صدر مؤخرا عن الدار العربية للعلوم ببيروت كتاب "كوسوفا... تجليات ثقافية ما بين الشرق والغرب" للكاتب محمد الارناؤوط، ويتناول بين دفتيه مدي تأثير الثقافة العربية عبر تاريخ كوسوفا أو "قوصوة" في الماضي. ويؤكد الكتاب أن كوسوفا التي تقع في قلب القارة العجوز لم تكن غريبة عن بلاد الشام أو عن المشرق العربي، حيث كانت قد تشابكت بصلات بشرية وثقافية خلال القرون التي امتد فيها حكم الدولة العثمانية. ويتوغل الأرناؤوطي في أعماق التاريخ ليكشف عن وجود هذا التراث العربي في كوسوفا التي انتقلت من الحكم العثماني الى الصربي، الى تجربة الفيدرالية اليوغوسلافية ابان حكم الحزب الشيوعي، الى اعلان الاستقلال واقرار دستورها الجديد عام 2008، الذي اعتبر "اللغتين الالبانية والصربية لغتين رسميتين، اضافة الى حق الأقليات (الباشناق والأتراك والغجر) في استخدام لغاتهم. وتوقف المؤلف أمام تأثير اللغة العربية والاسلام في مظاهرهما المتنوعة في كوسوفا عبر المخطوطات العربية القديمة الى تراث الطريقة القادرية، الى الشعراء الكوسوفيين الذين كتبوا باللغة العربية، كالشيخ محمد طاهر، والشيخ عمر لطفي بشاريزي. وتطرق محمد الي الشعراء الذين كتبوا بالحروف العربية في القرن العشرين، محللا معاني المفردات العربية في رواية سنان حساني "بدأ العنب ينضج"، كما رصد العمارة الاسلامية في كوسوفا وبالتحديد ابنية المساجد ذات القيمة التاريخية وانتشار فن الارابسك وساق الكاتب الذي استعان بالعديد من المراجع والصور والملاحظات والهوامش، تأثر كوسوفا بالأوضاع العربية وأحداثها، في مواضيع الشعر الكوسوفي كالثورة الجزائرية والقضية الفلسطينية. ويقدم الكتاب معلومات تاريخية وثقافية قيمة لمنطقة كوسوفا وكيف خرجت من سنوات الظلام الى النور، ويتوقف أمام موقعها الثقافي المتميز بين الشرق والغرب.