حزب المصريين: خطاب 3 يوليو نقطة تحول في تاريخ مصر الحديث    النواب يوافق على حالات انهاء العلاقة الإيجارية للوحدات بموجب قانون 96    تصاعد الانقسام السياسي في إسرائيل بشأن صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة    السائق أصيب و"الميت" سليم، انقلاب سيارة نقل موتى بداخلها جثة في نجع حمادي    بسبب التصريح.. توقيع الكشف الطبي على جثمان أحمد عامر داخل المسجد بالغربية    خالد الغندور: لو الأهلي كان فاز على مانشستر سيتي كنت أول واحد هيفرحلهم مع كل الزملكاوية    «البنك المركزي» يكشف طرق تقديم الشكاوى البنكية في خطوات سهلة    19 ألف طالب بالثانوية العامة ببنى سويف يؤدون امتحان مادتى الكيمياء والجغرافيا.. غدا الخميس    محافظ الفيوم يعتمد درجات تنسيق القبول بمدارس الثانوية العامة والدبلومات الفنية للعام الدراسي 2025/2026    عمدة هيروشيما: تصريحات ترامب لا تمت بصلة لواقع القنبلة الذرية    من الترشح إلى إعلان النتائج.. دليلك الكامل لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    الزمالك يقترب من الإعلان عن صفقة مهاجم فاركو    وزير الرياضة يلتقي رئيس الاتحاد الدولي للخماسى الحديث    اختتام فعاليات ورشة عمل الممارسات الزراعية الجيدة لمحصول القمح    استرداد 79 فدان من أراضي أملاك الدولة غير المستوفية لشروط التقنين بأرمنت    لإنقاذ الغرقى.. توزيع هيئة الإشراف والمنقذين على شواطئ مدينة العريش    ضبط 104 مخالفة تموينية والتحفظ على 3 أطنان دقيق بلدي بالفيوم    409 مشروع تخرج بختام العام الجامعي بكلية الألسن جامعة قناة السويس    ندوة أدبية ب«روض الفرج» تحتفي بسيد درويش شاعرًا    نائب وزير الصحة تبحث تعزيز دور الشراكة مع جامعة المنصورة    محافظ أسوان يتابع تشغيل منظومة التأمين الصحي الشامل    أطعمة تساعد على تحسين جودة النوم    وزير الأوقاف يبحث مع نظيره الفلبيني إصدار شهادات الحلال وتدريب الدعاة    "الزراعة" تستعرض تقريرا حول الجهود البحثية والخدمية والميدانية ل"بحوث الصحراء" خلال يونيو    الليلة بمهرجان فرق الأقاليم.. «القروي المتمدن» و«هاملت بالعربي» بروض الفرج والسامر    التعليم العالي تحدد قواعد قبول طلاب الثانوية العامة والأزهرية بالجامعات    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    محافظ الشرقية يتابع أعمال سحب تجمعات مياه الأمطار من شوارع الزقازيق    كامل الوزير يلتقي نائب رئيس الستوم لمتابعة آخر مستجدات الخط السادس للمترو    تفاصيل لقاء حزب الوعي وفدَ سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة    كواليس موت "دنيا" في سوهاج.. خلاف بين شقيقتين ينتهي بجريمة قتل على يد الأم    مصرع سيدة إفريقية صدمتها سيارة بالتجمع الأول    البورصة تواصل الصعود في منتصف تعاملات اليوم    مصدر ليلا كورة: عمر الساعي ينتقل إلى المصري على سبيل الإعارة    جمال عبدالحميد يهاجم إمام عاشور ويُعلق على رحيل زيزو    تامر حسني: "في عمر وسلمى 4 ليلى زاهر أمي وملك زاهر خالتي"    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    الإفتاء توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا.. مكروه أم جائز؟    المصرية للاتصالات تنتهي من عمليات الإنزال ومسارات العبور الخاصة بالكابل البحري SEA-ME-WE-6 في مصر    ترامب يهدد زهران ممداني بالاعتقال ويشكك في جنسيته.. والأخير يرد: هذا ترهيب سياسي    الجيش الإسرائيلي: القبض على خلية "إرهابية" تديرها إيران في جنوب سوريا    تكريم خاص من الزمالك.. عقد شيكابالا يُصرف بالكامل في حال الاعتزال    في 13 أسبوع عرض.. إيرادات سيكو سيكو تصل ل188 مليونا و423 ألف جنيه    عالم سعودي يكشف عن 4 مراتب لصيام عاشوراء: المرتبة الأولى الأفضل    «التضامن» تمنح دور الحضانة ترخيصًا موقتًا لمدة ستة أشهر لحين توفيق أوضاعها    إعلام الاحتلال عن مصدر: المقترح الجديد لا يتضمن تعهدا واضحا بإنهاء الحرب    تعرف على مكافآت لاعبى الهلال بعد التأهل التاريخى فى مونديال الأندية    تحتوي على مواد قابلة للاشتعال.. إزالة مخازن مخالفة تشكل خطراً على المواطنين بالجيزة    رئيس جامعة المنيا يفاجئ مستشفيات الجامعة بعد منتصف الليل للاطمئنان على انتظام العمل    رويترز: الجيش الإيراني أجرى استعدادات لزرع ألغام في مضيق هرمز    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    رسميا.. جدول مباريات ربع نهائي كأس العالم للأندية (كاملة)    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    "بوليتيكو": الولايات المتحدة توقف بعض شحنات الصواريخ والذخائر إلى أوكرانيا    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صور من الرعاية النبوية للطفولة
نشر في محيط يوم 04 - 06 - 2009

لا ريب أن الحياة الأسرية النبوية مثال ينبغي على كل مسلم ومسلمة الإقتداء بها وترسم آثارها ، ومن جوانب هذه الأسرة التي ينبغي دراستها وتفهمها جانب الرعاية النبوية للطفولة ، وهذا جانب جدير بأن يفرد بعشرات الحلقات ، وحيث أن ذلك لا يتيسر لنا لآن فإنني سأستعرض بعضاً من تلك الرعاية النبوية مع التنبيه على بعض الدروس والفوائد .
