إعلان الصين بشأن اليون .. "خطوة بناءة" أم محاولة ل"تهدئة النقاد" محيط – زينب مكي يبدو أن إعلان الصين أنها ستجعل سعر صرف "اليوان" أكثر مرونة بشكل تدريجي بعد ربطه بالدولار لنحو 23 شهرا لن يكفي لتهدئة النقاد وخاصة المشرعين الأمريكيين الذين يقولون إن خفض قيمة العملة يعطي الصين ميزة تجارية غير عادلة.
ورغم الترحيب من جانب الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير الخزانة الأمريكي و رئيس صندوق النقد الدولي وكذلك الترحيب الأوروبي بتلك الخطوة التي طالما دعت إليها الحكومة الأمريكية وغيرها من الدول حول العالم، إلا أن الأمر مازال يشوبه بعض الغموض من جانب البعض.
خطوة بناءة
أكد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في بيان أصدره البيت الأبيض أمس السبت أن قرار الصين زيادة مرونة سعر صرف عملتها يعد خطوة "بناءة" يمكن أن تساعد في المحافظة على الانتعاش الاقتصادي العالمي والمساهمة في اقتصاد عالمي أكثر توازنا، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا".
و في بيان وزع على وسائل الإعلام أمس قال وزير الخزانة الأمريكي تيم جيثنر "إننا نرحب بقرار الصين زيادة مرونة سعر صرف عملتها.. ومن شأن التنفيذ النشط لهذا الإعلان أن يسهم ايجابيا في تحقيق نمو عالمي قوي ومتوازن ونتطلع إلى مواصلة عملنا مع الصين في إطار مجموعة ال 20 وعلى الصعيد الثنائي لتعزيز الانتعاش".
ومن جانبه قال رئيس صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس أن "قوة العملة الصينية ستساعد على زيادة دخل الأسرة الصينية وتوفر الحوافز اللازمة لإعادة توجيه الاستثمارات نحو الصناعات التي تخدم المستهلك الصيني".
وزير الخزانة الامريكي ترحيب أوروبي
كما رحبت المفوضية الأوروبية بقرار بنك الشعب الصيني قائلة "إن هذه الخطوة ستسهم في استقرار النظام المالي العالمي"، مضيفة "ترى في هذه الخطوة فائدة لاقتصاد كل من الصين و العالم".
وأشار بيان للذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي إلى أن المفوضية الأوروبية "تتطلع للعمل عن كثب مع السلطات الصينية في إطار مجموعة ال20 وعلى الصعيد الثنائي للتصدي بنجاح للتحديات الراهنة التي تواجه الانتعاش العالمي".
وأضاف البيان أن " إعلان الصين ستتبعه آثار ايجابية على منطقة اليورو فمن خلال تعزيز مرونة سعر صرف اليوان فان السلطات الصينية تسهم بقدر كبير في نجاح قمة مجموعة ال20 المقبلة في تورونتو (كندا)".
وعلى الصعيد نفسه أصدر رئيس الوزراء الكندى ستيفين هاربر بيانا رحب فيه بقرار الصين قائلا "أنها خطوة هامة للأمام وأن تطبيقها على نحو شامل سيسهم فى خلق نمو عالمى قوى ومستدام ومتوازن".
قلق وغموض
وعلى الجانب الأخر قال نوريل روبيني أحد أهم الاقتصاديين في وول ستريت إن قرار الصين وقف ربط عملتها بالدولار قد يعني تراجع اليوان أمام العملة الأمريكية وليس صعوده كما تريد واشنطن.
و في رسالة عن طريق البريد الالكتروني ، ذكر روبيني الذي اشتهر بتوقعاته لانهيار أسعار المنازل في الولاياتالمتحدة أمس السبت "انه أول دليل هام خلال سنوات على تغير سياسة العملة الصينية"، مضيفا أنه ينبغي الانتظار لمعرفة كيفية تطبيق الصين للنظام بما في ذلك تكوين سلة العملات التي ستستخدمها بكين كمرجع لتحديد سعر اليوان (الرنمينبي) وتاريخ الأساس للسلة.
