"من يجرؤ علي نقد إسرائيل؟" سؤال يطرحه في قوة الكاتب والباحث الاستراتيجي الفرنسي باسكال بونيفاس في كتابه الذي يحمل نفس العنوان والصادر عن المركز العربي للدراسات الغربية بالقاهرة ودار الفارابي بيروت. علي مدي فصول الكتاب التسعة يكشف بونيفاس - وفق ما كتبت ليلي الراعي بجريدة "الأهرام" المصرية - "الردع الاستباقي" الذي يمارسه اللوبي الصهيوني في المجتمعات الغربية لاسيما الفرنسية لاغتيال أي نقد يمكن أن يوجه لإسرائيل مقدما توثيقا مهما يعكس معه تطور الوعي السياسي الفرنسي والأوروبي تجاه اسرائيل. كما يقدم المؤلف صورة مغايرة للإعلام الفرنسي الذي قد يبدو لنا في كثير من الأحيان مواليا ومساندا لإسرائيل, فيدحض هذه الفكرة عبر وقائع وأحداث مختلفة يشير اليها مؤكدا معها ان من يخرج عن "الفلك الصهيوني" ينال جزاءه وعلي سبيل المثال "محاكمة الصحفي ميرميه, مظاهرات أمام وكالة الصحافة الفرنسية, تهديدات بمقاطعة الصحف والمجلات التي تدعو الي السلام في الشرق الأوسط, تحميل الإعلام الذي ينشر مظاهر القمع الإسرائيلي للفلسطينيين مسئولية الأحداث المعادية للسامية في فرنسا" الخ. وإذا كانت إسرائيل كما يؤكد بونيفاس تستغل قضية العداء للسامية لخدمة أهداف أخري لا تمت بصلة لهذه القضية, فإنها مثلا أمام التحدي الديموجرافي الذي يواجهها والذي يسير في غير مصلحتها تقوم بتصعيد الشعور بالخطر لدي يهود فرنسا حتي يهاجروا الي إسرائيل, كما يسمح لها الحديث عن " اللاسامية" في فرنسا بالتهرب من الحوار مع الفلسطينيين الذي تؤيده وتدعمه السياسة الفرنسية, ويدخل المؤلف ، بحسب صحيفة "الأهرام" المصرية ، في" سجال" مع غلاة الموالين لإسرائيل ويقدم وجهات نظر مغايرة بشأن الحديث عن كراهية اليهود وعن الاشكال الجديدة لمعاداة السامية منتقدا بشدة الذين يصورون فرنسا وكأنها بلد معاد للسامية. يقول أحمد الشيخ الذي قام بتقديم وترجمة الكتاب الي العربية - وفقا لنفس المصدر - في الحقيقة كان دافعي وراء نقل هذا الكتاب الي اللغة العربية هو أننا في العالم العربي لم نعد نعيش فقط آثار التدمير والتخريب المادي في المجتمعات العربية علي أكثر من صعيد من جراء القوة الصهيونية المتشعبة, بل أصبحنا نعيش ظاهرة الخوف من آثار اللوبي الصهيوني في بلادنا والذي يحتل مواقع مهمة في أروقة الأجهزة الفعالة في المجتمعات العربية.