القاهرة: صدر عن دار "الشروق" كتاب "الجماعات اليهودية المتطرفة و الاتجاهات السياسية الدينية في إسرائيل" للدكتورة هويدا عبدالحميد مصطفى الأستاذة بكلية الآداب جامعة القاهرة قسم اللغة العبرية، ومحتوى هذا الكتاب عبارة عن دراسة علمية محكمة أعدتها د.هويدا لنيل درجة الدكتوراه لعام 2009 وتعد واحدة من أهم الدراسات التي تتناول أصول الفكر المتطرف في إسرائيل. ووفقاً للقراءة التي أعدتها وفاء السعيد بصحيفة "الشروق" يعد هذا الكتاب دراسة علمية موضوعية وليست انطباعات شخصية أو تصورات تطرحها الكاتبة من قبيل الافتراء ولكنها بحث يعتمد على المنهجية والدقة وقد نالت عنه الباحثة درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز. وقد اعتمدت الباحثة في دراستها للرجوع إلى المصادر الدينية كالتوراة والتلمود أساسا لدراسة جذور العنف والتطرف لدى الجماعات الصهيونية التي تستند إلى تلك المصادر في فتواها وتدعيم وجهة نظرها، حيث قام المتطرفون بتوظيف النصوص الدينية لخدمة أهدافهم الاستعمارية بجعل الاستيلاء على الأراضي واجبا على كل يهودي أن يفعله وإسقاط حق الشعوب المالكة لهذه الأرض. ووفقاً ل د.هويدا يأتي سفر يشوع كأكثر الأسفار التي ذكرت أقسى مظاهر العنف والتطرف، إذ عكست مظاهر الوحشية والإبادة وقتل الرجال بحد السيف واغتنام النساء والأطفال. وتكمن خطورة هذا السفر في كونه السند الذي تعمد إليه تلك الجماعات المتطرفة في إيمانها الكامل بكل ما ورد فيه من وحشية بل تتصاعد المطالبة بتنفيذ تلك الإبادة التامة للفلسطينيين، ويدرس هذا السفر في كل من المعاهد والمدارس من طلاب الصف الرابع حتى تغرس فيهم من مفاهيم احتلال الأرض وإبادة سكانها الأصليين في نفوس وعقول الأطفال مما يرسخ فيهم دعائم التطرف والعنف. وكان لانتصار إسرائيل في حرب 67 أثر كبير على العلمانيين قبل المتدينين، لأن هذا الانتصار في اعتقادهم جاء تصديقا لمفاهيم دينية كمفهوم الخلاص وآخرة الأيام مما عزز ثقة تلك الجماعات التي تنتمي للمعسكر الصهيوني إلى المطالبة بحقها في أن تكون محركة للأحداث، فيما كانت الهزيمة التي تلقتها إسرائيل في 73 أثر عظيم في إضعاف اليسار المتمثل في حزب العمل وتقوية اليمين المتطرف وتشكيل ائتلافات حكومية بهدف الحفاظ على مبدأ أرض إسرائيل الكاملة. وتؤكد الباحثة من خلال كتابها أن مصطلح "أرض إسرائيل الكاملة" يعد مبدأ رئيسي لفكر الجماعات الصهيونية المتطرفة بل اجتمعت تيارات حركة العمل، والتيار الديني الصهيوني وتيار حركة "حيروت" على تأييد هذا المبدأ الذي كان دافعا لإقامة المستوطنات كواجب ديني وعقدي، وتنبع خطورة هذا المبدأ وتبنيه من قبل المتطرفين بما يمثله من عرقلة لعملية السلام، حيث يتم وصف اتفاقيات السلام من قبلهم بالاستسلام وأن الانسحاب من سيناء هو هدم للمخطط الصهيوني، كذلك ترفض هذه الجماعات مبدأ الأرض مقابل السلام الذي ترى فيه تفريطا في الحق التاريخي في الأرض وأصدر الحاخامات فتوى تحظر إخلاء المستوطنات، وتنكر هذه الجماعات أي حق لسكان الأرض الأصليين في أرضهم، بل وطرد العرب خارجها واستباحة منازل الفلسطينيين، والإكثار من الاستيطان، وأخذ العنف والتعصب سلوكا تتخذ منه تلك الجماعات المتطرفة سبيلا لتنفيذ عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين.