في احتفالات العام الجديد.. العالم ينهي الأزمة ويعاود نشاطه محيط - سالي العوضي
على الرغم من ظهور العديد من المؤشرات الإيجابية التي تشير إلى قرب عودة النشاط الاقتصادي العالمي، والتى اعتبرت عام 2011 هو البداية الفعلية والحقيقية للخروج من أكبر أزمة مالية مرت على العالم، إلا أنه من اقتراب العام الجديد يقف العالم صامتاً خوفاً من استمرار تداعيات الأزمة ، واندلاع أزمات جديدة أخري جراء الأزمة التى ظهرت مؤخراً في منطقة اليورو والمتعلقة الديون السيادية .
وحدد تقرير صادر عن وحدة البحوث والدراسات والتقارير في بنك بوبيان أبرز الملامح الاقتصادية للعام المقبل، معتبراً أن عام 2011 هو البداية الفعلية والحقيقية للخروج من أكبر أزمة مالية، مشيراً إلى أنه عام 2011 سيكون هو التحول إلى اكتمال التعافي الاقتصادي بشكل كامل اذا لم يكن هناك معلومات تم اخفاؤها والتي قد تؤدي إلى مفاجآت غير متوقعة.
وأوضح أن هناك العديد من المؤشرات الايجابية التي تشير الى قرب عودة النشاط الاقتصادي العالمي الى سابق عهده قبل الازمة أو حتى أفضل لاسيما مع اضافة الخبرات التراكمية لدى الاقتصاديين التي ستنعكس بشل ايجابي على الاداء العام.
وعدد التقرير الذي أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا" المؤشرات الايجابية لاستمرار النمو والتعافي الاقتصادي في العام المقبل كاعلان الولاياتالمتحدة الاخير عن ارتفاع في الاستهلاك خلال الاشهر الاخيرة من العام الحالي 2010، إضافة إلى المؤشرات الايجابية لثقة المستهلكين الامريكيين، فضلاً عن تضاعف النمو في الناتج الاجمالي العالمي في العام الحالي الذي قفز من -2% في عام 2009 إلى 3.6% خلال العام الحالي 2010.
وأشار إلى أن نهاية الأزمة ترتسم في الافق مستدلا على ذلك بمعدلات الانتاج العالمي واسعار الطاقة وارقام المؤشرات الاقتصادية الاخرى التي عادت جميعها تقريباً إلى معدلات ما قبل الازمة لا سيما في دول الاسيان واقتصادات الأسواق الناشئة.
أزمة أيرلندا واعتبر التقرير ان منطقة اليورو تشكل نقطة الخطر في العالم، حيث يحذر التقرير من الافراط في التفاؤل بسبب الهزات التي شهدتها منطقة اليورو بفعل الديون السيادية التي من الممكن ان تنتشر لدول أخرى غير اليونان وايرلندا، مشيراً إلى تذمر الكثير من الدول التي ارغمت على تقديم المساعدة للحفاظ على كيان منطقة اليورو مثل المانيا وهولندا.
وأكد التقرير على أن تعافي الاقتصاد العالمي بدأ بالفعل خلال العام الحالي وسيستمر الاداء الجيد خلال العام المقبل، موضحاً أن التعافي الاقتصادي سيكون بشكل متفاوت بين الدول، حيث ستكون درجة التعافي مختلفة بين الدول.
أسباب الأزمة العالمية
أكدت دراسة صادرة عن المنتدى الاقتصاد العالمي "دافوس" أن الأزمة المالية التي ضربت الاقتصاد العالمي خلال عام 2009 وتسببت في مشكلات مالية وتعثرات للشركات والأفراد على حد السواء، ترجع في المقام الأول إلى أزمة أخلاقيات وقيم.
وذكرت الدراسة الصادرة بعنوان "الإيمان في الأجندة الدولية" أن ثلثي المشاركين في استطلاع للرأي ضمن 130 ألف شخص يرون أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية تعود إلى أزمة أخلاقيات. في المقابل يعتقد 50% من المشاركين في استطلاع الرأي والذين ينحدرون من دول مجموعة العشرين في وجود قيم عالمية مشتركة.
دافوس ويرى معدو تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي أن تلك النتائج تعكس عدم ثقة في القيم السارية في عالم المال والأعمال، حيث يعتقد 25% فقط من المشاركين في استطلاع الرأي أن هناك شركات تعتمد مبادئ وقيم في أعمالها في حين يرى 40% منهم أن الشركات الصغرى والمتوسطة فقط هي التي تعتمد القيم والمبادئ في أعمالها.
في حين أعرب ثلثي المشاركين في الدراسة عن ثقتهم بأن الناس لا يطبقون قيم الحياة الخاصة في الحياة العملية.
