رحل عن عالمنا شيخ اللغويين الأستاذ أحمد الأخضر غزال عن عمر يناهز الواحد والتسعين عاماً. ووفقا لصحيفة "القدس العربي" اشتهر الراحل بعمله الخلاق في مجال إصلاح الطباعة العربية وإدخال الحرف العربي في الإعلاميات والحاسوب. وقد نال براءة اختراع في ذلك، وتبنّت المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة "الألكسو" عمله بوصفه الشفرة العربية الموحَّدة المستعملة في الكتابة الحاسوبية حالياً. حصل الراحل على البكالوريا، وبعدها جنّدته السلطات الفرنسية عام 1939 إبان الحرب العالمية الثانية وأدى الخدمة العسكرية الإلزامية في الجبهات الإيطالية والإلمانية والفرنسية. ثم عاد لمواصلة دراساته العالية، فحاز شهادة الليسانس، ودبلوم الدراسات العليا، ثم نال شهادة التبريز من جامعة السوربون في باريس في مادة فقه اللغة. وكان قد مارس تعليم اللغة العربية في عدة مدارس في المغرب والجزائر وفرنسا. وبعد استقلال المغرب، أطلق الأخضر غزال في أواخر الخمسينيات، مشروعاً تربوياً متكاملاً لمحو الأمية وتعليم القراءة والكتابة بالعربية للكبار، ويعد الراحل من أوائل الأساتذة الجامعيين العرب الذين درّسوا علم اللغة الحديث وأطلق عليه اسم اللسنيات ثم اللسانيات. وعندما أُسنِدت حقيبة وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الثقافية إلى الأستاذ محمد الفاسي، اختار أحمد الأخضر غزال مديراً لديوانه، ثم كاتباً عاماً (وكيلاً) للوزارة. وعندما تولّى إدارة معهد الأبحاث والدراسات للتعريب بالرباط عام 1961، بذل جهداً استثنائياً في تعريب الإدارة والتعليم في المغرب، فقد كانت الفرنسية هي اللغة المعتمدة فيهما. فأصدر كتابه "المنهجية العامة للتعريب المواكب"، ونشر "معجم الإدارة العامة: فرنسي عربي"، وتولى شخصياً ترجمة الدروس الافتتاحية لكليات العلوم والطب والهندسة في جامعة محمد الخامس إلى اللغة العربية لتشجيع الأساتذة على تعريب دروسهم وتعريب التعليم العالي برمته. أصدر كتابه الهام "المنهجية الجديدة لوضع المصطلحات العربية". وفي أواخر السبعينيات أنشأ في معهد الدارسات والأبحاث للتعريب الذي كان يديره، أول "بنك كلمات للمعطيات المصطلحية" في الوطن العربي، قبل انطلاق الإنترنت. ومن أبرز الأعمال العلمية التي اضطلع بها الراحل مشروع البحث الميداني في تونس والجزائر والمغرب لحصر الرصيد اللغوي لدى أطفال المغرب العربي الذي تمخض عنه "معجم الرصيد اللغوي"، وهو معجم يضم جميع الألفاظ العربية التي يمتلكها الأطفال المغاربيون قبل دخولهم المدرسة، بحيث يمكن إعداد مناهج التعليم ومعاجم الأطفال على أساس علمي.