يسلط المؤرخ الفرنسي جون لوك إينودي، في كتابه "مشاهد من حرب الجزائر في فرنسا" الصادر عن دار نشر شيرش ميدي بباريس، أضواء جديدة على مجزرة 17 أكتوبر 1961 التي ارتكبت في حق الجزائريين بباريس، والتي كانت موضوع كتابين له صدرا من قبل. ووفقا لسالم ميها بصحيفة "الخبر" الجزائرية، يخصص المؤلف ثلث الكتاب للحرب بين جبهة التحرير الوطني والمصاليين المنضوين تحت لواء "الحركة الوطنية الجزائرية". هذه الحرب التي سماها بعض المؤرخين ب"حرب المقاهي"، خلفت حوالي 4 آلاف ضحية حسب بعض المصادر. المؤرخ إينودي، المتعاطف مع الجزائريين، فتح هذا الملف الحساس، انطلاقا من وثائق فيدرالية جبهة التحرير الوطني في فرنسا وصحافة ذلك الوقت. الوثائق المنشورة ملك لأحد قياديي جبهة التحرير الوطني بفرنسا، وتبين أحد مشاهد حرب الجزائر وبالخصوص ما جرى في شمال وشرق فرنسا، حيث كان المصاليون متواجدين بكثرة. وحتى في منطقة شمال وشرق فرنسا، كانت الغلبة لجبهة التحرير، حيث يشير المؤلف إلى أن من مجمل 23 ألف جزائري في المنطقة هناك فقط 670 جزائري لا يخضعون لرقابة الأفالان. يورد المؤرخ تقارير عن مهام التصفية الجسدية مدعما إياها بتقارير الصحف التي تحدثت عن تلك التصفيات. والملاحظ أن أغلب تقارير تلك الصحف تشبه تقارير الشرطة الفرنسية التي كانت تزود صحفيي ركن الحوادث المتفرقة في الصحف المحلية بالمعلومات. وفي فصل آخر، يعيد المؤلف تقارير عن أنشطة الجماعات المسلحة هاجمت "مقاه عدوّة" يصفها تقرير الجبهة بال"أماكن الحساسة للحركة الوطنية الجزائرية". ومن هذه المقاهي مقهى بمدينة "ليل" تكبد خسارة تمثلت في 12 ضحية منهم أربعة موتى. وحسب المعلومات المجمعة، فإن أغلبية الضحايا قتلة ومسؤولون. أما البقية فإنهم أقارب لهم. ويذكٍّر الكاتب بتعليمات جبهة التحرير والتي كانت تمنع الإعدام، دون الحصول على إذن الفيدرالية وقبل جمع أقصى قدر من الحجج الدامغة ضد الشخص المستهدف. وكتب المؤلف بخصوص هذا الصراع الدامي بين "رجال كانوا فيما مضى يتقاسمون نفس الطموحات، وناضلوا في حزب واحد، وهو الحركة من أجل الحريات الديمقراطية. فكيف وصل بهم الأمر إلى أن يكنوا لبعضهم البعض حقداً لم يترك بديلا آخر سوى التخلي عن انتمائهم أو الموت؟". المؤلف يشدد على أن واقع هذه الحرب بين الإخوة "لا يمكن أن تخفف من واقع آخر وهو واقع الجرائم المرتكبة بأعداد كبيرة من طرف قوات الأمن ضد جزائريي باريس ومنطقة باريس، والتي كان محركها الحقد العنصري ضد مجموعة بشرية".