ارتفاع معدلات التضخم يضع بنوك العالم المركزية في مأزق محيط كريم فؤاد مع انطلاق عام 2008، حلقت أسعار النفط الخام والذهب حول مستويات قياسية جديدة مدعومة بحالة الضعف الواضحة في أداء الدولار، كما تفاعلت أسواق المال العالمية مع هذه المعطيات وخيمت التراجعات على تحركاتها، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع المعدل السنوي لأسعار المستهلكين في أغلب دول العالم. ومما لا شك فيه فإن كل تلك الاضطرابات أدت إلى نهاية مفادها تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وعوداً على ذي بدء أوضح مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات" أن المؤشرات التي تدل على تزايد معدلات التضخم تضع البنوك المركزية في العالم في مأزق، وفي رد فعل من جانب البنوك المركزية في العالم لمحاولة للتخفيف من حدة الآثار السلبية لأزمة القروض العقارية الأمريكية قام البنك المركزي الأوروبي ونظيره الأمريكي بخطة مشتركة تهدف إلى زيادة السيولة المالية في الأسواق. وكان البنك المركزي الأوروبي والبنك المركزي في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبنوك مركزية أخرى قررت ضخ مبلغ يصل إلى 200 مليار دولار (130 مليار يورو) في الأسواق في خطة ستنفذ في الأسابيع المقبلة. وقد بدأت أزمة السيولة في الولاياتالمتحدة إلا أن آثارها امتدت إلى القارة الأوروبية أيضا، وتتسبب زيادة السيولة في الأسواق إلى زيادة التضخم المالي، وفي قراءة معدلة للبيانات الصادرة عن ال "يوروستات" فإن معدل التضخم في دول منطقة اليورو ارتفع إلى 3.3% في فبراير الماضي الأمر الذي أدى إلى ارتفاع المعدل السنوي لأسعار المستهلكين بشكل كبير عن المستوى المستهدف الذي حدده البنك المركزي الأوروبي عند اثنين بالمئة. وذكر "يوروستات" في تقريره الذي أوردته وكالة الأنباء السعودية "واس" أنه على الرغم من الارتفاع الكبير لمعدلات التضخم السنوية للدول الأعضاء الجديدة في الاتحاد الأوروبي في وسط وشرق أوروبا، فإن متوسط معدل التضخم في الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة بلغ 3.4 % في فبراير دون تغيير عن مستواه في يناير. وفي تقرير للتلفزيون الألماني عن أثر سياسيات البنك المركزي الأوروبي على التضخم أبدى رئيس البنك المركزي الأوروبي قلقه إزاء تطور الأسعار في الآونة الأخيرة وتوقع أن ترتفع هذا العام بنسبة 2.9% وليس 2.5% الأمر الذي يضع عملة اليورو أمام مشكلة صعبة رغم ذلك لم يغير البنك المركزي الأوروبي نسبة الفائدة علي اليورو خلافا لذلك خفضها البنك المركزي الأمريكي لتصل إلى 3% وذلك بسبب الكساد الذي يهدد الاقتصاد الأمريكي. وحول الارتفاعات القياسية التي يشهدها سعر صرف العملة الأوروبية أمام الدولار الأمريكي، أعرب زعماء الاتحاد الأوربي أمس عن قلقهم الشديد بشأن ارتفاع سعر صرف اليورو الذى وصل الى أعلى مستوى له هذا الاسبوع عند 1.56 دولار واعترفوا بشكل جماعى بأن ذلك يهدد نمو الاقتصاد الاوروبى. واتفق القادة في خطوة غير مسبوقة على الاعلان عن مخاوف وزراء مالية دولهم من خلال وضع اشارة لمثل هذه المخاوف فى البيان الختامى لقمة الربيع الاوروبية. وقال البيان الختامى للقمة الذي أوردته وكالة الأنباء البحرينية "بنا" إن حالات التقلب الشديد والتحركات غير المنتظمة فى أسعار الصرف بالنسبة للنمو الاقتصادى هى أمر غير مرغوب فيه. وأشار رئيس وزراء لوكسمبورج جين كلود يونكر رئيس مجموعة اليورو المؤلفة من 15 عضوا الى أن مثل هذه الاشارة الواضحة لمستويات أسعار الصرف لم تحدث من قبل. وتعرض زعماء الاتحاد الاوروبى لضغوط متزايدة من دوائر الاعمال التى تتخوف من أن ضعف قيمة الدولار الامريكى والرينمينبى الصينى سوف يقوضان حجم صادراتها. وكان نمو الناتج المحلى الاجمالى لمنطقة اليورو فى عام 2008 قد تم تعديله مؤخرا بالانخفاض إلى 1.8%. وعلي صعيد أكبر اقتصاد في العالم، والمتعرض حاليا لمخاطر الكساد، أقر بوش أن اقتصاد الولاياتالمتحدة "يمر فى ظروف صعبة" خاصة فى قطاعات الرهن العقارى والائتمان الا انه طمأن الاسواق عبر اظهار دعمه لرئيس المصرف الاحتياطى الفيدرالى بن بيرنانكيه ولحزمة الاجراءات الاقتصادية التى أقرها الكونغرس مؤخرا. وتسابق ادارة الرئيس جورج بوش وهى التى اعترفت بأن الاقتصاد يواجه فترة صعبة الزمن لاتخاذ اجراءات تشمل معالجة عدة مشاكل تقول انها أدت الى أزمة القروض العقارية. ويتوقع المسئولون أن يبدأ الاقتصاد فى استعادة حيويته بمجرد ظهور اثار قرارات خفض الفائدة على القروض من قبل مجلس الاحتياطى وبمجرد بدء تحسس تداعيات القرارات الاخيرة على أرض الواقع. يذكر أنه منذ صيف 2007 انخفضت السيولة المالية لدى البنوك العالمية إثر أزمة القروض العقارية الأمريكية التي تسببت في حدوث حالة من عدم الثقة بين البنوك، نتج عنها تشدد في الاقتراض الداخلي بينها.