حذر تقرير حديث من أن العالم يواجه حاليا أزمة غذاء مستمرة بصورة تشكل تهديدا للاستقرار العالمي وذلك ما لم يتم التحرك من قبل الدول لمضاعفة الإنتاج الزراعي لتدبير السلع الغذائية للأعداد المتزايدة من السكان . وأكد التقرير الذي تم إعداده لاجتماع وزراء زراعة دول مجموعة الثمانية والمقرر عقده الشهر الحالي في ايطاليا أن الأمر الراهن يتطلب العمل على مضاعفة الإنتاج الزراعي عالميا بحلول 2050 لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة لسكان العالم ومواجهة آثار التغيرات المناخية . وأشار التقرير الذي أوردته صحيفة ال " فاينانشيال تايمز " إلى انه بدون تلك الإجراءات فإن أزمة الغذاء التي ظهرت في العديد من دول العالم خلال العامين الأخيرين ستصبح مشكلة هيكلية خلال عقود محدودة . وحذر التقرير من أن ظهور المزيد من أزمات الغذاء سيكون له عواقب خطيرة ليس فقط على العلاقات في إطار الأعمال والأنشطة الاقتصادية بل أيضا على العلاقات الدولية وعلى الصعيد الاجتماعي الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على الأمن والاستقرار السياسي في العالم . ويأتي الاجتماع الوزاري المقرر عقده لدول مجموعة الثمانية الشهر الحالي وذلك في ضوء الارتفاعات الحادة التي كانت قد شهدتها أسعار الحاصلات الزراعية وفي مقدمتها القمح والأرز خلال العام الماضي وهو الأمر الذي أثار موجة من أعمال الشغب في بعض دول العالم. وعلى الرغم من التراجع الذي شهدته بعض ذلك أسعار الحاصلات الزراعية بنسب تتراوح ما بين 40 % و50 % إلا أن الأسعار مازالت أعلى من المستويات المتعارف عليها خلال فترة ما قبل ألازمة العالمية. وأكد التقرير في ذلك الصدد أن مسألة تقلبات الأسعار ما زالت تمثل عامل حاسم بالنسبة لقضية الأمن الغذائي عالميا. وقد أشار مؤخرا وزير الزراعة الأمريكي تومفيلساك إلى أن الحكومة الأمريكية تعتزم العمل على مضاعفة المساعدات المالية الموجهة للتنمية الزراعية في الدول الفقيرة إلى مليار دولار العام القبل. وقد حذرت منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة "الفاو" مؤخرا من حدوث فجوة غذائية عالمية جديدة بسبب الانخفاض الملحوظ في محصول الحبوب العام الحالي مقارنة بالحصاد الوفير عام 2008. وقالت المنظمة في بيان لها إن المؤشرات الأولية المتوافرة تظهر انخفاض الإنتاج العالمي الكلي من الحبوب عام 2009 قياسا على سجل الإنتاج العالمي لعام 2008. وعزت المنظمة هذا الانخفاض إلى تقلص عمليات الزرع مقرونة بالظروف الجوية غير المواتية لافتة إلى أن التزام هذا الاتجاه من المرجح أن يفضي إلى هبوط إنتاج الحبوب لدى البلدان المنتجة الرئيسية للحبوب في العالم. ويوضح تقرير المنظمة الذي أوردته وكالة انباء الإمارات "وام" أن أوضاعا ملائمة تسود جميع أنحاء أوروبا والولايات المتحدة لإنتاج محاصيل الحبوب الشتوية لكن الرقعة المخصصة لزراعة الحبوب قد تقلصت عموما. وينطوي ذلك على إمكانية تسجيل هبوط حاد في العائدات من مبيعات هذه المحاصيل مقارنة بالسنة الماضية خاصة مع ارتفاع تكاليف المدخلات الزراعية السائد. وبالنسبة لبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض تشير المؤشرات الأولية للإنتاج المبكر عام 2009 إلى انخفاض الإنتاج. وبينما ترجح التوقعات المبكرة تقلص ناتج محاصيل الذرة في جنوب إفريقيا من المنتظر أن تنعكس الفترة المطولة من المناخ الجاف في آسيا سلبيا على توقعات إنتاج الحبوب إذ يكاد نصف محاصيل الصين الشتوية من الحبوب تعاني من موسم جفاف مطول مع عدم كفاية الأمطار أيضا في الهند، حتى وإن ظل الوضع مرهونا إلى حد بعيد بغلال محاصيل الأرز المنتظر زراعتها في إقليم آسيا. أما في أمريكا الجنوبية فقد سجل مجموع إنتاج الحبوب عام 2008 انخفاضا جراء حالة الجفاف في الأرجنتين في وقت تنعكس فيه الأحوال الجوية الجافة سلبيا على توقعات إنتاج الحبوب الخشنة في عموم الإقليم عام 2009. واستنادا إلى أحدث تقديرات إنتاج الحبوب المتوافرة لعام 2008 مع احتساب كميات الاستخدام المتوقعة للموسم الحالي تقدر المنظمة نحو 496 مليون طن من الحبوب المرحلة المنتظرة ستشكل احتياطي الموسم المقبل أي فيما يرسي أعلى مستوى منذ عام 2002.