ولاية الفقيه ودورها في التاريخ الإيراني محيط – شيرين صبحي الغلاف نظم معرض القاهرة الدولي للكتاب ضمن محور كاتب وكتاب، ندوة لمناقشة "حدائق الأحزان" لمؤلفه الدكتور مصطفي اللباد، بحضور الدكتور نبيل عبد الفتاح والدكتور محمد السيد سعيد، ويدور الكتاب عن نظرية "ولاية الفقيه" التي تنتهجها إيران والبحث في اساس تلك النظرية، متناولا دور إيران الإقليمي الذي يتزايد بالمنطقة. وقع اختيار المؤلف لعنوان "حدائق الأحزان" بالإشارة لما تملكه إيران من حدائق تمتاز بتصميمها الفريد وعمارتها الخلابة ، ولما يتركه حزن الإيرانيين المرتبط تاريخيا بمقتل الحسين - رضي الله عنه - من أثر عميق بنفوسهم ، ويبدو هذا الحزن راسخا في وجدان الشيعة، وشيعة إيران خاصة. في البداية يوضح الدكتور نبيل عبد الفتاح أن إيران أصبحت محورا رئيسيا في الجدل السياسي الإقليمي والدولي حول الملفات السياسية والاستراتيجية الرئيسية من الملف النووي وأمن الخليج وملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، والعلاقة مع تنظيمي حماس والجهاد الإسلامي في الملف الفلسطيني. ولا تكاد تخلو الأخبار اليومية من اسم إيران الدولة أو القيادات السياسية. ويعلق أن هناك مفارقة بالغة الغرابة فالبرغم من الحضور الإيراني السياسي والثقافي المكثف في السياسة الإقليمية والدولية ، يبدو على الجانب الآخر الغياب الإيراني عن الوعي السياسي والنخبوي العربي إلا فيما ندر، كذلك هناك نقص فيما يتعلق بالخريطة الدينية ومؤسساتها ومرجعيتها. ويضيف أن الشح المعرفي حول الحالة الإيرانية يعود لأسباب عديدة أولها الصراع السني الشيعي واستراتيجيات التكفير الديني والمذهبي والسياسي الأمر الذي وضع قيودا علي حرية البحث الأكاديمي في أغلب البلدان العربية. كذلك نقص المتخصصين الذين يجيدون اللغة الفارسية، والقيود السياسية والأمنية حول الاهتمام بإيران وسياستها وغلبة المعالجات الصحفية السريعة والمبتسرة . يقول مؤلف الكتاب الدكتور مصطفي اللباد أن إيران متداخلة في وسائل الإعلام بشكل متوالي منذ 2003 وهناك اتجاهان إما معارض لإيران وكأنها اسرائيل ثانية، وإما مؤيد لها تماما. موضحا أن ايران بالطبع ليست كإسرائيل ولكن لها أجندتها الخاصة ويجب عدم الإنحدار والانحياز مع أو ضد. ويضيف المؤلف: لا اخفي تعاطفي مع إيران ولكني حاولت التجرد من خلفيات الاختلاف مع نظام "ولاية الفقيه" لأن الدولة الدينية خارج السياق التاريخي، موضحا أن الكتاب يشرح تقاليد نظرية دينية شيعية لازالت تفرض حضورها. وايران لها دور كبير منذ قيام الثورة الاسلامية ويتعاظم هذا الدور في السنوات الأخيرة، وقد حاولت البحث في الأفكار المؤسسة للدولة ومنها "ولاية الفقيه". ويبين المؤلف أن نظرية ولاية الفقيه لم يخترعها الإمام الخوميني وانما شكلت اجتهادات الفقهاء علي مدي سنوات طويلة، كما أن اجتهادات الخوميني لم تكن الوحيدة فالشيعة ليسوا كتلة جامدة حيث تتعدد المذاهب والتيارات الفكرية وهناك تصارع بين المرجعيات مثل السيستاني في العراق وخامنئي في إيران ويشير د. اللباد إلي أن الجديد في الثورة الإيرانية أنها افسحت المجال أمام التعبئة النفسية وأخرجت نظرية ولاية الفقيه وأصلت عمقها التاريخي. وايران مازالت تقدم نموذج لتعدد التيارات والأجنحة وتقدم نموذج لتداول السلطة ونموذج لنخبة سياسية متجددة في منطقة لا يتوافر بها ذلك. الدكتور محمد السيد سعيد عن الكتاب يقول الدكتور محمد السيد سعيد انه ينتمي للكتابة الأدبية في السياسة، والكتاب به ميزة التركيز حيث حافظ علي مركزية القضية التي يعالجها وهي "ولاية الفقيه". وايران بلد فيلسوفة، فنحن كمتبعين للمذهب السني نلخص الاسلام في الفقه ، أما الإيرانيون فيتعاطون مع الفلسفة لذلك خرج منهم فلاسفة الاسلام. ويري د. سعيد أن هناك مقارنة عجيبة بين مصر وإيران ؛ فهما دولتان تاريخيتان قامت فيهما دولة ومجتمع سياسي منذ القدم، كذلك عدد السكان يكاد يكون واحد، ولكن إيران بالنسبة لنا طلسم كبير واعتقد ان لديهم نفس الشعور ولديهم كما لدينا رجفة بخصوصهم. ويضيف ان ايران مركز الثورة في المنطقة بينما نمثل نحن مركز الثورة المضادة ونحن نتراجع دون ان ننتبه وقد حدث انقلاب في الأدوار، فكيف حدث اختطاف للثورة من عندنا لتصبح اساس قيام دولتهم الآن. ويعلق ان مصر تزايد علي مواقف ايران بشكل مبالغ فيه والشىء الذي يطرح نفسه الآن انه لو حدث تحالف بين مصر وإيران فيمكننا طرد الأمريكان من المنطقة وإعادة التوازن مع إيران. يشتمل الكتاب علي خمسة فصول، يتناول أولها الخلفيات التاريخية للتشيع وعلاقة الفقهاء بالدولة الإيرانية، ويهتم الثاني بمباني ومعاني "ولاية الفقيه" وولادة النظرية ودور الخميني في تطويرها. ويتوقف الفصل الثالث عند الوصول إلى السلطة والتطورات التي آلت إلى استبعاد التيارات الأخرى وانفراد "ولاية الفقيه" بالسلطة. ويلقي الفصل الرابع ضوءا على انتقال السلطة بعد رحيل الإمام الخميني إلى السيد خامنئي وانعكاساتها على النظرية والواقع السياسي. أما الفصل الخامس فيتناول دور الرئيس خاتمي في تطوير الخطاب الديني، وتغيير التوازنات السياسية في إيران، ثم أخيرا تحديات المستقبل.