عبودة يكشف تفاصيل إطلاق مرصد الأزهر معسكرًا تعليمياً بمدينة الطور بسيناء    رئيس الوزراء: الأعاصير الإقليمية تكشف حكمة الرئيس السيسي    رضا هلال يكتب: الصحفي بين الماضي والحاضر    موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للموظفين والأشهر المتبقية بعد بيان المالية    هالة العيسوي تكتب: جرائم الاحتلال لن تتوقف    أحمد موسى: كل ما يفعله نتنياهو اليوم سيكون له رد فعل    الأهلي يعلن تفاصيل إصابة زيزو    عبداللطيف: 10 آلاف مدرسة خضعت للتجديدات الداخلية والصيانة استعدادًا للعام الدراسي الجديد    فى الأقصر .. الإعدام ل4 متهمين لاتهامهم بمقاومة السلطات وحيازة مخدرات    مهرجان القاهرة السينمائي ينعي الفنان العالمي روبرت ريدفورد    عودة «هند» من «بيت يكن»    الجرائم الأسرية دخيلة على المجتمع المصرى    ماريا كاري تخطف الأنظار بإطلالتها ومجوهراتها الفاخرة في حفل أم أي 2025    6 خطوات طبيعية لخفض الكولسترول بدون أدوية    كم يحتاج جسمك من البروتين يوميًا؟    23 سبتمبر ..فيفا يُخطر بيراميدز بموعد مواجهة الأهلي السعودي    رونالدو خارج قائمة مباراة النصر و استقلال دوشنبه ضمن منافسات الجولة الأولى من بطولة دوري أبطال آسيا للنخبة    الأهلي يعلن ترتيبات خاصة لأعضاء الجمعية العمومية    البحيرة تنفذ 10 مشروعات تعليمية بتكلفة 300 مليون جنيه في ذكرى عيدها القومي    لأول مرة.. رئيس الوزراء يكشف عن رؤية الدولة لتطوير وسط البلد    فسحة تحولت لكارثة.. إصابة سيدتين في حادث دراجة مائية بشاطئ رأس البر    شن حملات تفتيشية على المستشفيات للوقوف على التخلص الآمن من المخلفات في مرسى مطروح    مصر تلزم شركات البترول الأجنبية بخمسة تعليمات لتقنين أوضاعها الضريبية (خاص)    دعمًا لذوي الهمم بسوهاج.. إطلاق مشروعين رائدين بالشراكة مع وزارة العمل وجهاز شؤون البيئة    سفن التغييز .. بُعد استراتيجي للاستمرار في تأمين إمدادات الغاز    ترامب يعلن التوصل إلى اتفاق مع الصين بشأن "تيك توك"    سعد لمجرد يطرح "شبه دماغي" باللهجة المصرية.. تعاون جديد مع طعيمة والشافعي    عمرو عبدالله يقدم ماستر كلاس عن فلسفة السينوغرافيا في مهرجان الإسكندرية المسرحي (صور)    أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي «حرام شرعًا».. ويدخل تحت بند الغش والخداع    أمين الفتوى يوضح الجدل القائم حول حكم طهارة الكلاب    وزير الخارجية يُتابع التحضيرات الجارية للنسخة الخامسة لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة    بعد صعودها لأعلى مستوى في 14 عامًا.. كيف تستثمر في الفضة؟    شاهد تخريج الدفعة 7 من المدرسة القرآنية فى سوهاج    الشيخ خالد الجندى: أبو هريرة كان أكثر الصحابة رواية للسنة النبوية    جماهير مارسيليا ترفع علم فلسطين وتدعم غزة ضد حرب الإبادة قبل مباراة الريال    مراسل "القاهرة الإخبارية" من النصيرات: غزة تباد.. ونزوح جماعى وسط وضع كارثى    "حياة كريمة" تنظم قافلة طبية شاملة لخدمة أهالي القنطرة غرب بالإسماعيلية    افتتاح المؤتمر السابع للشراكة من أجل المبادرات الدولية للقاحات (PIVI) فى القاهرة    طريقة تجديد بطاقة الرقم القومي إلكترونيًا 2025    أمل غريب تكتب: المخابرات العامة المصرية حصن الأمن القومي والعربى    رئيس هيئة النيابة الإدارية يلتقي معاوني النيابة الجدد    برشلونة