القاهرة: صدرت عن الدار المصرية اللبنانية الطبعة الثانية من رواية "أول النهار" للروائي سعد القرش وهي الرواية التي فازت بالمركز الأول لجائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي، وكانت الطبعة الأولى من هذه الرواية قد صدرت في العام 2005م ، ولقيت صدًى نقديًّا لافتًا . تحمل الرواية كل ملامح إبداع القرش في الكتابة الأدبية، وتشكل ملحمة روائية فذة في سيرة الرواية الجديدة في مصر والوطن العربي .يأتي الطابع الملحمي في الرواية من عمق شخصياتها وتنوعها ، ومداها الزمني الطويل ، الجِدّ والأب والأحفاد ، فهناك شخصيتا عمران وحليمة ، بطابعهما التراجيدي القدري ، فالأقدار وغضب الطبيعة ، و "هما كالمرض يستعفي على الفقراء وأهل القرى" تشكل مصائر أبطال مأساويين لا يملكون إلاَّ الفرار أمامهما ، مكررين رحلة البحث عن ملجأ لا يستقران عليه أبدًا. فعمران شخصية العمل الرئيسية بطل تراجيدي بالمفهوم الفلسفي للتراجيديا ، وباكتمال عناصرها الفنية ، يعرف المصير المحتوم ويستسلم له ، فيقع كما توقعه بالتمام والكمال ، أو كما جاء على لسان مبروك : "ولعن حياة تأتي في لحظة نشوة وتذهب عبثًا ، يأتون من عدمٍ ويذهبون إلى عدمٍ ، فلماذا لا يعفون من هذا العناء ؟" .الصراع مع الأقدار ، قائم على تصديق النبوءة فأولاً العائلة مشؤومة تحل بها كارثة كل خمسين عامًا ، تحقق ذلك في الخمسين الأولى بغرق القرية في الفيضان ، وثانيًا "مبروك" ابن الحاج عمران تقول نبوءته الشخصية بأنه لن يعيش إلاَّ وحيدًا ، وتحقق ذلك بموت جميع أخواته في الفيضان، وتنطبق عليه نبوءة "هند" التي يموت كل من يراها عارية وقد تزوجها فحقق النبوءة . وثالثًا "هند" منحوسة ، لا يعيش من يراها عارية ، تحققت نبوءتها الشخصية - أيضًا - أولاً مع المملوك الذي رآها تسبح في الترعة ، وأمها ماتت بعد ولادتها بقليل، وزوجها مبروك نفسه مات بعد أن شاهدها كذلك ليلة عرسه ، وبعد ساعة من المتعة هي الحياة نفسها ، ليصبح الموت قرينًا أبديًّا لحياة هي كالحلم أو أخف قليلاً رغم مأساتها أو مآسيها.