يتناول الكاتب المغربي مصطفى لغتيري في روايته الجديدة، "عائشة القديسة"، أسطورة ظلت تتردد عبر العصور في المجتمع المغربي ليحاول من خلالها إبراز عدة متناقضات وصراعات تهم جوانب عدة من المجتمع المغربي. ونقلت صحيفة "العرب" اللندنية عن لغتيري قوله أن ظاهرة الاستعمار خلقت لنا مجتمعات انفصامية تائهة بين الحداثة والتقليد.. وتوظيف الأسطورة هو تعبير عن التناقض والتضارب الذي يعيشه المجتمع المغربي بين عالمين مختلفين. و"عائشة القديسة" أو كما يصطلح عليها المغاربة "عايشة قنديشة"، يقول بعض المؤرخين، إنها في الأصل امرأة حقيقية كانت تقاوم الاستعمار البرتغالي على الشواطئ المغربية الأطلسية في القرن السادس عشر الميلادي وكانت امراة فاتنة تتدثر بلباس أبيض مغربي تقليدي مستعملة جمالها كسلاح للايقاع بالبرتغاليين لتغتالهم بعد ذلك. لكن عائشة التي كانت رمزا في تلك الفترة لمقاومة الاحتلال تحولت عبر العصور إلى شبح مخيف يلاحق أطياف الرجال والنساء على حد سواء لتتحول من امرأة تاريخية مقاومة إلى "جنية" تتربص بالبشر ومن ثم إلى أسطورة توارثتها أجيال من المغاربة. وتدور الرواية حول أربعة أصدقاء يعيشون في قرية هادئة، يجمعهم حديث عابر ذات يوم في مقهى ويعتبرون أن وجود "قنديشة" أمرا مفروغا منه فيحاول البطل سعد وهو معلم أن يقنعهم أن الأمر لا يعدو أن يكون خرافة. لكن في ممارسته ذات يوم لهوايته الصيد يسقط من دراجته فيفقد وعيه. وفي هذا اللاوعي يدخل سعد في عالم جديد مليء بالأحداث والصراعات ليشكل عالما مستقلا بذاته. فعندما يستعيد سعد "وعيه" وينسى قصة المرأة التي كانت تسيطر عليه في غيبوبته يراها نازلة من حافلة ذات يوم لتتقاذفه الاسئلة.. ويشعر بأن التمزق بين عالمين سيبقى يطارده إلى ما لا نهاية. "يبتعد بخطوات بطيئة يقتلع قدميه من الأرض اقتلاعا مستندا على عكازته التي أضحت جزءا من كيانه.." ويقول لغتيري إن الصراع في الرواية بين الأسطورة والواقع يفسر ظاهرة الانفصام في المجتمع المغربي والعربي على الخصوص بحيث ساهمت فيه "عوامل تاريخية واقتصادية واجتماعية."