مدير صندوق النقد الدولي وتابع أن اليوان ارتفع ارتفاعا حادا في الأشهر الأخيرة مقابل اليورو الذي هوى بسبب مشكلة الدين في أوروبا ومن ثم لا يمكن التسليم بارتفاع قيمة اليوان، ومضى قائلا انه في حالة استمرار تراجع اليورو "ينبغي السماح بتراجع الرنمينبي مقابل الدولار وهي نتيجة عكسية."
وقال روبيني انه يبدو من المستبعد أن يسجل اليوان صعودا كبيرا، مضيفا "حتى وان سمح الصينيون بارتفاع تدريجي لقيمة الرنمينبي مقابل الدولار فان حجم الزيادة سيكون متواضعا على مدار العام المقبل ولن يزيد عن 3 أو 4% مع انكماش الفائض التجاري .. ومن المرجح أن يتباطأ النمو في الصين وستظل اضطرابات العمال مثار قلق للصينيين."
مشجع لكنه "لا يكفي"
وعلى الصعيد نفسه، قال السناتور الأمريكي الكبير تشارلز شومر أمس إن الصين يجب أن توفر مزيدا من التفاصيل عن سياستها الجديدة بشأن العملة وإلا فسيمضي المشرعون الأمريكيون قدما في خطط لزيادة الحواجز التجارية.
وقال شومر الذي يشارك في قيادة مسعى للسماح للولايات المتحدة باستخدام فرض رسوم جمركية تعويضية ضد الدول صاحبة أسعار الصرف ''المنحرفة بصورة أساسية'' إن ''هذا البيان الغامض والمقيد عن النوايا هو الرد الصيني المعتاد على الضغط''.
وأضاف شومر ''لا يوجد مزيد من المعلومات المحددة بشأن مدى السرعة التي ستسمح بها لعملتها بالارتفاع بأي قدر.. فلا يمكننا أن يكون لدينا شعور طيب بأن الصينيين سيبدءون الالتزام بالقواعد''.
كما قال مساعد كبير في مجلس الشيوخ الأمريكي إن إعلان الصين أنها ستجعل عملتها أكثر مرونة أمر مشجع لكنه قد لا يكفي لإرضاء المشرعين الأمريكيين الساعين لخفض كبير في قيمة العملة.
نهاية الربط بالدولار
وكان بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" قد أعلن أمس السبت إن الصين ستجعل سعر صرف اليوان أكثر مرونة بصورة تدريجية ما يشير إلى أنها مستعدة لإنهاء ربطه بالدولار الذي نحو عامين وتعرض لانتقاد قوي من الخارج، مستبعد رفعا فجائيا أو كبيرا للقيمة حسبما يأمل فيه النقاد، وقال إنه لا يوجد ''أساس لتقلبات أو تغييرات كبيرة''.
لكن كان واضحا أن الصين استهدفت أن يكون إعلانها - الذي نشر بالإنجليزية وبالصينية في الوقت نفسه تقريبا - خروجا على التقليد المعتاد ليمثل نهاية الربط الفعلي لليوان بالدولار الذي دافعت عنه الحكومة ''كسياسة خاصة'' لحماية اقتصادها من الأزمة المالية العالمية.
وكانت الصين قد طالبت ول العالم عامة والولاياتالمتحدة خاصة بالكف عن إصدار دعوات برفع سعر اليوان الذي استقر عند حدود ال 6.83 يوانا للدولار الأمريكي منذ يوليو/ تموز 2008، معتبرة أن ذلك شأن داخلي ويتعلق برؤيتها الخاصة، مؤكدة أن قضية تقييم العملة الصينية "اليوان" ليست مطروحة ضمن أجندة القمة المرتقبة بين دول مجموعة ال 20 الصناعية "جي 20" والدول ذات الاقتصاديات النامية والتي ستعقد بكندا في وقت لاحق من هذا الشهر.
وفي هذا الصدد، نقلت وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" عن نائب وزير الخارجية الصيني كيو تيانكاي في مؤتمر صحافي أن "اليوان" عملة الصين الوطنية ليست مسألة مطروحة للنقاش الدولي.
من جهته، قال مراسل بي بي سي، داميان جراماتيكاس، إنه قد يُنظر إلى الإعلان الصيني على أنه محاولة للتصدي بشكل مسبق للانتقادات التي يُتوقع ان تواجهها سياسة الصين النقدية خلال قمة العشرين التي سُتعقد الأسبوع المقبل في كندا حيث سيلتقي خلالها أوباما نظيره الصيني هو جينتاو.