بعد قرار الفيفا تجميد عضويتها الكرة الكويتية تدخل النفق المظلم محيط - هيثم هلال يبدو أن أمجاد الكرة الكويتية التي صنعها باقتدار جيل السبعينات، وأكملها أبناء الثمانينات ستغدو أثراً بعد عين، إذ لم يكتفي القائمون عليها بانهيارها خلال حقبة التسعينات والذي استمر معها حتى يومنا هذا، وإنما انتظروا كلمة الفصل من الإتحاد الدولي للعبة (الفيفا) بتجميد نشاط اللعبة في البلاد على كافة المراحل السنية، وتعليق عضوية الاتحاد حتي إشعار أخر. وأتخذ الاتحاد الدولي قراره بايقاف المنتخبات الكويتية عن المشاركة في كافة الإستحقاقات التي ينظمها، بسبب تدخلات الهيئة العامة للشباب والرياضة في عمل الاتحاد، ومخالفة لائحة النظام الأساسي التي أقرتها اللجنة التنفيذية بالفيفا، وما قررته كذلك في وقت سابق مع الاتحاد الاسيوي بتعيين لجنة انتقالية لادارة شئون اللعبة في الكويت تكون مهمتها وضع لائحة النظام الأساسي للاتحاد بما يتوافق مع لوائح وقوانين الفيفا والاتحاد الأسيوي لكرة القدم. وامتد القرار ليشمل حرمان الاتحاد الكويتي من المخصصات المالية التي يحددها الفيفا للاتحادات الوطنية، إلى جانب الابتعاد عن المشاركة في المنافسات الدولية أو ادراج مبارياتها الودية على الأجندة الدولية للفيفا، وأيضاً الحرمان من تنظيم مباريات دولية على ملاعبها، وهو الأمر الذي سيعود بالكرة الكويتية خطوات إلى الخلف قد تعجز بعدها في حجز مكانها على خريطة كرة القدم العالمية. وأصبحت الأندية واللاعبين والحكام وكافة التابعين لكرة القدم الكويتية موقوفين عن ممارسة النشاط الدولي، وبالتالي ستبتعد الاندية الكويتية عن المشاركة في البطولات القارية، لتقضي علي البقية الباقية من بصيص الأمل في تحقيق تلك الاندية لقب خارجي يبقي كرة القدم الكويتية في الصورة، بعدما فقد الجميع الأمل في المنتخب الازرق. وتعود فصول القضية إلى شهر فبراير الماضي وبالتحديد في الحادي عشر منه، عندما أصدرت الهيئة العامة للشباب والرياضة في البلاد، قراراً بحل اتحاد كرة القدم بناء على استقالة عدد من الأعضاء، وتعيين لجنة مؤقتة لإدارة شئون الاتحاد. فقام الاتحاد الدولي بارسال وفداً رسمياً لتقصي الحقائق، واصدر توصيات بإعادة تشكيل اللجنة المكلفة بإدارة شئون الاتحاد، والتي استقال رئيسها سليمان العدساني، إثر دعوة سكرتير اتحاد الأنديةَ إلى اجتماع جمعية عمومية غير عادية أقرت تشكيل وفد من أندية التكتل برئاسة رئيس نادي القادسية الشيخ طلال الفهد للتباحث مع الفيفا بشأن تشكيل مجلس الإدارة. وعقب اجتماع الأندية مع ممثل الاتحاد الدولي، أصدر الفيفا قراره باقتصار عدد أعضاء مجلس الإدارة على خمسة أعضاء فقط، وتشكيل لجان مساندة للمجلس وهو ما يتنافى مع القوانين الصادرة عن مجلس الأمة والحكومة الكويتية، واعتبرته أطراف نيابية وشعبية تدخلاً في السيادة الكويتية، وقامت بإجراء انتخابات وفق القوانين أسفرت عن الاتحاد الحالي. ومن جانبه، أكد جون شوماخر المتحدث الرسمي باسم الفيفا في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الكويتية "كونا"، ان قرار ايقاف نشاطات الاتحاد الكويتي، صدر بتوصية مباشرة من لجنة العقوبات التابعة للفيفا، بسبب تدخلات الهيئة العامة للشباب والرياضة في الوضعيات التي أقرتها الفيفا، فيما يسمي بخريطة الطريق بالتنسيق مع الاتحاد الاسيوي لكرة القدم، والتي من شأنها ترتيب كرة القدم في البلاد. ووصف شوماخر الانتخابات التي أجريت في التاسع من اكتوبر الجاري لاختيار اعضاء الاتحاد الكويتي لكرة القدم، بأنها تمثل انتهاكاً واضحاً لقرار اللجنة التنفيذية التابعة للفيفا في مايو 2007. وأضاف المتحدث باسم الفيفا، أن القرار يشتمل على حرمان الكويت من المشاركة في المنافسات الدولية