محيط: من الواضح أن الانتعاش الطفيف الذي شهدته أسعار النفط والعديد من السلع الأولية في استجابة فورية لخطة الإنعاش الاقتصادي الصينية لن يدوم طويلا خاصة وان الأسعار سرعان ما عاودت التراجع لتهبط عن مستوى ال59 دولارا للبرميل وذلك لأول مرة منذ نحو 20 شهرا أي مارس 2007. وتأتي الانخفاضات الجديدة لأسعار النفط في ظل الأجواء القاتمة التي مازالت تلقي يظلاها على الأداء العام للاقتصاد العالمي رغم الجهود الدولية المبذولة لتفادي مخاطر الكساد حيث لا تبدو بوادر انفراجة قريبة للأزمة الراهنة التي لم تعد تقتصر أثارها على الاقتصادات الصناعية بل أيضا امتدت للأسواق الناشئة خاصة في ظل اعتزام البنك الدولي تخصيص 100 مليار دولار كمساعدات للدول النامية. ويقدر الهبوط الجديد لأسعار النفط والذي وصل لأكثر من 5 % على مدي يومين وذلك في ضوء انعكاسات الأزمة الراهنة على مستويات استهلاك الطاقة عالميا حيث من المتوقع إقدام وكالة الطاقة الدولية غدا على خفض تقديراتها المتعلقة بنمو الطلب العالمي على النفط خاصة مع استمرار مظاهر الانكماش التي تحاصر اغلب الاقتصادات الصناعية وفي مقدمتها الاقتصاد الأمريكي الذي يعد اكبر مستهلك للطاقة في العالم. وحول تحركات الأسعار أشارت شبكة بلوم برج الإخبارية عبر موقعها الاليكتروني إلى تراجع أسعار النفط الخام لعقود شهر ديسمبر الآجلة في بورصة نيويورك للسلع خلال التعاملات الاليكترونية ينحو 1.6 دولار او 2.8 % مواصلة انخفاضات اليوم السابق التي قدرت بحوالي 5 % ليبلغ سعر الخام 57.7 دولار وهو ما اعتبر أدنى مستوى منذ مارس 2007. وفي بورصة البترول الدولية بلندن سجل سعر خام برنت حوالي 55 دولار للبرميل وذلك بعد أن هبط في وقت سابق إلى 54.2 دولار وهو ما اعتبر أدنى مستوى للخام منذ 30 يناير 2007 . وقد خفضت وكالة الطاقة الدولية بالفعل تقديراتها المتعلقة بحجم الطلب العالمي على النفط للعام الحالي بنحو 1.3 مليون برميل يوميا في الوقت الذي قلصت فيه حجم الطلب المتوقع بحلول عام 2030 وذلك بحوالي 9.4%. وفي ضوء انعكاسات الأزمة المالية العالمية على أسواق الطاقة ترجح بعض الآراء إمكانية إقدام منظمة أوبك خلال اجتماعها في 17 من الشهر المقبل على إجراء خفض جديد لسقف إنتاجها بعد الخفض الذي أعلنته في الشهر الماضي بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا. ويشير تقرير أوردته صحيفة ال"فايناشيال تايمز" عبر موقعها الاليكتروني إلى أن شواهد التباطؤ والركود في الأسواق الناشئة تؤثر سلبا على أسعار السلع الأولية بما فيها النفط وذلك كما كان يعمل النمو الاقتصاد السريع في دول مثل الصين والبرازيل والهند على رفع مستويات الاستهلاك والطلب على السلع الاولية والنفط والطاقة. ويرى المحللون أن وضع حد لانخفاضات الأسعار قد يكون متاحا من خلال إجراء أوبك لمزيد من عمليات خفض الإنتاج خاصة بعد خطة الإنعاش الاقتصادي التي أعلنتها الصين غير أن تأثير تلك الإجراءات لن يكون سريعا.