دراسة تتوقع عودة التطبيع بين البنوك والشركات العائلية "قريبا"
محيط – زينب مكي
كثر الحديث في الآونة الأخيرة من قبل العامة والمختصين حول واقع ومستقبل المنشآت العائلية في الخليج العربي فلا ريب أن المنشآت العائلية قد تحولت من فئة العميل المفضل لدى بنوك المنطقة إلى فئة العميل الأقل تفضيلاً وباتت المصارف والمؤسسات المالية تتوجس خيفة من التعامل الآجل مع بعض المنشآت العائلية الخليجية، وتتحاشى تقديم تسهيلات مالية كبيرة لها.
وأصبحت المؤسسات المالية التي كانت بالأمس القريب تتودد إلى المنشآت العائلية، وتتنافس فيما بينها في تقديم القروض ومنح التسهيلات المالية المختلفة لها بأفضل الشروط وأيسرها، أصبحت اليوم تصدر التحذيرات من التعامل مع بعض هذه المنشآت.
ووسط تلك المخاوف والتحذيرات خرجت دراسة حديثة تتوقع عودة العلاقات الوطيدة بين المصارف والشركات العائلية "قريبا" ، مؤكدة "أن الأزمات المالية تجعل المصارف أكثر حذراً دائماً، وتدفعها إلى ترقية أنظمة إدارة المخاطر فيها ولهذا سيتوجب على هذه المصارف أن تدرس المخاطر دراسة أعمق قبل إقدامها على منح القروض، ومع ذلك ستكون هناك علاقات وسنرى تطبيعاً بين المصارف والشركات العائلية في المنطقة في عام 2011".
وأوضحت دراسة الصادرة عن مجموعة بوسطن الاستشارية (بي سي جي) أن مصارف الشرق الأوسط زادت من مخصصات خسائر القروض LLPs زيادةً كبيرةً تجاوزت سبعة مليارات دولار حتى منتصف العام الجاري، مرجحة أن يبقى مستوى مخصصات تغطية خسائر القروض مرتفعاً خلال الفترة المتبقية من العام بسبب تأثير الأزمة المالية على الاقتصاد الحقيقي، سواء كان ذلك في قطاع الشركات أم قطاع الأفراد.
وبينت مجموعة "بوسطن" هي شركة عالمية للاستشارات الإدارية وأكبر مستشار في مجال الاستراتيجيات المتعلقة بالشركات في العالم، أن مصارف الشرق الأوسط في حاجة إلى خمسة مجالات أساسية لتعيد نشاطها من جديد تتمثل في إبقاء المخاطر تحت السيطرة، الكفاءة، زيادة قوة المبيعات، محاولة تحقيق الربح، وانتقاء عمليات الاستحواذ طالما كانت الأسعار منخفضة.
وفيه هذا الصدد نقلت قال صحيفة "الاقتصادية" الإلكترونية عن الدكتور رينولد ليشتفوس الشريك الرئيسي والمدير الإداري لمكتب المجموعة في دبي، رئيس خدماتها المالية في الشرق الأوسط، إن عودة العلاقة الطبيعية بين المصارف الخليجية والشركات العائلية ستعود بحلول عام 2011، مضيفا "أن الأزمات المالية تجعل المصارف أكثر حذراً دائماً، وتدفعها إلى ترقية أنظمة إدارة المخاطر فيها ولهذا سيتوجب على هذه المصارف أن تدرس المخاطر دراسة أعمق قبل إقدامها على منح القروض، ومع ذلك ستكون هناك علاقات وسنرى تطبيعاً بين المصارف والشركات العائلية في المنطقة في عام 2011".
وعلى صعيد متصل أظهرت بيانات اقتصادية حديثة أن بنوك الكويت هي الأكثر تحفظا والأكثر تجنيبا للمخصصات في النصف الأول من 2009، حيث بلغ حجم هذه المخصصات 3.8 مليارات دولار في 9 أشهر، أي في الربع الأخير من 2008، والنصف الأول من 2009.
