كالعادة أتفقت قمة مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها أمس الجمعة على ألا تتفق، وارجأت البت بالخلافات المالية والتجارية في ما بين اعضائها إلى القمة القادمة المقرر عقدها في نيس (فرنسا) في الثالث والرابع من نوفمبر / تشرين الثاني من العام المقبل2011. واكتفت القمة التي طال انتظارها على أمل الهروب من حربا متوقعة للعملات في بيان اصدرته امس، بتحديد "ارشادات" مبهمة و غامضة لقياس الاختلالات بين اقتصاداتها المتفاوتة النمو، حيث الانقسامات العميقة بين أعضاء المجموعة أن قادتها لا يستطيعون الذهاب إلى أبعد مما اتفق عليه وزراء ماليتهم الشهر الماضي. وبدا البيان الختامي للقمة "دبلوماسيا" ولكن باتفاق واضح على عدم الاتفاق، حيث حاولت المجموعة أن تظهر كقوقة واحدة لكن الواقع بدا عكس ذلك، وذلك بسبب رفض الولاياتالمتحدة وال صين على الموافقة على أي إجراءات أو خطوات يمكن أن تضر بنموهما، مكتفين بالاتفاق على الامتناع عن أي "تخفيضات تنافسية" في أسعار عملاتها وعلى تشجيع أسعار صرف تلعب السوق دورا أكبر في تحديدها. وعن القمة المرتقبة في 2011 كلفت القمة رئيس الدورة المقبلة الفرنسي نيكولا ساركوزي، بترتيب الاولويات وجدول اعمال ولكنها لم تطلق له الصلاحية بل حددت له من خلال البيان الختامي "خارطة طريق" تضمنت ضرورة النظر باختلالات تدفقات رؤوس الاموال واسعار الصرف المخفضة اصطناعياً وحتى امكانات "تحديث النظام المالي الدولي". ومن جانبه تعهد ساركوزي، في مؤتمر صحافي، بعد تسلمه رئاسة المجموعة تعهد وضع دراسة وتوصيات لتحديث النظام المالي الدولي، مشددا على ضرورة تقويم العملات وفق مقاييس السوق وعدم التدخل في اسعار الصرف، مشيرا إلى مجموعة من الملفات يريد الدفع بها قدما خلال العام وهي: - إصلاح نظام النقد الدولي، الذي يأمل مناقشته بلا قيود. - الحد من تقلبات اسعار المواد الاولية، التي ادت الى اضطرابات اجتماعية سنة 2008 لا سيما في هايتي وافريقيا. - إصلاح مؤسسات الحوكمة العالمية (صندوق النقد الدولي وتوسيع عضوية مجلس الامن الدولي ليشمل كبرى الدول الناشئة بما فيها الافريقية). -اضفاء بُعد اخلاقيا على الراسمالية وفرض رقابة صارمة على ما يتقاضاه العاملون في القطاع المالي والبورصات والمراقبة الصارمة للملاذات الضريبية. والملاحظ لسياسات ومطالب ساركوزي خلال الفترة الماضية، يتضح له أن رئيس القمة القادمة سيضع "سعر الصرف" على رأس جدول أعمال القمة ؛ حيث تحدث مراراً عن الازمات التي تعرضت لها عملات 42 دولة مرتبطة بالدولار منذ 1990، وكذلك سيعيد ساركوزي احياء اقتراح اعتماد "حقوق السحب الخاصة" اساساً لاحتياطات الدول في صندوق النقد الدولي بدلاً من الدولار او سلة عملات، لمنع الازمات المالية الناشئة عن اختلالات اسعار الصرف. وكما سبق للرئيس الفرنسي وأن طالب خلال قمة المجموعة في واشنطن العام 2008، الى ضرورة تعديل اتفاقات "بريتن وودز 1944 " المالية، متحدثا عن وجود عملات أخرة قوية بجانب الدولار منها اليورو الأوروبي واليوان الصيني ، في إشار إلى ضرورة الأخذ بنظام "سلة العملات". وفي ختام قمة سول التي تعد "الخامسة" ، وكعادته "محبا للأضواء" استبق ساركوزي "قمة نيس" بعام كامل، متعهدا بقمة "واقعية، ومشددا على أن المشاريع التي تعتزم بلاده تنفيذها في قصر المهرجانات بمدينة كان بجنوب فرنسا، بهذه المناسبة "هائلة".