أثار كتاب "الديمقراطية والتنمية في مصر" للاقتصادي المعروف والوزير الأسبق د. سلطان أبوعلي موجة من ردود الأفعال والتساؤلات المشجعة علي ضرورة الحوار حول القضية الرئيسية للكتاب والمتمثلة في العلاقة بين الديمقراطية والتنمية حيث شارك جمع كبير من السياسيين والمفكرين والوزراء السابقين في الندوة التي أقامتها دار العين للنشر. أبدي د. سلطان أبوعلي في بداية حديثه عن الكتاب - كما نقلت جريدة "الراية" القطرية - اندهاشه الشديد من أن القضايا الاقتصادية التي تطرق لها وطرحها في كتابه قبل أكثر من ثلاثين عاماً لا تزال كما هي أي أننا في مصر لا نزال نتحرك في نفس المكان فنحن نتكلم كثيراً دون أن ننجز شيئاً حقيقياً، موضحاً أن الدول ذات الأهمية الاقتصادية والسياسية الكبري اليوم مثل الصين والهند والبرازيل لا يعتبر السكان نقمة بل نعمة ينبغي حسن استغلالها وإدارتها. من جانبه تساءل د. مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب وسكرتير الرئيس الاسبق للمعلومات: هل الديمقراطية مجرد ترف لا تحتاج الشعوب إليها في بناء اقتصادها وهل يمكن أن تقبل الديكتاتورية بشكل أو آخر في سبيل التنمية والصين نموذج لهذا وهي لا تزال تحت سيطرة الفكر الماركسي؟ الحقيقة أنه لا الماركسية ولا اليمينية ولا الديمقراطية في احدي مراحل التطور السياسي للوصول إليها يعوق أي منهما تحقيق التنمية، القضية الأساسية أن يكون هناك نظام يقف علي قدميه له بداية ونهاية لكن هناك نظم لا تعرف هويتها ولا ماذا تفعل ولن اسميها حتي لا أقع في الحرج لكن كتاب د. أبوعلي خير دليل علي هذا. لقد عشت في الهند عدة سنوات وكنا في وقت ما من الأوقات في الستينيات فرسي رهان معها فأين هم الآن وأين نحن؟ لقد اخترنا الرفاهية المصطنعة والاستهلاك الواسع ولم نتمكن من بناء الدولة المعاصرة في مصر لكن نهرو استطاع أن يقيم المركز الأعلي للتخطيط فالتزموا بتوجهاته حتي اليوم. وتساءل د. الفقي ماذا لو أن مصر لم تواجه ثورة 23 يوليو وسارت الأمور بالتطور الطبيعي بكل ما له وما عليه ألم يكن وارداً أن نكون في وضع أفضل؟ وأضاف د. مصطفي الفقي الذي بدا مهموماً وساخطاً علي الأوضاع السياسية والاقتصادية الموجودة بمصر الآن قائلاً إن تقليل عدد السكان ليس هو المعضلة الوحيدة التي تواجهنا للخروج من حالة التخلف والردة فهناك الصين والهند لكن المشكلة أننا في مصر طرقنا كل الأبواب ولم ندخل أي واحد منها طرقنا أبواب الفضاء والتنمية وطرقنا بوابة التعليم ولم نفعل شيء سوي تخلف فوق تخلف. وأكدت د. مني البرادعي عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن كتاب د. الوزير سلطان أبوعلي رصد حي وحقيقي لكافة مشكلات الاقتصاد المصري وتطوره طوال 30 سنة وهو يشير الي العديد من الأمور في مقدمتها أن المشاكل التي نعاني منها اليوم هي نفس المشاكل التي كنا نعاني منها قبل ربع قرن وهذا دعا الدكتور أبوعلي ليفرد فصولاً طويلة يناقش من خلالها قضايا القطاع العام والخصخصة والدعم واستراتيجية التخطيط وأساليبه ووسائله، ومن بينها: غياب القدرة علي اتخاذ القرار الاقتصادي السليم والخلط بين نظم اقتصادية شتي أدي الي هذا التخلف، كما أن تدني مستوي التعليم باعتباره الوسيلة الأساسية للإصلاح كان أحد المعوقات الكبري للتنمية. والكتاب في مجمله يؤكد أن افتقاد الديمقراطية والحكم الرشيد وغياب المساءلة والشفافية هي أسباب النكسة الاقتصادية لمصر. بينما أقر الفقيه الدستوري الكبير الدكتور يحيي الجمل - وفقا لنفس المصدر - أنه لا يوجد خلاف جوهري بين أي من المتحدثين الكبار الدكاترة أبوعلي، الفقي، مني البرادعي حول الديمقراطية كأمر أساسي وجوهري، لكن الاختلاف حول مدي الارتباط بين الديمقراطية والتنمية، فالتنمية حدثت أما في بلاد ديمقراطية وأما في بلاد بها نخب قوية وإدارة قوية مثل الصين تقدر علي مواجهة الفساد والوقوف له بحزم... فإما أن تختار النظام القوي غير المايع او الديمقراطية الحقيقية أن كل مجتمع لا بد له من بوصلة وهنا أتساءل عن وجهة البوصلة المصرية النظام المصري هل تتجه نحو أحداث تنمية حقيقية. الحقيقة أن البوصلة المصرية تتجه ناحية الحلول الأمنية باستمرار لكي تثبت أركان النظام القائم وبجانبها بعض المرطبات!. من جانبه أكد الدكتور أحمد زايد عميد كلية الآداب جامعة القاهرة أن الديمقراطية هي الوحيدة الكفيلة بتحقيق التوازن الطبقي كما أن المساءلة والشفافية دعامتان رئيسيتان للتقدم، إن أي مصادرة علي الحقوق الرئيسية للشعب هي مصادرة علي التنمية. فالاشتراكية قد لا تتناقض بالضرورة مع التنمية والديمقراطية الاجتماعية استطاعت أن تحقق قدراً كبيراً من الرفاهية في بعض الدول، لكن المشكلة المصرية وأنا أتفق مع الدكتور الفقي أننا في مصر إزاء حالة من التذبذب وعدم الاستقرار نطرق كل باب ولا نفتحه. فتجاربنا ناقصة وحالتنا أشبه بالشهيق الذي لا يكتمل والدكتور سلطان أبوعلي في كتابه توقف مطولاً أمام قضية إدارة التنمية والتحديث وأمام افتقاد فكرتي الكفاءة والعدالة في التجربة المصرية لذا وصلنا الي الحالة المزرية الآن كما توق بالنقد والرصد أمام منتجات التجربة المصرية الفقر والدعم والخصخصة وضرورة وضع استراتيجية كبري للتخطيط. من جانبها أثنت الدكتورة فاطمة البدوي علي كتاب الدكتور أبوعلي الذي حقق مبيعات جيدة وكان فاتحة خير للدار في مجال الكتب الاقتصادية.