ذوبان جليد القطب الشمالي يثير أطماع الدول الكبرى محيط – زينب مكي ذوبان الجليد أثارت ظاهرة نشوء الممرات البحرية الشمالية وانكشاف مساحات شاسعة من الأرض اليابسة التي كانت مكسوة بالجليد أطماع الدول الكبرى المجاورة للقارة القطبية الشمالية ولعل الغريب في الأمر أن العوامل الطبيعية هي السبب المباشر لاندلاع هذا الصراع. كانت المفاجأة عندما أكد علماء أوروبيون وأمريكيون أن حلقة من الممرات المائية البحرية الصالحة للملاحة التجارية تشكلت حول القلنسوة الجليدية التي تغطي القطب الشمالي، وهذه هي المرة الأولى خلال نصف قرن أو أكثر التي ينفتح فيها الممر البحري الشمالي الغربي الذي يصل بين أمريكا الشمالية وبحر الشمال عابراً مناطق شمال أوروبا إلى آسيا وبشكل مفاجئ. ويعد كشف هذه الممرات ذات قيمة تجارية كبيرة يمكنها أن تعوّض عن استخدام الممرات التقليدية بين الشرق والغرب كقناة السويس أو قناة بنما، حيث أظهرت بحوث أجريت في أعالي المناطق الشمالية للأرض أن الممرات البحرية الجديدة سوف تقصّر مسافة الرحلة البحرية بين أمريكا الشمالية وآسيا بنحو 6500 كيلومتر عن الممر البحري التقليدي عن طريق قناة بنما. وخلال الشهر الماضي كشفت الصور الجوية التي التقطتها أقمار اصطناعية عن ممرات مائية بحرية مفتوحة كانت قبل أشهر فقط مغلقة بجبال الجليد العائمة ولكن تم تكذيب هذا الاكتشاف في بداية الأمر من قبل المركز الأمريكي لدراسة الجليد والإدارة الأمريكية للمحيطات والأرصاد الجوية حيث أشار علماء إلى أن ما كشفته الأقمار الاصطناعية ليس إلا كتل جليدية مغمورة بطبقة من الماء العذب الناتج عن ذوبان أجزائها السطحية بفعل التيارات الهوائية الدافئة. ولكن بتحليل هذه الصور الملتقطة تم تصحيح هذه الفرضية الأخيرة يوم الجمعة 5 سبتمبر، عندما استخدمت مجسات خاصة في التقاط صور رادارية من الأقمار الاصطناعية أكدت انصهار الكتل الجليدية المركزية. وفى وقت سابق من العام الجاري ذكرت شبكة ال CNN عبر موقعها على شبكة الإنترنت أن العلماء حذروا من أن القطب المتجمد الشمالي قد يصبح خالياً من الجليد بحلول صيف العام 2012، ليمثل هذا التحذير آخر صرخة وجهها العلماء حول التغيرات المناخية وتأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، وإن تسارع ذوبان طبقة الجليد في المنطقة القطبية بصورة كبيرة خلال فصل الصيف، وهو الأمر الذي دفع ببعض العلماء إلى القلق من أن ظاهرة الاحتباس الحراري بلغت مدى خطيراً. وعلى صعيد الصراع بين الدول الكبرى في هذا الشأن كانت روسيا سباقة إلى الإعلان عن حقها في امتلاك هذه الممرات ،ومن جانبها أعلنت كندا عن أن ملكية القارة هي حق شرعي لها؛ وفضّلت أن تعمد إلى إقرار نوع من الأمر الواقع عندما قام رئيس وزرائها ستيفن هاربر بزيارة تحد إلى المنطقة امتدت لثلاثة أيام عقب الإعلان الروسي مباشرة، فيما قرر الروس تنصيب علم بلادهم فوق جليد النقطة المركزية للقطب، ويشار أيضاً إلى أن كلاً من الولاياتالمتحدة والنرويج والدنمارك تشترك في الصراع الدائر حول الموارد الطبيعية الضخمة لهذه المنطقة العذراء من العالم. ونقلت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية عن مصادر إعلامية أوربية أن هذه هي المرة الأولى خلال نصف قرن أو أكثر التي ينفتح فيها الممر البحري الشمالي الغربي الذي يصل بين أميركا الشمالية وبحر الشمال عابراً مناطق شمال أوروبا إلى آسيا وبشكل مفاجئ، ورغم أن التيارات البحرية والهوائية تلعب دوراً في حدوث هذه الظاهرة، فإن الخبراء يقولون إن اتساع المساحات المائية المفتوحة في أقصى شمال الكرة الأرضية يقدم أحدث دليل على أن المحيط المتجمد الشمالي يمر خلال فصول الصيف بمرحلة تحول إلى محيط مفتوح. وكان علماء متخصصون بالدراسات القطبية قد تنبأوا بأن تؤدي ظاهرة تسخن جو الأرض إلى تحويل القارة القطبية الشمالية من منطقة جليدية إلى مسطحات مائية، مشيرين إلى أن المرحلة المقبلة سوف تشهد ظاهرة جديدة تتمثل بظهور الجليد في الشتاء واختفائه في الصيف خلافاً لما هي عليه حال القطب منذ بضعة آلاف السنين. وسوف يرافق هذا التطور توسع مستمر في الممرات المائية الصالحة للملاحة البحرية. ومن جهة أخرى، أدى تراجع الصفائح الجليدية القطبية نتيجة تسخّن الجو إلى كشف مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة العامرة بالموارد الطبيعية. وأشارت أحدث الدراسات إلى أن القطب الشمالي يضم ما يقرب من 25% من المخزون العالمي غير المكتشف من النفط الخام والغاز الطبيعي. ووفقاً لأحدث الدراسات فإن القطب الشمالي يختزن مليارات الأطنان من الرواسب والتكوينات الجيولوجية النفطية التي تتزايد عمليات الوصول إليها سهولة مع ذوبان المزيد من الطبقات الجليدية التي تعلو الصفائح القطبية، ولقد أصبح استثمار هذه الآبار عملياً من وجهة النظر الاقتصادية بسبب الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار النفط مؤخراً.