فتح مكة

عرف عن حسان بن ثابت حبه للإسلام ودفاعه عنه ليس من خلال
السيف ولكن من خلال الأبيات الشعرية، ونذكر هنا إحدى القصائد التي قالها شاعر الإسلام حسان بن ثابت - أشهر الشعراء المخضرمين - في فتح مكة، هذه الغزوة التي قام الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بالتوجه فيها على رأس جيش من المسلمين، لفتح مكة في العام الثامن للهجرة، ومحاربة المشركين من قريش والقضاء على قوتهم وذلك نظراً لنقضهم لصلح الحديبية، وإغارتهم على قبيلة خزاعة الموالية للمسلمين.
والقصيدة هي
عَفَت ذاتُ الأَصابِعِ فَالجِواءُ
إِلى عَذراءَ مَنزِلُها خَلاءُ
دِيارٌ مِن بَني الحَسحاسِ قَفرٌ
تُعَفّيها الرَوامِسُ وَالسَماءُ
وَكانَت لا يَزالُ بِها iiأَنيسٌ
خِلالَ مُروجَها نَعَمٌ iiوَشاءُ
فَدَع هَذا وَلَكِن مَن iiلَطيفٍ
يُؤَرِّقُني إِذا ذَهَبَ العِشاءُ
لِشَعثاءَ الَّتي قَد تَيَّمَتهُ
فَلَيسَ لِقَلبِهِ مِنها iiشِفاءُ
كَأَنَّ خَبيأَةٍ مِن بَيتِ iiرَأسٍ
يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ iiوَماءُ
عَلى أَنيابِها أَو طَعمُ غَصٍّ
مِنَ التُفّاحِ هَصَّرَهُ iiاِجتِناءُ
إِذا ما الأَشرِباتُ ذُكِرنَ iiيَوماً
فَهُنَّ لِطَيِّبِ الراحِ الفِداءُ
نُوَلّيها المَلامَةَ إِن iiأَلَمنا
إِذا ما كانَ مَغثٌ أَو iiلِحاءُ
وَنَشرَبُها فَتَترُكُنا iiمُلوكاً
وَأُسداً ما يُنَهنِهُنا iiاللِقاءُ
عَدِمنا خَيلَنا إِن لَم iiتَرَوها
تُثيرُ النَقعَ مَوعِدُها iiكَداءُ
يُبارينَ الأَسِنَّةِ iiمُصغِياتٍ
عَلى أَكتافِها الأَسَلُ الظِماءُ
تَظَلُّ جِيادُنا iiمُتَمَطِّراتٍ
تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ iiالنِساءُ
فَإِمّا تُعرِضوا عَنّا iiاِعتَمَرنا
وَكانَ الفَتحُ وَاِنكَشَفَ الغِطاءُ
وَإِلّا فَاِصبِروا لِجَلادِ يَومٍ
يُعينُ اللَهُ فيهِ مَن iiيَشاءُ
وَقالَ اللَهُ قَد يَسَّرتُ جُنداً
هُمُ الأَنصارُ عُرضَتُها iiاللِقاءُ
لَنا في كُلِّ يَومٍ مِن iiمَعَدٍّ
قِتالٌ أَو سِبابٌ أَو هِجاءُ
فَنُحكِمُ بِالقَوافي مَن iiهَجانا
وَنَضرِبُ حينَ تَختَلِطُ iiالدِماءُ
وَقالَ اللَهُ قَد أَرسَلتُ iiعَبداً
يَقولُ الحَقَّ إِن نَفَعَ iiالبَلاءُ
شَهِدتُ بِهِ وَقَومي iiصَدَّقوهُ
فَقُلتُم ما نُجيبُ وَما iiنَشاءُ
وَجِبريلٌ أَمينُ اللَهِ iiفينا
وَروحُ القُدسِ لَيسَ لَهُ iiكِفاءُ
أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي
فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ iiهَواءُ
هَجَوتَ مُحَمَّداً فَأَجَبتُ iiعَنهُ
وَعِندَ اللَهِ في ذاكَ iiالجَزاءُ
أَتَهجوهُ وَلَستَ لَهُ iiبِكُفءٍ
فَشَرُّكُما لِخَيرِكُما الفِداءُ
هَجَوتَ مُبارَكاً بَرّاً حَنيفاً
أَمينَ اللَهِ شيمَتُهُ iiالوَفاءُ
فَمَن يَهجو رَسولَ اللَهِ iiمِنكُم
وَيَمدَحُهُ وَيَنصُرُهُ سَواءُ
فَإِنَّ أَبي وَوالِدَهُ وَعِرضي
لِعِرضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقاءُ
فَإِمّا تَثقَفَنَّ بَنو iiلُؤَيٍّ
جَذيمَةَ إِنَّ قَتلَهُمُ iiشِفاءُ
أولَئِكَ مَعشَرٌ نَصَروا عَلَينا
فَفي أَظفارِنا مِنهُم iiدِماءُ
وَحِلفُ الحَرِثِ اِبنِ أَبي ضِرارٍ
وَحِلفُ قُرَيظَةٍ مِنّا iiبُراءُ
لِساني صارِمٌ لا عَيبَ فيهِ
وَبَحري لا تُكَدِّرُهُ iiالدِلاءُ