صدر مؤخرا عن دار سيمون وشستر بالولايات المتحدة كتاب "كسنجر - 1973 - السنة الحاسمة" للمؤرخ الأمريكي اليستير هورن، والذي يرصد خلاله أهم الأحداث التي لعب خلالها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق دورا رئيسيا وبلغت ذروتها جميعها عام 1973. ويسعي هورن عبر كتابه الجديد اعادة تقديم الدور السياسي لهنري كسنجر خاصة خلال سنة 73 والذي وصفها بأنها "لم تكن عادية" حيث حصد خلالها أهم إنتصاراته السياسية خاصة في العلاقات الأمريكية مع الصين وروسيا وبعض الملفات الشائعة، كما لم يخلو من بعض الهزائم والإخفاقات. وتابع المؤلف وفقا لصحيفة "البيان" الإماراتية أن استراتيجية كسنجر بالانفتاح على الصين اتت ثمارها الأولى وبدأت مسيرة تطبيع العلاقات مع الزعيم الشيوعي ماو تسي تونج، كما بدأت خلالها الخطوات الأولى نحو إرساء "سياسة الوفاق" مع الاتحاد السوفيتي والذي اعتبر نجاح سياسي لما وصفه كسنجر ب"الدبلوماسية الواقعية". أما أبرز اخفاقات عام 1973 تمثل في فضيحة "ووترجيت" والتي اجبرت الرئيس ريشارد نيكسون على الاستقالة، فضلا عن حرب أكتوبر 73 وتفجر الاوضاع في الشرق الأوسط بين العرب وإسرائيل، والتي ادت الي تدهور الوضع الاقتصادي الأمريكي والعالمي فيما عرف ب"الصدمة النفطية الأولى". ويوضح هورن أن الأحداث الكبرى التي شهدها عام 1973 كانت مقدماتها قد بدت خلال عامين 1971 و1972، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات مع الاتحاد السوفيتي والصين وانسحاب القوات الأمريكية من فيتنام، ولكنه اعتبرها لم تبلغ ذروتها الا في عام 73. وشدد المؤلف علي أن السمات الأساسية لخصوصية سنة 1973 فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لكسنجر، يكمن في كون السياق الأمريكي كان يتسم بالضعف في عهد نيكسون خاصة بعد فضيحة "ووترجيت"، ولعب كيسنجر دورا كبيرا في دفع السياسة الأمريكية إلى أعلى. وتكمن أهمية الكتاب في كون المؤلف أحد الشاهدين علي تلك الحقبة والمقربين من المطبخ السياسي من خلال علاقته الشخصية بكسنجر، وهو ما أكد عليه أنه أمضي ساعات طويلة خلال ثلاث سنوات مع كسنجر في واشنطن ونيويورك ولندن وباريس، وفي منزله ببلدة كينت. ولجأ هورن الي المقابلات التي أجراها مع أولئك الذين عملوا مع كسنجر وفي مقدمتهم برنت سكوكرفت أحد الوجوه السياسية في إدارة جورج دبليو بوش، الي جانب "مذكرات" وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كأحد مصادر البحث التي اعتمدها في هذا الكتاب. وخصص المؤلف فصلا كاملا لحرب أكتوبر والتي قهر خلالها الجيش المصري قوات الاحتلال الصهيوني، ووصف الرحلات المكوكية التي قام بها كسنجر طوال عدة أسابيع بين إسرائيل والعواصم العربية من أجل التوصل الي صيغة لوقف إطلاق النار، والذي يعتبره أحد أهم الانتصارات التي حققها خلال مسيرته الدبلوماسية رغم اعترافه بالمفاجئة التي صاحب اندلاع تلك الحرب الغير متوقعة.