وفي سؤال حول أفضل القيم التي يمكن تطبيقها في النظم السياسية والاقتصادية وجد 40% من المشاركين أن الجدية والشفافية في التعامل هي الأهم بينما رأى 24% أن الحقوق والعدالة وحرية التعبير عن الرأي هي الأجدر بالاحترام.
دول الخليج وآثار الأزمة
وأكد تقرير لمصرف الإمارات الصناعي حول "الاقتصادات الخليجية ما بعد الأزمة" أنه مثلما تفاوتت حدة تأثيرات الأزمة المالية على الاقتصادات العالمية، فقد تفاوتت سرعة خروج الاقتصادات الخليجية وتعافيها من تداعيات هذه الأزمة التي لم يرَ العالم مثيلاً لها منذ أكثر من 80 عاماً.
وذكر المصرف أن عملية تشخيص التأثر من جراء الأزمة ومؤشرات الخروج منها تعتمد على تحليل العديد من البيانات والدلائل التي ترسم صورة عامة لهذه الاقتصادات ونموها في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الدول الخليجية ستتعافى تماماً من آثار الأزمة المالية العالمية خلال العامين المقبلين.
وأضاف التقرير أن معظم المراقبين وكذلك المنظمات الدولية ذات العلاقة بالتنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى الهيئات الرسمية والخاصة في دول المجلس، تتفق على أن دول الخليج العربي كانت الأقل تأثراً بالأزمة، كما انها كانت في مقدمة بلدان العالم التي استطاعت الخروج منها في زمن قياسي نسبياً.
وأشار تقرير "الإمارات الصناعي" إلى متوسط النمو في دول المجلس خلال عامي 2009 و2010 والتوقعات الخاصة بعام 2011، حيث انخفض متوسط معدل النمو في عام 2009 مقارنة بعام 2008 ليبلغ 0.4% فقط، علماً بأن متوسط هذه النسبة يجمع بين معدلات النمو السالبة في ثلاث دول ومعدلات النمو الإيجابية في البلدان الثلاث الأخرى.
أما في عام 2010، فإنه يتوقع أن تحقق كافة دول المجلس معدلات نمو إيجابية تتراوح ما بين 2.3% في الكويت و16% في قطر، ليبلغ متوسط دول المجلس للعام الحالي 5.4%، وذلك وفق بيانات وزارات الاقتصاد والمالية في دول المجلس، وبيانات صندوق النقد الدولي.
وبصورة تفصيلية، فإن نسب النمو بدول مجلس التعاون الخليجي لعام 2010 و2011 تشير إلى أن دول المجلس ستحقق في العام القادم متوسط نمو يبلغ 6.6% وهي واحدة من أعلى معدلات النمو في العالم، مما أدى إلى إدراج دول المجلس ضمن الاقتصادات الناشئة.
وأوضح التقرير أن توافر هذه المؤشرات الإيجابية، لا يعني أن دول المجلس تجاوزت بصورة تامة تداعيات الأزمة المالية العالمية، إذ مازال هناك بعض الإجراءات الواجب اتخاذها لتنشيط الأوضاع الاقتصادية، وبالأخص تلك القطاعات التي تأثرت بشدة من جراء هذه الأزمة، كالقطاع العقاري.
وقال تقرير مصرف الإمارات الصناعي إنه بشكل عام لا يبدو أن معالجة هذه التداعيات ستكون سهلة، بل ستطلب جهوداً مضاعفة ووقتا طويلا نسبياً، مشيرًا إلى أن بعض هذه الصعوبات ترتبط باختلال معادلة العرض والطلب في بعض الأسواق الخليجية، فيما يتعلق بأنشطة بعض القطاعات الاقتصادية في حين يرتبط البعض الآخر من هذه الصعوبات بأوضاع الاقتصاد العالمي وتذبذبه خلال الفترة القادمة، وكذلك بارتفاع أسعار العديد من السلع، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم المستورد في دول مجلس التعاون الخليجي.
وضمن العوامل الداخلية تشكل مخصصات القروض المتعثرة مأزقاً حقيقياً للبنوك الخليجية، والتي تأثرت أرباحها في هذا العام بسبب هذه المخصصات الكبيرة التي اعتمدت لتغطية جزء من القروض والالتزامات المالية التي ترتبت على الصعوبات التي تعاني منها بعض الشركات الخليجية.
وأضاف، في كل الأحوال، فإن دول المجلس تملك الإمكانيات والقدرات المالية التي تتيح لها تجاوز ما تبقى من تداعيات الأزمة، وذلك من خلال إعادة هيكلة أنشطة بعض القطاعات، كالقطاع العقاري وتقديم المزيد من التسهيلات للبنوك والمؤسسات المالية المتأثرة من القروض المتعثرة بالإضافة إلى زيادة الإنفاق الحكومي ولاسيما في مشاريع البنية الأساسية.