يعلن مواجهة خيتافي على ملعب يوهان كرويف    8 صور ترصد استقبال زوجه وأبناء حسام حسن له بعد مباراة بوركينا فاسو    إيقاف حركة القطارات الصيفية على خط القاهرة – مرسى مطروح    هتوفرلك في ساندويتشات المدرسة، طريقة عمل الجبن المثلثات    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    الأرصاد: انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. وبدء الخريف رسميا الإثنين المقبل    وزيرة الخارجية البريطانية: الهجوم الإسرائيلي على غزة متهور    مهرجان الجونة السينمائي يمنح منة شلبي جائزة الإنجاز الإبداعي في دورته الثامنة    وزير التعليم: المناهج الجديدة متناسبة مع عقلية الطالب.. ولأول مرة هذا العام اشترك المعلمون في وضع المناهج    99.1% لفني صحي طنطا.. نتيجة تنسيق الثانوية التجارية 3 سنوات كاملة    الغلق لمدة أسبوع كامل.. بدء تطوير نفق السمك بشبين الكوم -صور    بالصور.. محافظ أسوان يتفقد مدارس فى كوم أمبو    "أحدهم سيرحل".. شوبير يكشف تفاصيل جلسة مصارحة لاعبي الأهلي بسبب العقود    أمين الفتوى: الشكر ليس مجرد قول باللسان بل عمل بالقلب والجوارح    بلدية غزة: اقتراب موسم الأمطار يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية بالمدينة    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هديه في المشورة
نشر في محيط يوم 04 - 04 - 2009

الإسلام في شريعته المنزّلة ومنهجه المرسوم عقدٌ تنتظم فيه صور الكمال في المقاصد ، والسمو في المباديء ، والإحكام في القواعد ، وما مبدأ الشورى إلا صورة من صور هذا الكمال ، فمن خلاله تُبسط الآراء وتناقش القضايا ، بين النُخبة من أفراد الأمة ، لتقرير ما يرتّب شؤون الحياة ويحفظ توازن المجتمع .
والشورى هي نظامٌ اجتماعي ، وأصلٌ من أصول الحكم ، يسعى لتلبية حاجات الناس المتجدّدة وحلّ مشكلاتهم المختلفة ، بإشراك أرباب العقول وذوي الأفهام في الفكر والرأي .
وتظهر مكانة الشورى في الإسلام من خلال اقترانها بأوصاف المؤمنين الصادقين في قوله تعالى : { والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم } ( الشورى : 38 ) ، يقول الإمام الجصاص : " هذا يدل على جلالة موقع المشورة لذكرها مع الإيمان وإقامة الصلاة " ، علاوةً على كونها السبيل لاستقرار الأسرة المسلمة وائتلافها ، قال تعالى : { فإن أرادا فصالاً عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما } ( البقرة : 233) .
ثم إن الله سبحانه وتعالى أمر نبيّه بمشاورة أصحابه بالرغم من استغنائه عن آرائهم ، فقد تكفّل الله بإرشاده وتوجيهه ، ولكنّه إرشادٌ للأمة بضرورة العمل بهذا المبدأ ، قال تعالى : { وشاورهم في الأمر } ( آل عمران : 159 ) .
فكان – صلى الله عليه وسلم – أكثر الناس مشورة في أحواله كلّها ، في السلم والحرم ، وأمور الخاصّة والعامة ، حتى شهد أصحابه بذلك .
ففي أمور الحرب ، تبرز مواقف النبي – صلى الله عليه وسلم – التي شاور أصحابه فيها ، ابتداء بغزوة بدر ، حيث شاورهم فيها حول الخروج لملاقاة العدو ، واختيار المكان الذي ينزلون فيه ، وفي شأن الأسرى وكيفيّة التعامل معهم .
وفي غزوة أحد ، استشار النبي – صلى الله عليه وسلم – في اختيار المكان الذي يحارب منه المسلمون ، ونزل على رأي من أراد الخروج ، كما أخذ عليه الصلاة والسلام بمشورة صاحبيه بعد المعركة في ملاحقة فلول قريش ومطاردتها .
