعب عربي كنا نعده شقيقا . شاهدنا اليوم الرئيس مبارك بنفسه يحمد الله أن المنتخب الوطني لم يفز وإلا لشهد يوم الأربعاء الماضي مجزرة للمصريين على يد المشجعين الجزائريين المأجورين والمدفوعين من جهات عليا مغرضة في البلاد ، ورغم فوز المنتخب الجزائري في المباراة المؤهلة لمونديال كأس العالم إلا أنهم أبوا إلا الإعتداء على مشجعين مصريين عزل وترويعهم بالسلاح الأبيض منذ اللحظات الأولى لوصولهم المطار السوداني وحتى مغادرة البلاد . الجميع تابع ما رواه شهود العيان بالمئات عن تكسير حافلات على ركابها وتهديدات بالقتل للجمهور المصري وحتى للاعبي المنتخب .. فأي همجية نشاهدها وكيف نرد عليها رسميا وشعبيا وإذا كان الشعب الجزائري يدين ما جرى فلماذا هذا الصمت أحيانا ، وتأييد ما حدث وكأنه عدالة السماء في احيان أخرى كثيرة .. أسئلة طرحتها "محيط" على عدد من المثقفين المصريين على اختلاف توجهاتهم . من المعلوم أن الصحافة الجزائرية وخاصة "الشروق" لفقت شائعات كثيرة وصدقها الشعب هناك مثل مقتل مشجعين في القاهرة على يد مصريين ، او إصابة العشرات ، ولا تزال حتى اليوم تؤكد كذباتها وتروج لها وهي التي شحنت الجمهور الجزائري ضدنا زورا وثبت أنها شائعات لا أساس لها من الصحة ، فالمصريين أحسنوا ضيافة المنتخب والجمهور الجزائري وهم كذلك مع كل الشعوب مسالمين بطبعهم ، وحتى الاصطدامات بين المشجعين من الطرفين في المطار لم تخلف إلا إصابات طفيفة هنا وهناك ولكن الإعلام الجزائري والمسئولين كانت لهم أجندة مسبقة وأغراض خاصة لا علاقة لها بالحقائق ، والغريب أنهم أقنعوا الرأي العام العالمي بأننا جمهور مصر متعصب تعدى عليهم في القاهرة والسودان !! ، ولأن الجزائر ليست عضوا في اتحاد الصحفيين العرب فلا يمكن محاسبة الصحف أداة الفتنة على جريمتها . وظهرت في مصر دعاوى متعددة للرد على همجية الجزائريين ، ومنها مطالبة برلمانيين مصريين الحكومة بتحريك دعوى ضد الحكومة الجزائرية لدى المحكمة الجنائية الدولية ، أو إبلاغ المجلس الدولى لحقوق الإنسان عن الانتهاكات التى يتعرض لها المصريون بسبب جنسيتهم فى الدول الأوروبية وغيرها من الدول المختلفة على أيدى الجزائريين. ابراهيم عبدالمجيد عنف منظم تحدث الأديب المصري ابراهيم عبدالمجيد ل"محيط" ورأى أن أعمال العنف كانت منظمة من الحكومة الجزائرية ومخطط لها تماما وخاصة حينما نرى أن طائرات حربية هي التي أقلت المشجعين وكانت تقدم لهم وجبات مكتوب على علبها "وجبة فرد مقاتل" ، ما يعني أن الجزائر تريد قطع علاقتها بمصر علانية ، وفي هذه الحالة يدعم عبدالمجيد الرأي القائل بألا تمانع مصر في ذلك وأن تقطع صلاتها بالجزائر هي الأخرى . أما العداء فيرى أنه قديم ومتأصل لدى عدد كبير من الدول العربية بعد تراجع دور مصر في المنطقة والذي سحب من رصيدها لديهم كثيرا. أما عن المثقفين الجزائريين فقال عبدالمجيد أنهم هاربون من الديكتاتورية والعنف ويعيش كثير منهم في الخارج ، ومثقفو الداخل لا يقوون على مجاهرة النظام بسوءاته إلا فيما ندر ، ومن هنا رأينا حالة الصمت الجزائري إزاء العنف ، والشعب الجزائري مظلوم