على كافة الأصعدة والمستويات، بالاضافة الي عدم مشاركتها في اجتماعات الفيفا وكافة المقررات المالية التي يخصصها الاتحاد الدولي. ولم يأخذ التدخل الحكومي بيد الكرة الكويتية نحو تصحيح مسارها واستعادة بريقها المفقود على كافة الاصعدة خليجيا وقاريا وبالتأكيد عالميا، وانما جاء وبالا عليها حتى أصبح المنتخب الأول على اعتاب الاستبعاد من التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم بجنوب أفريقيا 2010، والتي تخطي فيها "الأزرق" المرحلة الأولى بعد انسحاب منافسه منتخب بوتان. ويؤكد القرار أن المسئولين في الكويت لم يتعلموا من دروس الماضي بعد مرور 21 عاما، حيث أتخذ الاتحاد الدولي قرار مماثل في عام 1986 بإيقاف النشاط الكروي بالكويت، بسبب التدخل الحكومي الذي اتخذ قرار بحل الاتحاد المنتخب برئاسة الشهيد فهد الأحمد وتعيين مجلس إدارة جديد برئاسة عبدالعزيز المخلد واستمر عمل المجلس المعين عاما قبل انتخاب مجلس جديد. وفي إطار متصل، أكد مشلش العجمي أمين سر الاتحاد الكويتي أن مجلس ادارة الاتحاد سيعقد جلسة طارئة اليوم الثلاثاء لدراسة قرار الفيفا من كافة الجوانب وبحث كيفية عبور هذه الأزمة سريعاً بما لا يضر بمصلحة الكرة الكويتية. وأشار العجمي، الى أن الاتحاد سيقوم بإبلاغ جميع الجهت الرسمية والأندية الكويتية بالقرار الذي اتخذه الفيفا، من أجل توضيح الصورة لدي الجميع عن فحوى هذا القرار، مؤكداً أن الاتحاد سيكثف جهوده واتصالاته الخارجية مع المسئولين في الفيفا والاتحاد الاسيوي من أجل تقريب وجهات النظر. وفي المقابل وصفت الاوساط الرياضة الكويتية القرار بأنه مخطط يهدف لتدمير كرة القدم في الكويت لتصبح خارج عالم الكرة، حيث أكدت صحيفة "الجريدة الكويتية" أن هذا القرارا يشبه الجريمة المنظمة للقضاء على الكرة في البلاد، مشيرة الى أنه لم يشكل اي مفاجأة للمهتمين بالشأن الرياضي الكويتي بشكل عام والكرة الكويتية بشكل خاص. ووصف عماد الغرابلي عضو مجلس ادارة اتحاد كرة القدم ما حدث بأنه مهزلة بكل المقاييس، وأن تعليق نشاط الاتحاد يعد كارثة تسبب فيها الثلاثي صباح الخالد "وزير الشؤون الاجتماعية والعمل السابق" وطلال الفهد "رئيس نادي القادسية"، وفؤاد الفلاح "مدير الهيئة العامة للشباب والرياضة"، مشيرا الى ان مجلس الامة الآن أمام لحظة تاريخية وفاصلة ويجب عليه ان يستجوب اليوم رئيس الوزراء بعد أن قام الثلاثي بتنفيذ مخططهم باقتدار. فيما علقت صحيفة "الوطن الكويتية" علي القرار بأنه الاثنين الاسود في تاريخ كرة القدم الكويتية، وأشارت الي أن منتخب الصالات المشارك حالياً في دورة الألعاب الآسيوية في مكاو أول المتضررين بالقرار، بعد أن كان من المقرر أن يواجه منتخب طاجكستان اليوم، الي جانب الشك في امكانية مشاركة المنتخب الأول في دورة الألعاب العربية الحادية عشرة التي ستنطلق في مصر يوم 11 نوفمبر المقبل، بعد أن أصبحت الكرة الكويتية خارج المنظومة العالمية. جدير بالذكر، أن كرة القدم الكويتية التي احتكرت بطولة الخليج في سبعينات و ثمانينات القرن الماضي برصيد 6 ألقاب من أصل ثماني بطولات، أعوام 70، 72، 74، 76 ، 82، 86 ، وتوجت بكأس الأمم الاسيوية عن جدارة واستحقاق في عام 1980، وتأهلت الى نهائيات كأس العالم 1982 باسبانيا وحققت نتائج طيبة، عادت علي استحياء في التسعينات ولم تسجل حضور طيب في النهائيات الاسيوية وتوجت بلقب الخليج ثلاثة مرات أعوام 90، 96، 98، الا أنها بدأت الانهيار على كافة الاصعدة مع مطلع الالفية الجديدة فابتعدت عن منصة التتويج في بطولة الخليج، واصبحت مهددة في كثير من الاحيان بالابتعاد عن النهائيات القارية، وباتت انجازات الماضي ناصعة في سجلات التاريخ، ونكبات الحاضر وصمة في جبين الكرة الكويتية.