محيط:الخفض المرتقب لإنتاج "أوبك" خلال اجتماعها الوزاري الطارئ في فيينا قد لا يكون كفيلاً بوقف سلسلة الانخفاضات الحادة لأسعار النفط والتي هبطت بأكثر من 50% علي نحو 3 أشهر. وقد يرجع ذلك إلي حقيقة أن الزلزال المالي الذي أصاب الولاياتالمتحدة لم تنحصر آثاره علي الاقتصاد الأمريكي أو الاقتصادات المتقدمة الصناعية بل امتدت إلي تداعيات الأزمة لتنعكس علي أداء العديد من الاقتصادات الناشئة مثل الصين التي تعد حالياً أحد القوي المؤثرة في اتجاهات الطلب علي الطاقة (فأغلب التقديرات تشير إلي أن الخفض المتوقع أن تقدم عليه منظمة أوبك خلال اجتماعها الوزاري في فيينا يوم الجمعة) سيكون في حدود المليون برميل يومياً, غير أن ذلك قد لا يكون كافياً كما ترجح بعض الآراء خاصة في ظل التوقعات المتعلقة بإمكانية حدوث تراجع ملحوظ للطلب العالمي علي النفط خلال الربع الحالي من العام الجاري. فهناك من يعتقد أن الارتباط الوثيق المتعارف عليها بين قرارات خفض إنتاج " أوبك" وزيادات الأسعار قد بدأ يتلاشى إلي حد كبير. ويري أحد المحللين في نيويورك كما أشار تقرير أوردته وكالة "بلوم برج" الإخبارية عبر موقعها الإلكتروني أنه كل ما يتمخض عن عملية خفض الإنتاج هو توجيه رسالة للتأكيد علي أن السوق البترولي يحظي بفائض في المعروض وبشكل متزامن مع انكماش مستويات الطلب خاصة وأن الأسواق الناشئة قد بدأت تستشعر الأزمة المالية وهو ما سينعكس بشكل واضح علي معدلات النمو الاقتصادي ومن ثم مستويات الطلب علي موارد الطاقة. ويري آدم سيمنسكي كبير الاقتصاديين في شئون الطاقة لدي مصرف "ديوتش بانك" أن هناك مأزق حيث ترغب أوبك حاليا في خفض الإنتاج لإعادة رفع أسعار النفط غير أن المنظمة علي دراية من أنه إذا تم العمل علي دفع الأسعار للارتفاع في وقت يتجه فيه الاقتصاد العالمي للركود فإن الكساد يزداد حدة. ويشير رئيس منظمة أوبك شكيب خليل وزير النفط الجزائري إلى أن تراوح سعر النفط بين ال 60 و ال 90 دولار للبرميل لن يعمل على زيادة حدة تباطؤ الاقتصاد العالمي. وكانت آخر عملية خفض قد أقرتها "أوبك" وذلك خلال اجتماعها في العاصمة النيجيرية "أبوجا" في ديسمبر 2006 حيث بدأ سريان الخفض بمقدار 500 ألف برميل يومياً اعتباراً من فبراير 2007. غير أن عمليات خفض سقف الإنتاج قد تم التخلي عنها في أواخر العام الماضي مع استمرار تحرك الأسعار نحو الارتفاع الملحوظ غير أنه وفقا لمؤشرات تراجع الطلب العالمي علي النفط خلال المرحلة الراهنة فإنه من المنتظر انخفاضات أسعار النفط حيث يري المحللون لدي مؤسسة "جولدمان ساس" إمكانية تراجع الأسعار عن مستوي ال60 دولار وذلك إذا ما وضعت أوبك حداً أقصي للخفض بمقدار مليون برميل يومياً وفي المقابل يري المحللون لدي مؤسسة "ميريل لينش" إن أوبك قد تقدم علي تقليص المعروض لديها بنحو 2.4 مليون برميل يومياُ في غضون عام وذلك في حال تدهور أداء الاقتصاد العالمي. وحول اتجاهات الطلب تشير تقديرات احد الاستشاريين لدي مؤسسة "مورجان ستانلي" أن الطلب العالمي علي النفط متوقع له التراجع إلي نحو 83.5 مليون برميل في المتوسط يوميا خلال الربع الثاني من 2009 مقارنة بمتوسط حجم الطلب المقدر في الربع الثالث من العام الحالي والبالغ 85.7 مليون برميل.