لأن الصحافة كذبت عليه وألهبت حماسه فاندفع بغير وعي في كراهية لمن اعتدوا على مواطنيهم في القاهرة ، وقد تم استغلال هؤلاء المشجعين لأغراض سياسية ، وقال بأن اتحاد الكتاب العرب حاول أن يكون عامل اتزان لتهدئة الأجواء ولكن كان عليه على الأقل أن يطالب المثقفين الجزائريين بإدانة ما جرى . غياب الجامعة العربية مشجعو الجزائر برأي الكاتب الصحفي والمحلل د. محمد أمين فإن المصريين شعروا بمهانة الانهزام مرتين ؛ واحدة في ملعب المريخ والثانية في حرب الشوارع بأم درمان والخرطوم حينما تعرضوا لترويع من آلاف المشجعين الجزائريين يحملون سنج ومطاوي ، وزاد من وقع الحزن المصري أن الشعب كان في أمس الحاجة لشيء مفرح في وطن تتراجع فيه حقوق الإنسان ويعاني من غياب الديمقراطية الحقيقية وتداول السلطة . وانتقد أمين المكافآت التي تقدر بالملايين التي منحها الرئيس مبارك للاعبي المنتخب القومي "تطييبا" للخاطر ، إذ كان من الأولى توجيه تلك المبالغ لمشروعات مصرية تعين قطاعا واسعا من المصريين يزرح تحت خط الفقر ، مؤكدا أن في هذا إهانة لا تقل عن إهانة الجزائريين . من جهة أخرى انتقد عدم اهتمام الجامعة العربية بالقيام بأية دور يذكر لاحتواء أزمة مصر والجزائر رغم تداعياتها الخطيرة المستمرة حتى الآن ، والتي بدت مظاهرها مثلا في استدعاء سفيري البلدين وتراشق إعلام البلدين علنا ودهس الأعلام ! ، واستنكر أن يكون الداعية الكبير يوسف القرضاوي هو صاحب البيان العربي الوحيد في هذه الأزمة وأن يتفاعل نجل الرئيس "علاء مبارك" وحده مع الشعب كمواطن وليس كمسئول ويعبر عن رأيه . شباب مصرى امام السفارة الجزائرية الغضب العقلاني يرى د. ابراهيم النجار أستاذ الاجتماع السياسي والباحث بمركز الأهرام للدراسات أن الآلة الإعلامية ضخمت من أهمية مباراة مصر والجزائر وشحذت همم المواطنين من الطرفين ، ولكنه لا يرى أن ما بدر من مشجعي الجزائر يمكن تعميمه على الشعب الذي خرجوا منه ، ووصفهم بأنهم قلة شحنوا من بعض المنتفعين في دولتهم . وهو يرفض فكرة كراهية الشعوب لبعضها لأي سبب . كما انتقد الباحث الدورين الأمني والسياسي في مصر والجزائر ، ولكنه كان أسوأ مع الجزائر فحينما يصمت السفير الجزائري بمصر ولا يبادر بتأكيد كذب الصحافة الجزائرية في أنبائها عن إصابات وقتلى يكون متورطا في الأزمة بشدة وبالتأكيد فإن كل ذلك جاء مدبرا من جهات أعلى ، ولم يتحدث السفير إلا بعد أن اشتاط الجزائريون غضبا واستحالت عودتهم للعقل وخاصة أن الجمهور الجزائري متعصب بطبيعته . ورأى أن تعاطي الرئيس مبارك مع الأزمة كان مدروسا لأنه لا ينبغي أن يدفعه غضب الشارع المصري لاتخاذ قرارات متسرعة ، وكذلك وزارة الخارجية المصرية التي استدعت السفير ، ودعا لأن يقدم ملف شامل بكافة الإعتداءات الجزائرية حتى الآن ويقدم للفيفا حتى يكون هناك نوع من رد الاعتبار . أما عن فكرة مقاطعة الجزائر فلا يراها د. ابراهيم صائبة ، ودعا لتسميتها هدنة بحيث نعلم أنها ستنتهي حتى وإن طال الأمد ، وأشاد بمواقف الفنانين المصريين في وقفتهم الاحتجاجية ، وعلى الصعيد الاقتصادي أشار إلى أن المستثمر