كشف الدكتور مصطفي الفقي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب والدبلوماسي السابق المخضرم عن أسرار فترة عمله في سفارة مصر بالهند .ووصف الظروف السياسية والاقتصادية للبلدين بالمتشابهة بدءاً من الازدحام ومقومات تجربة النهضة ووصولا الي طريقة تفكير الناس ودرجة السلام النفسي لدي الشعبين حيث إنهما لا يميلان إلي العنف ولديهما ميزة نادرة، وهي أن نظرتهم إلي الأجنبي يسودها الاحترام والرقي وهذا يدل علي كرامة الأصل والعمق الحضاري للشعبين علي حد قوله في ندوة العلاقات المصرية- الهندية، تحديات وطموحات. كما وصف د.مصطفي الفقي الهند بمتحف للزمان والمكان، تري فيها التقدم والتخلف والفقر والغني والثقافة الرفيعة والأمية وكل الديانات والثقافات، جميعها في تعايش ، وقال: إنها أكبر تجربة إنسانية علي الأرض لما تتميز به من تعددية ولأنها أكبر الديموقراطيات علي الأرض فلديها 700 مليون نائب برلماني .وقال ان الثقافة الهندية علمت الناس الإيمان بالواقع وعدم التمرد علي الحياة وأن هناك دورة للحياة أن تكون اليوم غني وغداً تصبح فقيراً كما أشار الي الشيوعية لم تتمكن من ذلك البلد الكبير حجماً ، والفقير نسبياً علي الرغم من أنه متاخم للصين وقريب من الاتحاد السوفيتي .. ويروي الفقي كيف انه تعلم في الهند ما لم يتعلمه في إنجلترا فعندما تذهب إلي الهند تعود شخصاً آخر ، وكان هناك وزير الخاريجة الأسبق د.مراد غالب والذي عمل سفيرا للهند في الستينيات يقول من لم ير الهند فإنه لم يرالعالم . ويتابع حديث الذكريات قائلا : الهند مجتمع مفتوح محب لنا ونحن محبون له ، والسلك الدبلوماسي الهندي كنا ولانزال نعتبره في طليعة السلك الدبلوماسي العالمي، وأتحدي أي دبلوماسي خدم في أي مكان في العالم ألا وجد السفير الهندي دائماً متألقاً وله دور نشط وله دراية متكاملة بالشئون الأفريقية والدولية والعلاقات السياسية والإقتصادية، وكان العرف الدولي يصنف السلك الدبلوماسي في العالم الثالث ابتداء من الهند أولاً ثم باكستان ومصر. ويثني الفقي علي السلك الدبلوماسي المصري ويراه واحدا من أنشط وأعرق السلك الدبلوماسي الموجود في العالم المعاصر، ويتطرق إلي التعاون بينه وبين الدبلوماسية الهندية في المحافل الدولية والمنظمات المختلفة بنشاط وفاعلية مؤثرة، ويري أنه ليس غريباً أن الرئيسين كندي ومن بعده جونسون يرسلان جربت أستاذ التنمية ليكون سفيراً لأمريكا بالهند . وأوضح الفقي أنه خدم في الهند منذ عام 1979 وحتي 1983 وقصة ذهابه للهند كانت مفاجئة، لانه كان يعمل في بريطانيا في مهمة مع د. بطرس بطرس غالي آنذاك، وكانت مكافأة من يعمل مع وزير الخارجية بإتقان أن يتم إكرامه بالذهاب إلي نيويورك أو واشنطن ، أو لندن أو باريس وليس لشرق آسيا، وكان معه محمود مرتضي بالخارجية يقومان بإعداد "الكتب البيضاء" عن كامب ديفيد ، إتفاقية السلام ، مياه النيل، وقناة السويس . والدكتور بطرس غالي جاء للخارجية بزخم علمي ورغبة لتحديث وزارة الخارجية فبدأ يعمل الكتب البيضاء فعملنا أنا ومحمود مرتضي في هذه الكتب البيضاء، وفوجيء الفقي أن حركة التنقلات بالخارجية تقول بأنه سيذهب للهند ومحمود مرتضي الي بكين، ودخلا يشكوان لبطرس غالي للعلاقة الطيبة التي تربطهما .فقال لهما د.بطرس: أنتما لا تفهمان مصلحتكما والدكتوراه التي أعددتماها عن الأقليات جاءتكما الفرصة لتذهبا وتشاهدا علي الطبيعة ما درستماه نظريا عن التجربة الكبري للتعايش بين الديانات والثقافات في العالم وقال د.بطرس للفقي :عندما تعود من مهمتك بالهند ستعرف معني وقيمة ما اقوله لك. وكان وزير الخارجية آنذاك بطرس غالي يحرص كل عام علي زيارة الهند، وفي مرة من المرات قدم له الفقي ميزانا من النحاس كهدية، فما كان منه إلا أن علق علي ذلك قائلا: هل تفكرني بالعدالة ؟! وأشار الفقي إلي أن أكبر خدمة قدمها له الدكتور بطرس بطرس غالي هي أن بعثه للعمل بالهند ، فالهند دولة لا تستورد أي شيء من الخارج ، وحتي السيارات الامباسدور مازال الهنود يركبونها بعد تجديدها ، فالشعب الهندي مؤمن بذاته ويملك قوته وملابسه وكل شيء يستهلكه بشكل لا أري له نظيرا.و الفقير الهندي مثقف ونظيف وفخور، وتجد الخبز الهندي له ما يقرب من 8 أنواع ..كما ان الانسان الهندي معروف بالانتماء لافرق أن يكون عاملا بسيطا أو أستاذ صواريخ وذرة، وعندما يزور العالم الهندي بلاده، وهو مقيم في أمريكا، يرتدي القرطة و الشبشب أبو حلقة ولابد أن يزوج اولاده في الهند .