وفيما يتعلق بأولاد النبي صلى الله عليه وسلم الذي رزق بهم ، فمعلوم أنه صلى الله عليه وسلم رزق بسبعة ، أربع بنات ، وثلاثة ذكور ، البنات هن : زينب ورقية و أم كلثوم وفاطمة ، والأبناء هم : القاسم وعبد الله وإبراهيم . وكلهم من خديجة إلا إبراهيم فإنه من مارية القبطية، وكلهم ماتوا قبله إلا فاطمة ، فإنها عاشت بعده ستة أشهر.
ومن صور رعاية الطفولة في بيت النبوة ، ما رواه مسلم في صحيحه عن خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولد لي الليلة غلام ، فسميته باسم أبي إبراهيم ، ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين (أي حداد) يقال له أبو سيف ، (يعني أنه صلى الله عليه وسلم جعل تلك المرأة التي يقال لها أم سيف ترضع إبراهيم كما كانت عادة العرب في ذلك ) قال أنس : فانطلق يأتيه ، وابتعته ، فانتهينا إلى أبي سيف ، وهو ينفخ بكيره ، قد امتلأ البيت دخاناً (يعني من آثار الحدادة) قال أنس : فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا أبا سيف أمسك ، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمسك ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ، بالصبي فضمه إليه ، وقال ماشاء الله أن يقول " .
فدلّ هذه الحديث على كمال رأفة النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته ، فبرغم كونه إمام الأمة وقائدها فلم يشغله ذلك عن رعاية هذا الوليد الجديد ، وفي هذا تنبيه لأولئك الآباء والأمهات الذين يحرمون أبناءهم من عطفهم وحنانهم ويتشاغلون عنهم بالجري المستميت في جمع المال أو غير ذلك .
وها هو عليه الصلاة والسلام يقدم درساً عملياً لمثل هذا الصنف من الناس ، ذلكم ما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً ، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ، ما قبّلت منهم أحداً ، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : من لا يَرحم لا يُرحم" .
فهذا الرجل وهو الأقرع بن حابس وكان من سادة العرب أسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه كان يظن أن مقام الرجولة والسيادة يفرض على صاحبه عدم التأثر بالعاطفة ، وأن يكون منقبضاً عن إظهاره أثر تلك العاطفة أمام الناس ، فاستنكر تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم للحسن رضي الله عنه ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن له أن تقبيل الأطفال والحنو عليهم ، والشفقة بهم ، مظهر من مظاهر الرحمة التي يستحق صاحبها رحمة الله جل وعلا ، كما قال عليه الصلاة : " الراحمون يرحمهم الله ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء " .
ومن صور الرعاية النبوية للطفولة : ما رواه البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي (وذاك ليحنكه، كما في رواية) فبال على ثوبه ، فدعا بماء فأتبعه إياه .
وروى البخاري أيضاً عن أم قيس بنت محصن رضي الله عنها أنها أتت بابن لها صغير ، لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ، فبال على ثوبه ، فدعا بماء فنضحه ، ولم يغسله .
ففي هذه الحديثين أن هذين الصبيين أتى بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان المسلمون يأتون بصبيانهم إليه صلى الله عليه وسلم ليحنكهم وليدعو لهم لطلب بركته صلى الله عليه وسلم وحيث إن الصبي صغير لا يعقل ، فربما بال بعض أولئك الصبيان على ثياب النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان الواحد منهم في حجره صلى الله عليه وسلم ، فكان عليه الصلاة والسلام لا يأنف لذلك ولا يغضب ، وكان هديه أن يرش ذلك البول بالماء .
