ينحاز الناقد عبد الله الغذامي إلى الأقليات في كتابه "القبيلة والقبائلية أو هويات ما بعد الحداثة" الصادر عن المركز الثقافي العربي - بيروت والدار البيضاء. هؤلاء المهمشون الذين دفعتهم مخاوف غامضة وأسطورية، إثر فشل الوعود الكبرى للحداثة في العودة إلى الجذور، بحثاً عن هوية وتوقاً إلى حماية من التلاشي والذوبان. يتأمل الغذامي في كتابه بروز العرقيات والطائفيات، وظهور الهوامش كإحدى السمات المميزة لمرحلة ما بعد الحداثة للتعبير عن ذاتها. يكشف الكتاب عن هزيمة الإنسان، عن التخبط وانهيار المشاريع الكبرى في زمن العولمة. هو كتاب وفق صحيفة "الحياة" اللندنية يعبر عن انكسار الأحلام، بما فيها الحلم الأمريكي نفسه، واندحارها بمجيء مرحلة ما بعد الحداثة، التي أيقظت المخاوف وفتحت الأبواب لعودة الهويات الأصولية، وأعادت اكتشاف القبيلة من جديد. الكتاب أيضاً قراءة في المسار البشري، يجد القارئ نفسه إزاء صراع "الذات" مع "الآخر". ال"نحن" في مواجهة ال"هم". وفي كتابه يعتبر الغذامي الهويات منتوجاً ثقافياً يحضر اليوم كرد فعل على إخفاقات وعود الحداثة، "التي كانت تعد بالعقلانية والليبرالية والعلموية مع تبشير مثالي بالحرية والانعتاق الذاتي والجمعي، لكنها وعود تبخرت مع نيران الحروب العرقية والدينية وانتشار الأوبئة". الكتاب هو مزيج من مقالات ومقابلات تلفزيونية وتحقيقات وأخبار صحفية، وأشعار وأحاديث دينية، وخطب لساسة مشهورين، واستشهادات ومقتطفات متنوعة، وتحضر أسماء كثيرة مثل: باراك أوباما، توني بلير، جورج بوش، توماس إليوت، المتنبي، نزار قباني، فهد السلمان، أمين معلوف، محمد العمري، إمبرتو إيكو، روجيه عساف وغيرهم. يضم الكتاب خمسة فصول: "هويات ما بعد الحداثة، الإسلام والقبيلة، المستعرب، ثقافة القبيلة، إعادة اكتشاف القبيلة، والأصول".