يبدو أن معدلات النمو القوية نسبيا التي توقعها تقرير البنك الدولي للناتج العالمي في السنتين الحالية والمقبلة عززت توقعات خبراء النفط والمتعاملين في أسواقه، بأن منظمة البلدان المصدرة للنفط مقبلة على تعويض خسائر فادحة لحقت بإيراداتها في 2009.
وعلى الصدد نفسه خرجت تصريحات متفائلة عن مسئولين بارزين في صندوق النقد تؤكد أن الصندوق سيدخل الثلاثاء المقبل تعديلات إيجابية على التوقعات التي أصدرها في أكتوبر الماضي عن نمو الناتج العالمي خلال الفترة نفسها ،متوقعين أن الاقتصاد العالمي الذي انكمش في 2009 للمرة الأولى منذ ستة عقود، مهيأ للانتقال إلى النمو الإيجابي هذه السنة وبمعدل يصل إلى 3.5% يرتفع إلى 4% العام المقبل مقترباً من مستواه قبل الأزمة عند 5%.
وكان صندوق النقد قد رفع في تقريره الصادر أكتوبر الماضي تقديراته المتعلقة بالنمو المتوقع للاقتصاد العالمي العام الجاري إلى 3.1% وذلك مقارنة بالتقديرات السابقة التي كانت ترجح النمو في حدود 2.5%.
وأرجع صندوق النقد في تقريره النصف سنوي حول التوقعات الخاصة بالاقتصاد العالمي، تلك الخطوة إلى بوادر انتعاش الطلب في أسواق آسيا فضلاً عن بدء تجاوب الاقتصاد العالمي مع برامج التحفيز الاقتصادي التي انتهجتها العديد من دول العالم بتكلفة إجمالية وصلت إلى أكثر من تريليونى دولار.
وتوقع الصندوق أن يكون أداء الاقتصاديات الناشئة على مستوى شرق آسيا بمثابة قاطرة النمو للاقتصاد العالمي حيث رجح صندوق النقد إمكانية وصول معدل نمو الاقتصاد الصيني إلى 9% وارتفاع النمو أيضاً بالنسبة لاقتصاد الهند إلى 6.4% وذلك مقارنة بالنمو المتوقع للاقتصاد الياباني في حدود 1.7% والاقتصاد الأمريكي ب1.5% فضلاً عن النمو المتوقع على مستوى دول منطقة اليورو بنحو 0.3%.
ورغم تلك التقديرات الإيجابية إلا أن صندوق النقد حذر من أن التعافي الاقتصادي سيكون ضعيفاً وفقاً للمعايير السابقة مؤكداً في الوقت نفسه على أن الأولوية ستكون لإعادة تأهيل القطاع المصرفي ومساعدته على تجاوز تداعيات الأزمة.
و أشار تقرير صندوق النقد الدولي إلى أنه مع بدء تعافى فيه الاقتصاد العالمي فان التحدي الرئيسي أمام القائمين على وضع السياسات النقدية خلال العام الجاري سيتمثل في موعد القرار الذي سيتم اتخاذه بشأن العودة لرفع أسعار الفائدة والتوقف عن البرامج الخاصة بتقديم القروض العاجلة للمصارف.
وجدير بالذكر، أن المؤسستين تعتمدان معيارين مختلفين في تقدير الناتج العالمي وآفاقه، إذ يفضل خبراء صندوق النقد معيار القوة الشرائية الذي يعتبره معظم الاقتصاديين أكثر إنصافاً للدول النامية، بينما يختار خبراء البنك معيار أسعار الصرف الجارية، لكنهم غالبا ما يضمّنون تقاريرهم تقديرات موازية بالاعتماد على المعيار المنافس.
واتفق خبراء الصندوق والبنك على المسار المحتمل لأسعار النفط الخام، متوقعين تقدم متوسط أسعار برميل خامات "برنت" ودبي والأمريكي الخفيف إلى 78 دولارا خلال العامين الحالي والمقبل مرتفعا بقوة من 61.76 دولار في 2009.
ومن جانبها، قالت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" اليوم أن الطلب على النفط سيشهد ارتفاعا طفيفا هذا العام محذرة من احتمال حدوث تقلب في الأسعار خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وتوقعت المنظمة في تقريرها الدوري لشهر يناير الجاري الذي صدر في فيينا أن تظل الزيادة المتوقعة في الطلب العالمي على النفط هذا العام دون تغير عند 820 ألف برميل يوميا مشيرة إلى أن مخزونات النفط ما زالت مرتفعة بما يكفي للتكيف مع أي قفزة مفاجئة في استهلاك الوقود في الشتاء الحالي.
كما توقعت "أوبك" التي تضم 12 عضوا في تقريرها الذي أوردته وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أن يبلغ الطلب على نفطها 28.59 مليون برميل يوميا في عام 2010 أي أقل بواقع 20 ألف برميل يوميا من توقعاتها في الشهر الماضي.