وفي هذه الحديثين عدد من المسائل والفوائد منها :
بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التواضع وطيب المعشر ، ورحمته بالصغار ومراعاة خواطر أهليهم إذا صدر من أولئك الصغار ما يكره ، فإن ذلك الصبي لما بال على ملابس النبي صلى الله عليه وسلم لم يظهر كراهة ذلك ، بل شرع للناس ما ينبغي لهم في مثل هذه الحال ، ولو أن صبياً بال على الفراش لا على ملابس الأب أو الأم لسمعت دعوات الموت أن تنزل به ، أو أن يتخطفه الجن أو يحل به مرض أو عاهة .
وهذا يقع من كثير من الناس وخاصة الأمهات وهذا خلاف الهدي النبوي ، وقد قال صلى الله عليه وسلم " لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم ولا توفقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم "
ومن المسائل التي دلّ عليها الحديث المذكور آنفاً استحباب تحنيك الطفل الوليد ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله والتحنيك : مضغ الشيء ووضعه في فم الصبي، ودلك حنكه به ، يصنع ذلك بالصبي ليتمرن على الأكل ويقوى عليه ، وينبغي عند التحنيك أن يفتح فاه ، حتى ينزل (المحنك به إلى)جوفه ، وأولاه التمر ، فإن لم يتيسر تمرّ فرطب ، وإلا فشيء حلو ، وعسل النحل أولى من غيره ، ثم ما لم تمسّه النار ، كما في نظيره مما يفطر الصائم عليه أ .ه
ومن أدلة سنة التحنيك ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيبرّك عليهم ويحنكهم ، فدل ذلك على أن التحنيك سنة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم بحيث يقوم به الوالدان أو غيرهما ، لكن لا يطلب ذلك من العلماء أو الصالحين أو غيرهم لأجل التبرك بهم ، لأن طلب ذلك من الغير لأجل البركة خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث جعل الله البركة في ريقه وعرقه صلى الله عليه وسلم (من إفادات سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز) .
ومن المسائل التي دلّ عليها الحديثان المذكوران ، أن الصبي الذكر إذا كان لا يأكل الطعام أي أنه لا يزال يعتمد في طعامه على الحليب فقد خففت نجاسة بوله وذلك بأن يكتفي بامرار الماء عليه كما في النجاسات الأخرى ، ولهذه المسألة تفصيلات محلها كتب الفقه .
وها هو موقف آخر وصفحة مضيئة من بيت النبوة في العناية بالأطفال وتلبية نزعاتهم الفطرية من محبة العبث واللعب أو التعلق بأشخاص ونحو ذلك ، يبين هذا موقف طريف لأمامة بنت أبي العاص بن الربيع ، حفيدته ، بنت بنته زينب ، فقد روى أبو قتاده رضي الله عنه قال : بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة في الظهر أو العصر ، وقد دعاه بلال للصلاة ،إذ خرج علينا وأمامة بنت أبي العاص بنت ابنته على عنقه ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلاه ، وقمنا خلفه ، وهي في مكانها الذي هي فيه ، قال : فكبرا فكبرنا ، قال حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع أخذها فوضعها ، ثم ركع وسجد ، حتى إذا فرغ من سجوده ثم قام ، أخذها فردها في مكانها ، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بها ذلك في كل ركعة ، حتى فرغ من صلاته ، هذه إحدى روايات أبي داود في سننه ، وأصله في صحيحي البخاري ومسلم بسياق أقصر من هذا ، وكأن أمامة الطفلة الصغيرة عليها السلام قد تعلقت بأبيها صلى الله عليها وسلم حتى ألحت بأن تخرج معه للصلاة ، ولو تركها لبكت لذلك ، فخرج بها عليه الصلاة والسلام وصلى بالمسلمين وهو يحملها على عاتقه الشريف ، فإذا سجد وضعها ، ثم يعيدها إذا قام ، قال الإمام الحافظ النووي رحمه الله عن فعله صلى الله عليه وسلم ذلك أنه جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين وذكر من فوائده : جواز حمل الصبيان في الصلاة وأن ثيابهم وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتحقق نجاستها ، وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة وأن الأفعال إذا تعددت ولم تتوال ، بل تفرقت لا تبطل الصلاة ، وفيه تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وشفقته على الأطفال وإكرامه لهم جبراً لهم ولوالديهم . أ .ه ملخصاً .
وينبه هنا إلى أن الحكم بجواز حمل الصبيان في الصلاة لا يعني أن يكون من عادة الأب أن يأتي بأبنائه للمسجد وهم غير مميزين أو هم يُحدثون الفوضى أو هم لا يوُجهون ولا يقبلون التوجية ، بل ينبغي أن يُحرص على توجيه الأطفال عند حضورهم للمسجد إلى ما ينبغي وكل ذلك باللطف واللين .
المصدر: مقال للشيخ خالد الشايع-مجلة الدعوة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.