الضوء الأخضر ل "أمفلورا" يثير جدلا أوروبيا واسعا محيط – زينب مكي جاءت موافقة المفوضية الأوروبية على زراعة سلالة جديدة من البطاطا البطاطس المعدلة وراثيا بعد إثني عشر عاما من التجميد الغير رسمي لإستخدام المحاصيل المعدلة جينيا في أوروبا، لتثير جدلا واسعا مع الجماعات المدافعة عن البيئة، التي تحذر من المخاطر المرتبطة بمثل هذه المحاصيل، وأيضا مع الرأي العام والخبراء المنقسمين حول جدوى تلك البطاطا. وكانت المفوضية الأوروبية قد وافقت أول من أمس الثلاثاء على زراعة سلالة جديدة من البطاطا المعدلة وراثيا و التي أطلق عليها اسم "أمفلورا" من إنتاج عملاق صناعة الكيماويات الألمانية "باسف" على أن يتم استخدامها في صناعة الورق وفي إنتاج الغذاء الحيواني. وزود علماء "باسف" البطاطا المعدلة "أمفلورا" وراثيا بمادة طبية تسمى "كانامايسين"؛ تعمل هذه المادة على تزويد المحصول بمقاومة خاصة ضد البكتيريا والفطريات والآفات الزراعية الأخرى، ويمكن لهذه المادة أن تسهم لاحقا في صناعة ورق وأنسجة لا تبلى بسهولة. مفتاح تقنية القرن ال21 وكانت شركة "باسف" قد أعلنت عن أملها في تحقيق أرباح هائلة من مبيعات هذه البطاطا متوقعة تحقيق أرباح تتراوح بين 20 30 مليون يورو سنويا من مبيعات "أمفلورا" لشركات صناعة الورق والخشب والأنسجة والأصباغ. وجدير بالذكر أن البطاطا الطبيعية تحتوي على نوعين من النشاء النباتي، إلا أن بطاطا "أمفلورا" تحتوي على نوع واحد فقط، وهو الصالح من بين الاثنين للصناعة، وبحسب تصريح بيتر اوكلي، من "باسف" ، فان الصناعة تحتاج إلى عمليات استثنائية، تكلف مالا ووقتا وأضرارا بالبيئة، للفصل بين نوعي النشاء في البطاطا الاعتيادية، فيما تحتوي "أمفلورا" على نشاء اميلوبكتين الصناعي فقط. ووصف أوكلي تقنية البطاطا المعدلة للأغراض الصناعية ب "مفتاح تقنية القرن الواحد والعشرين" قائلا "إن الاتحاد الأوروبي والسكان الأوروبيين تقبلوا بطاطا "أمفلورا" لأنها لا تدخل في الصناعة الغذائية". وعلى الجانب الأخر ينظر حماة البيئة ينظرون بقلق إلى "أمفلورا" ويخشون من نتائج تسربها من الورق والأنسجة إلى دورة المياه الطبيعية ومن ثم إلى الإنسان، وفقا لتقرير أورده موقع "يورو نيوز" الإخباري على الشبكة العنكبوتية. وبعد أن اعطت المفوضية الأوروبية ضوئها الأخضر، لزراعة هذه البطاطا تصدرت إيطاليا والنمسا معارضي القرار، فيما تؤيده ألمانيا و السويد و هولندا و جمهورية التشيك. المؤيدون دافعت المفوضية الأوروبية لشؤون الصحة عن القرار،حيث قال الناطق باسمها: " بالنسبة لنا، فمن الواضح أنه لا يوجد أي خطر على صحة الإنسان فيما يتعلق باستهلاك هذا النوع من البطاطا وإستخدامها في الصناعة. كما رحبت منظمة "مصنعو التكنولوجيا الحيوية الزراعية" بخطوة الجهاز التنفيذي الأوروبي مشددة على وجود الكثير من اللبس حول محتوى "أمفلورا". وهنا يقول يلي دوغريف من منظمة "مصنعو التكنولوجيا الحيوية الزراعية" : "ثمة الكثير من اللبس حول هذه المسألة فهذه الجينات المقاومة للمضادات الحيوية لا تصلح سوى لمقاومة المضادات الحيوية القديمة للغاية وبالتالي لا قيمة كبيرة لاستخدامها من قبل البشر". المعارضون تحتوي "أمفلورا" على جينات تقاوم المضادات الحيوية، هذه الجينات تثير قلق المنظمات المدافعة عن البيئة كمنظمة السلام الأخضر الدولية "جرين بيس" التي صرحت أنها ضد هذا القرار محذرة من مخاطر مثل هذه المنتجات على صحة الانسان والحيون وعلى البيئة. وفي هذا الصدد يقول ماركو كونتييرو "جرين بيس ضد هذه البطاطا لأنها تعرض صحة البشر والحيوانات والبيئة للخطر وذلك لكون هذه الجينات المقاومة للمضادات الحيوية الموجودة في هذه البطاطا عديمة الفائدة تماما"، مضيفا "هناك في الأسواق بطاطا تقليدية غير معدلة وراثيا مع نفس الكمية المرتفعة من النشا يمكن استخدامها دون تعريض اي شخص للخطر". ومن جانبها اعلنت إيطاليا معارضتها لقرار السماح بزراعة "أمفلورا"، محذرة من خطورة كسر التقاليد الوقائية التي تتبع في أوروبا منذ عام 1998، مؤكدة على أن الأمر لا يقتصر على مجرد عدم الاعتراف بهذا القرار بل أنها لن تسمح له بأن يشكك في سيادة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في هذه المسألة. وقال وزير الزراعة والغابات الايطالي لوكا تزايا فى تصريحات له أوردتها وكالة الأنباء القطرية (قنا)، "اننا نرفض قرار المفوضية الأوروبية حول السماح بزراعة البطاطا المعدلة وراثيا"، مؤكدا أن بلاده ستواصل من جانبها التمسك بسياسة الدفاع والحفاظ على الزراعة التقليدية وصحة المواطنين ولن تسمح لإجراء مماثل بأن يؤثر على الزراعة. وأضاف تزايا "لهذا نحن بصدد تقييم إمكانية إقامة جبهة مشتركة من جميع البلدان الراغبة في الانضمام إلينا في مجال حماية صحة مواطنينا وهوية زراعتنا".