الأزمة وانعكاساتها على النفط
أعلنت منظمة الدول العربية المصدّرة للبترول "أوابك "، أن انخفاض أسعار النفط نتيجة أزمة المال العالمية، أدى إلى تراجع قيمة صادرات الدول العربية من النفط الخام بالأسعار الجارية من 624 مليار دولار خلال عام 2008 إلى نحو 378 مليارا العام الماضي أي بانخفاض نسبته حوالي 40%.
وأشار الباحث الاقتصادي في "اوابك" الطاهر الزيتوني، في محاضرة بعنوان "انعكاس الأزمة المالية على أسواق النفط العالمية وتداعياتها على الاقتصاد العربي" ألقاها في دمشق، إلى أن الأزمة "أفضت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي والتدهور السريع في الأسواق المالية والتراجع الحاد في الإنتاج الصناعي وتجارة البضائع، وتدهور مبيعات السلع الاستهلاكية والمعمرة، وازدياد الضبابية وعدم الثقة في الرؤية المستقبلية للاقتصاد العالمي".
وأوضح أن قيمة الصادرات الشهرية من النفط الخام للدول العربية انخفضت منذ أغسطس/ آب من عام 2008 وذلك من 74.5 مليار دولار إلى 21 ملياراً في فبراير/ شباط من العام الماضي، كما تراجعت العائدات ربع السنوية من 91 مليار دولار، عندما بلغ متوسط سعر البرميل 52.5 في الربع الأول من عام 2008، إلى 65 مليارا في الفترة ذاتها من العام الماضي .
وأعلن أن قيمة الصادرات العربية الإجمالية تراجعت من أكثر من تريليون دولار خلال عام 2008 إلى نحو 726 مليارا العام الماضي، أي بنسبة 31.7 % .
وأشار إلي أن الضرر الأكبر أصاب حجم الصادرات العربية المتجه إلى آسيا والاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدة. وأكد أن فائض الميزان التجاري للدول العربية تقلص بنحو 256.5 مليار دولار خلال العام الماضي، ليقتصر على 184.9 مليار دولار، بعدما حقق فائضاً بلغ 441.3 بليون عام 2008، أي بانخفاض تجاوزت نسبته 58 % .
وأعلن تراجع الفائض الكلي للموازنات العامة المجتمعة للدول العربية من نحو 254.1 مليار دولار خلال عام 2008 إلى نحو 5.6 مليار العام الماضي، وكذلك الإنفاق الجاري من 421 مليار دولار في الفترة ذاتها إلى نحو 160 مليارا .
واعتبر الزيتوني، أن الأزمة أثرت في أسواق النفط العالمية، إذ انخفض الطلب اليومي من 87.1 مليون برميل في الربع الأول من عام 2008 إلى 83.2 مليون في الربع الثاني من العام الماضي .
مطالب بسياسة جديدة لمنع تكرار الأزمة
ومن جانبه أكد وزير التنمية والتعاون الدولي ديرك نيبيل على ضرورة أن يتخذ المصرف الدولي وحكومات دول العالم ولا سيما الصناعية والغنية منها الأزمة المالية التي لا تزال تخيم على أجواء الاقتصاد الدولي عبرة للمستقبل من أجل السعي لعدم تكرارها.
وأوضح نيبيل للصحفيين أثناء محادثات أجراها مع رئيس المصرف الدولي روبرت زوليك في وقت سابق ببرلين أن الحكومة الألمانية مرتاحة لمساهمة المصرف في انتهاج سياسة حازمة لتجاوز عقبات الأزمة المالية التي تركت آثارها السلبية والسيئة على الدول الفقيرة واصفا هذه السياسة بأنها سياسة إدارة أعمال واقعية.
كما حث إدارة المصرف اتخاذ سياسة إستراتيجية جديدة تكون بمنأى عن الأزمات المالية للدول الغنية للحيلولة دون آثار سيئة ينجم عنها تتأثر منها الدول الفقيرة، مؤكداً دعم الحكومة الألمانية للمصرف المذكور الذي يسعى لمساعدة الدول الفقيرة ماليا ومعنويا.
من جانبه وصف زوليك مصرفه بأنها دعامة أساسية للبنية التحتية للسياسة المالية وأن سياسته الرئيسية التي يريد انتهاجها الحيلولة دون تكرار الأزمة المالية من جديد.
وأعلن زوليك أن سياسة إصلاحية على البنى التحتية للمصرف واتخاذه سياسة مستقلة بمنأى عن الدول الغنية بحاجة إلى دعم مالي للمصرف من الدول الغنية والصناعية ال 20 تكمن بزيادة رأسماله الرئيسي لاستثماره ويكون بمثابة ركنا أساسيا لمساعدة الدول الفقيرة، معرباً عن أمله أن تساهم الحكومة الألمانية بإقناع الدول الغنية بزيادة مساهمتها المالية للمصرف حتى يستطيع إنجاز مهامه الرئيسية التي تكمن مساعدة الفقراء في العالم على حد قولهما.