المصري بين أبرز المساهمين في الاقتصاد الجزائري وبخاصة في قطاعات الاتصالات والإنشاءات وأن هناك دعوات بالإنسحاب من هناك كوسيلة احتجاج. رد فعل انضم الشاعر المصري جمال بخيت لمجموعة الكتاب الذين لا يرون همجية الجزائريين وكذب صحفهم فعلا وإنما رد فعل لإساءات مصرية على حد رأيه ، وقال ل"محيط " أن الرد الجزائري كان غير مكافيء لإعتداءات القاهرة بالفعل ، ولكنه يحمل الإعلام المصري مسئولية انطلاق الفتنة حينما كرر بإلحاح أشرف الأغنيات الوطنية التي تعبر عن البطولات العسكرية على مسامع الجماهير الأمر الذي جعلهم ينظرون للفريق الجزائري كعدو وليس منافسا رياضيا . كما أدان الإعلاميين المصريين الذين ظلوا يطلقون تصريحات عدائية قبل المباراة الأولى في القاهرة بحق المنتخب الجزائري متأثرين بأحداث الماضي ، على حد وصفه . وقال أنه كان علينا رفع العلمين المصري والجزائري في الاستاد لتأكيد عدم الخصومة ، وبرأيه فإن هذه الأحداث جعلت الجزائريين يصدق بقية الشائعات التي أطلقتها صحفهم ، مضيفا أنه ينبغي محاسبة المسئولين المصريين على تقصيرهم في حماية المواطنين وتشجيعهم لهم لحضور مباراة تعرضت حياتهم بعدها للخطر ، رغم علمهم بأن الجزائريين يتربصون لهم فيها ويعلمون أنهم بحوزتهم أسلحة أيضا ورأوا كيف دمرت المؤسسات المصرية بالجزائر ، ودعا أيضا لمحاسبة أي مصري اعتدى على جزائري ضمن الاعتداءات المتبادلة في القاهرة. كراهية العروبة اعتبر الكاتب الصحفي يوسف الرفاعي أن غالبية الشعب الجزائري كاره للعروبة ولغتها ويشعر بالإنتماء الأمازيغي بدرجة اكبر ، وقال بأنهم انفصاليون بطبيعتهم ، ولم يستبعد أن يكون معظم المشجعين جنودا في الجيش الجزائري خاصة أن أسلوبهم متشابه في التشجيع والتحرك وسنهم متقارب وطريقتهم دقيقة في الاستيلاء على الشوارع والتمركز والتربص وعمل الكمائن. أما ما حدث فوصفه الرفاعي بأنه إرهاب دولة بمعنى الكلمة ، داعيا المصريين لتنفيذ حملة شاملة على مستوى العالم العربي وغير العربي أيضاً لتعزيز الشخصية القومية المصرية وتوعية العاملين منهم في الخارج بحقوقهم القانونية وكيفية التصرف حيال ما يواجهونه من ضغوط ، وتوقيع اتفاقيات مشددة مع الحكومات التي يسافر المصريون للعمل في بلادها لحماية أرواحهم وممتلكاتهم.
كما دعا الحكومة لتطبيق أعلى درجات الضغط الدبلوماسي وعدم النزوع إلى التهدئة ، لأن الجزائريين يحترمون من يخافوا منه وليس غيره ، كما دعا لقطع العلاقات وسحب جميع المصريين العاملين في الجزائر وتصفية الاستثمارات، وممارسة الرد عبر آليات القانون الدولي والمطالبة بتعويضات عما خسره المستثمرون .
وعلى النقيض جاءت رؤية د. مصطفى عبدالغني الناقد والمثقف المصري أن الفتنة المصرية الجزائرية تعود لحالة الأمية الثقافية التي نحياها وعدم الوعي بقيمة العروبة وحالة من غيبة المثقفين الحقيقيين والإعلام والقنوات الإلكترونية والثقافية وغيبة الوعي عموما لدى الشعبين ، وأكد أن العدو في غزة وليس في وهران وفي القدس وليس في القاهرة ، وقال " ما يحدث في القدس من بناء المستعمرات وهدم الأقصى هو ما يجب أن يكون المونديال ".