وعندما أشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بفكرة بناء الخندق ، استحسن النبي – صلى الله عليه وسلم – فكرته وأمر بتنفيذها ، فكانت سبباً رئيسياً من أسباب النصر في تلك الغزوة.
وكثيراً ما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يأخذ بمشورة أصحابه حتى وإن خالفت رأيه ، فقد نزل على رأي سعد بن معاذ وسعد بن عبادة رضي الله عنهما في عدم إعطاء ثمار المدينة لغطفان ، وأخذ بمشورة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بقصد المسجد الحرام لأداء العمرة وترك قتال قريش يوم الحديبية ، ومشورة الحباب بن المنذر رضي الله عنه في اختيار معسكر المسلمين في غزوة الطائف ، ورأي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عدم ملاحقة جيش الروم في أرض الشام وضرورة العودة إلى المدينة ، ومنع الصحابة من نحر الإبل حينما اشتدّ بهم الجوع ، وغير ذلك من المواقف الكثيرة التي ذكرها علماء السيرة .
وبعيداً عن شؤون الحرب ، فقد وردت في السيرة النبوية مجموعة من القضايا استشار فيها النبي – صلى الله عليه وسلم – الآخرين واستمع إلى آرائهم ، ففي يوم الإسراء والمعراج شاور عليه الصلاة والسلام جبريل في تخفيف الصلاة ، وشاور كلاً من علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد رضي الله عنهما في قضيّة الإفك ، وشاور الناس في كيفيّة التعامل مع من آذاه في عرضه الشريف ، وفي غزوة الحديبية نزل عند رأي زوجته أم سلمة رضي الله عنها بمباشرة النحر وحلق الشعر بنفسه عندما تثاقل الناس عن فعل ذلك .
وعند استعراض مبدأ الشورى في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم - ، نجد أن لها مجالاً معيّناً ونطاقاً محدّداً لا تتعدّاه ، وهي الأمور التي لم يرد فيها نصٌّ شرعيٌّ من الكتاب والسنّة ، وأما ما ورد فيه نصٌّ فليس أمام المسلم سوى القبول والتسليم ، ولا سبيل إلى تعطيله أو معارضته ، وإنما تكون الشورى في البحث عن كيفيّة تنفيذه بما يتوافق مع أصول الإسلام وقواعده ، وبما يراعي مقتضى الظروف المحيطة وواقع الحال .
وللشورى في حياة الصحابة رضوان الله عليهم مكانةٌ عظيمة ، فقد كانوا حريصين أشدّ الحرص على معرفة رأي النبي – صلى الله عليه وسلم – في مختلف القضايا ليأخذوا به ، فمن ذلك استشارة أبي هيثم رضي الله عنه للنبي – صلى الله عليه وسلم – في اختيار خادمه من السبي ، رواه الترمذي ، واستشارة فاطمة بنت قيس رضي الله عنها للنبي عليه الصلاة والسلام فيمن تقدّم لخطبتها ، فأشار لها بقبول أسامة رضي الله عنه ، فكان زواجها منه سبباً في سعادتها وحلول البركة في بيتها ، رواه مسلم .
وعن معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه أن والده جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا رسول الله ، أردت أن أغزو ، وقد جئت أستشيرك " ، فقال له : ( هل لك من أم ؟ ) ، قال : نعم ، فقال له : ( فالزمها فإن الجنة تحت رجليها ) رواه النسائي .
ومن بعد عصر النبوّة أرسى الصحابة رضوان الله عليهم مبدأ الشورى منذ اللحظة الأولى ، فما كان اختيار خليفة المسلمين يوم السقيفة إلا نتاج المشورة بينهم ، ولا إنفاق أموال الفتوحات الإسلامية على الدولة في عهد الخليفة عمر رضي الله عنه إلا بمشورة أصحابه ، وبذلك صارت الشورى ركيزة أساسية في حياتهم .
وعندما نعود إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم : ( إن المستشار مؤتمن ) رواه الترمذي ، أدركنا ضرورة الصدق والإخلاص في المشورة ليتحقّق المقصود منها ، وفي هذا المعنى يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- : ( من استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ) رواه أحمد .
وهكذا أصبحت المباديء التي قرّرها النبي – صلى الله عليه وسلم – دستوراً للبشريّة ، ومنهاجاً للإنسانيّة ، وعنواناً للأمم الراقية على مرّ العصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.