روما: "مائة سنة من الثقافة الفلسطينية" كتاب صدر هذه الأيام بروما عن دار نشر كاروتشي، من تأليف أستاذة الأدب العربي بجامعة لاسابيينسا إيزابيلا كاميرا دافليتو. يأتي الكتاب والقارئ الإيطالي والغربي عموما، في حاجة ماسة إلي لفت انتباهه نحو الواقع الثقافي في فلسطين، وتحرير مخياله من هيمنة السياسي. تقول المؤلفة: أحب فلسطين وأناصر نضال الفلسطينيين، أحب من أحب وكره من كره، فهذا البلد الأسير قدري. يتابع الكتاب - وفق د. عزالدين عناية بجريدة "القدس" اللندنية - رحلة تخندق الفلسطينيين حول الثقافة حتي يحافظوا علي هويتهم في مواجهة المسخ المسلَط عليهم. وعي الفلسطيني ذلك منذ فترة ما قبل النكبة وأثناءها وبعدها. وهو ما تابعت المؤلفة تجلياته الثقافية منذ الإرهاصات الأولي للشعور الوطني الفلسطيني علي أعمدة الصحف. فقد تلازم نحت هوية الفلسطيني الثقافية مع ارتباط وثيق بالمشروع النهضوي العربي. لم يبق الفلسطيني رهين محنه، بل وسع دائرة اهتمامه إلي مجالات أرحب، تجلت في المساهمة الفعالة للكتاب والمترجمين، في تعريف العرب بالإنتاجات العالمية المنقولة من اللغات الأوروبية، لعل من أبرز هؤلاء خليل بيدس (1874 1949) وأحمد شاكر الكرمي (1874 1937) وعادل زعيتر (18971957). تعود تلك الريادة في الترجمة إلي القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، حيث كان التزاحم علي أشده بين المدارس التبشيرية، التابعة لفرنسا وأنجلترا وروسيا القيصرية في فلسطين. كانت تقدم المنح للطلاب، الأمر الذي جعل الفلسطينيين يطلون مبكرا علي الفكر الغربي. ومن القصص الطريفة التي روتها صاحبة الكتاب أن أحد هؤلاء المترجمين المسمي بندلي صليبا الجوزي (1871 1942)، جري إرساله لروسيا لغرض تعميق دراساته في اللاهوت الأرثوذكسي ليرسم عند عودته كاهنا، غير أن الشاب أغوته المادية التاريخية فتحول إلي داعية للماركسية. وقد قضي الرجل بقية حياته بأذربيجان مدرسا بجامعة باكو، ترجم علي إثرها عشرات المؤلفات من الروسية وإليها. ووفقا لنفس المصدر تعالج إيزابيلا في فصل خاص ما تسميه فلسطينيون إسرائيليون أو عرب إسرائيل. كما تثير المؤلفة موضوع تعامل كتاب عرب 48 مع اللغة العبرية. فجراء نشأة العديد منهم في إسرائيل تيسر لهم الإلمام بالعبرية. تخلص المؤلفة في حديثها عمن يكتبون بالعبرية إلي مقارنتهم بعرب شمال إفريقيا ممن يكتبون بالفرنسية، داعية إلي استيعابهم في حضارتهم العربية، لا تهميشهم أو تناسيهم.