صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت كتاب "المقدس والحرية" للدكتور فهمي جدعان، يراجع فيه عدد من القضايا بالبحث والنظر والتأمل التحليلي والنقدي. ووفقا لصحيفة "الدستور" الأردنية يوضح المؤلف أنه نجمت في المجال المشترك بين العرب وبين الإسلام، ظاهرة خرق الحرية لمجال المقدس الإسلامي، وهو خرق كان الغرب على حد وصفه قد مارسه وألفه منذ عصر أسموه "التنوير والدخول في الحداثة". ويرى المؤلف أن الحداثة أحدثت وقائع جديدة، أقصت الديني ونصبت العقل إماما وحاكما وأقرت حقوقا للإنسان ، وجعلت من حقه الحرية في الاعتقاد والتعبير حقا مقدسا ، مشيرا إلى أن مواطن الحداثة في الغرب استخدم الفكر الحر استخداما مطلقا ، وفي مجاراة المرتبط بسلطة الوحي وبمؤسسة الكنيسة حيث قصد هذا الفكر مع فولتير، إلى الإجهاز على الدجال ، ونعت المقدس الديني وأهله باقدح النعوت واعنف الأقوال، وأذيعت المصنفات التي تؤنس المسيح أو تضعه في موضع الشك أو الازدراء والسخرية ، وحفلت الأدبيات الغربية بما لا عد له ولا حصر من الكتابات المضادة للألوهية وللدين وللمقدس. ويبين المؤلف أن العقدين الأخيرين ، شهدا خرقا للمقدس بقسوة وعنف، حيث تم ذلك على أيدي بقايا الاستشراق العرقي والأصولية الدينية المسيحية ، والمسيحية المتهودة ، وسياسيين متعصبين دينيا أو سياسيا ، وباسم الديمقراطية وحرية التعبير اتيح للعديد من هؤلاء مهاجمة المقدس في الدين الإسلامي خاصة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، حيث نعتوه بصفات مشوهة ، بعيدة عن الحقيقة ، مشيرا إلى أن موقف الإسلام في ذلك ينطلق من الاحتجاج على خرق المقدس والإساءة إليه ، وفي تسويغ الرد على هذا الخرق ، من القول أن ذلك يصدم مشاعر المؤمنين ويلحق بنفوسهم أذى لا حدود له من وجه ، وبأن قداسة المقدس ذات طابع شامل مطلق يتعين احترامه وعدم المساس بقداسته ، من وجه ثان ، وبأن من شأن الاعتداء على المقدس ان يلحق أضرارا فادحة بالسلم الاجتماعي ، من وجه أخير. وينقسم الكتاب إلى عدة أقسام جاء الباب الأول عن الحرية ، بينما الثاني لموضوع القيم والباب الثالث لموضوع الدين ، والرابع لموضوع المحافظة والحداثة عند ابن خلدون.