وتتوقع مصادر مصرفية موثوقة أن يصل حجم مخصصات القروض والاستثمار في البنوك المحلية الكويتية حتى نهاية عام 2009 حوالي 4.8 مليارات دولار، وهو أعلى رقم خليجيا مقارنة مع 4.1 مليارات دولار لبنوك الإمارات، ومليارين لكل من السعودية والبحرين، وقد ارتفعت المخصصات في الكويت بشكل مطرد خلال عامي 2008 و2009 لتسجل نموا تخطى ال 105% مقارنة مع الإمارات 108% والسعودية 65%.
و نقلت صحيفة "القبس" الكويتية عن احد المصرفيين إلى أن زيادة المخصصات جاءت تحسبا لظروف الأزمة ولحجم تعثر العملاء الذي ارتفع في الأشهر القليلة الماضية، كاشفا أن توصيات بنك الكويت المركزي في هذا الإطار جاءت واضحة وصارمة.
وعن توقعاته لمستوى الإقراض في البنوك السعودية خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، أشار ليشتفوس إلى أن هناك سيولة وودائع متاحة، وستتمكن المصارف (ذات نسبة المخاطرة الجيدة) من الحصول على قروض، ولم يستبعد حدوث عمليات استحواذ واندماجات بين المصارف الخليجية خلال الفترة المقبلة.
وأظهرت الدراسة أن معدل نمو العائدات المصرفية في الشرق الأوسط تباطأ في النصف الأول من عام 2009، ففي حين لا يزال معدل النمو الإجمالي لهذه العائدات إيجابياً، استمرت أرباح المصارف في التراجع إلى أقل مما كانت عليه في عام 2005 كنتيجة للحجم الكبير المخصص لتغطية خسائر القروض.
وبيّن آخر المؤشرات أن مصارف الشرق الأوسط زادت من مخصصات خسائر القروض LLPs زيادةً كبيرةً غالباً ما تجاوزت معدل النمو السنوي الذي وصلت نسبته إلى 100% خلال السنوات الأربع الماضية، حيث وصلت عدة بنوك إلى ذروتها في النصف الأول من عام 2009، بعد أن وصل مجمل هذه المخصصات في المصارف ال 25 الكبرى إلى نحو سبعة مليارات دولار.
و تعليقاً على كيفية تأثير مستويات هذه المخصصات المرتفعة على مصارف الشرق الأوسط في المستقبل القريب علق ليشتفوس قائلا : "من المرجح أن يبقى مستوى مخصصات تغطية خسائر القروض مرتفعاً خلال الأرباع القليلة المقبلة من هذا العام بسبب تأثير الأزمة المالية على الاقتصاد الحقيقي، سواء كان ذلك في قطاع الشركات أم القطاع الشخصي، ويبدو مبلغ سبعة مليارات دولار قليلاً مقارنة ببعض الدول الغربية كالمملكة المتحدة التي تقول التقديرات إن النظام المصرفي فيها في حاجة إلى تجميد مبلغ 130 مليار جنيه استرليني من هذه المخصصات".
وكشفت الدراسة عن وجود تباين بين المشاركين فيها فقد نمت عائدات 20 مصرفاً، بينما تراجع نمو الأرباح في 17 مصرفاً، فيما تمكنت ثمانية مصارف أخرى من زيادة أرباحها، أما المصارف التي تمتلك فروعاً للعمليات المصرفية الشخصية والخاصة بالشركات فقد نمت عائدات أربعة مصارف من العمليات المصرفية الشخصية، وتكبدت ثمانية منها الخسائر، بينما نمت عائدات سبعة مصارف من الخدمات المصرفية الخاصة بالشركات، وتراجعت تلك التي حققتها ثلاثة منها.
وكانت إحدى النتائج الرئيسة للدراسة هي أن جميع المصارف قد زادت من مخصصات تغطية خسائر القروض زيادة هائلة، ووصل العديد من هذه المصارف إلى ذروتها في النصف الأول من عام 2009، وقد اضطرت المصارف الكويتية والإماراتية إلى تخصيص أعلى حصة من عائداتها لتسهم في تغطية تلك الخسائر، وقد أدركت معظم المصارف الآن أن نسبة تتجاوز 1% من القروض التي منحتها لا تعود عليها بأي عائد وستزداد هذه النسبة قريباً.