صدر مؤخرا عن دار سويل بباريس كتاب "الإمبراطورية وأعداؤها المسألة الإمبريالية عبر التاريخ" لمؤلفه هنري لورنس، ويقع في 256 صفحة من القطع المتوسط. ووفقا لصحيفة "البيان" الإماراتية يرى المؤلف أنه رغم الاهتمام الكبير والحديث المتردد بجميع المناسبات عن "الإمبراطورية" فإن مفهومها ومدلولاتها الحقيقية والعميقة تبقى من بين الأكثر جهلا بها في الأعمال التاريخية الحديثة. ويلاحظ أنه منذ مطلع القرن التاسع عشر كان هناك نهجان متوازيان في التعرّض للإمبراطورية. نهج يؤرخ لها من موقع وضعها في سياقها التاريخي الذي عرفته المجتمعات الصناعية، ونهج يركز على شجب ما فعلته تلك الإمبراطوريات. ويؤكد لورنس في تحليلاته على أهمية المساهمات التي قدّمها أعداء الإمبريالية، بمعنى الطموح إلى تشكيل إمبراطوريات، في التنظير لها، رغم موقفهم الإيديولوجي المناوئ لفكرتها. ولا يتردد في كتابة أنه "من أجل إيجاد تفسير نظري للامبريالية ينبغي التوجه نحو خصومها. إن هؤلاء هم الذين حاولوا، بطريقة ما، صياغة الأفكار المتعلقة بها". ويشير هنري لورنس إلى المقارنة المعتادة بين إمبراطورية روما القديمة والإمبراطورية الأميركية الحالية. وهناك في الواقع العديد من المرجعيات الرومانية في الولاياتالمتحدة وليس أقلّها "الكابيتول" ومجلس الشيوخ "السينا". بل وكثيرا ما يجري التشبيه بين القادة العسكريين الأميركيين وهذا القائد الروماني أو ذاك، وفي مقدمتهم "قيصر". وكانت الإمبراطورية الرومانية القديمة قد عرفت العديد من مجموعات الضغط التي كانت تسعى للتأثير على التوجه السياسي الإمبريالي، ومثل هذه المجموعات موجودة في المنظومة السياسية الأميركية الحالية ولها صوتها القوي في توجيه السياسة الخارجية للبلاد. وينقل المؤلف عن المفكّر الليبرالي ريمون آرون استخدامه لتعبير "الجمهورية الإمبريالية" التي لا تقوم على مبدأ ضمّ أراضي الغير، ولكن السيطرة عليهم بشتى الوسائل والوصول إلى "المواد الأولية" التي يمتلكونها. والميزة الكبرى التي تمتلك عليها الولاياتالمتحدة هي قوتها العسكرية الجبارة التي لا سابق لها في التاريخ. وهي تستطيع بواسطتها فرض نوع من "السلطة الإمبريالية". بنفس الوقت تمارس الولاياتالمتحدة، بالاعتماد على الجميع، خاصة المنافسين المحتملين في أوروبا والصين واليابان وروسيا، أن يأخذوا في حساباتهم القوة العسكرية الأميركية القادرة على نشر قواتها سريعا في المناطق البعيدة عنها. وهي تستطيع بذلك أن تلعب دور الضبط أو دور التشويش. ويرى المؤلف أن المسألة الفلسطينية هي اليوم في قلب النضال ضد الإمبريالية، ذلك على اعتبار أن إسرائيل تشكل جزءاً من العالم الغربي مزروع في العالم الثالث. ثم إن أؤلئك الذين خبروا السيطرة الغربية تذكّرهم إسرائيل بماضيهم المؤلم وتجعل الإمبريالية جزءاً من الوقت الراهن. أما النضال ضد الإمبريالية فيأخذ اليوم أشكالا متعددة، وطنية وقومية وعقائدية.