اللجنة الفنية الدائمة ل"التصدي للشائعات" ب"الأعلى للإعلام" تعقد اجتماعها الدوري    وزير البترول يتابع الموقف التنفيذي لمجمع شركة البحر الأحمر للبتروكيماويات المقرر إقامته بالمنطقة الاقتصادية    الجمعية العمومية للشركة المصرية للصيد تعتمد القوائم المالية وتعلن خططًا للنهوض بالثروة السمكية    أرمينيا وأذربيجان تنشران اتفاقية السلام    اندلاع حريق غابات جديد غربي تركيا    ترامب يمدد هدنة تعليق الرسوم الجمركية مع الصين 90 يوما إضافية    جريليش على بُعد خطوة من الانضمام لإيفرتون    برشلونة يكتفي بالصفقات الثلاث في الانتقالات الصيفية    سمية صفوت: هناك أشخاص جاهزون لقيادة الإسماعيلي فور سحب الثقة من مجلس أبوالحسن    الأرصاد: ظاهرة القبة الحرارية سبب الموجة شديدة الحرارة.. والذروة الأربعاء والخميس المقبلين    نظير عياد يستقبل مفتي القدس والديار الفلسطينية    دينا الشربيني تظهر في العرض الخاص لفيلم درويش المستوحى من أجواء الأربعينات    وليد عبدالعزيز يكتب: ظواهر سلبية تحتاج إلى إجراءات مشددة الطريق ملك للجميع.. والاستهتار في القيادة نتائجه كارثية    وزارة الرياضة تعلن الكشف عن المخدرات| تشمل "الاولمبية والاتحادات والأندية واللاعبين"    الإعدام للمتهم بقتل شاب لسرقة دراجته النارية في الواحات البحرية    عاد للتدريب المنفرد .. الإسماعيلي يكشف تطورات إصابة محمد حسن    غدًا.. «الوطنية للانتخابات» تعلن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ 2025    نور الشريف.. أداء عبقرى خطف القلوب من السيدة زينب إلى قمة الفن العربي    لكل ربة منزل.. تعرفى على فوائد الماكريل    الشاي الأخضر.. مشروب مفيد قد يضر هذه الفئات    اللاعب لا يمانع.. آخر تطورات انتقال باليبا إلى مانشستر يونايتد    "من بريق موناكو إلى سحر بورسعيد".. المصري يتعاقد مع كيليان كارسنتي    محافظ المنيا يوجّه بوقف العمل خلال ساعات الذروة    تعاون مصري- إيفواري في مجالي الصناعة والنقل وبحث إقامة مناطق لوجستية مشتركة    محافظ كفرالشيخ يعتمد تحديث المخطط التفصيلي لمدينة سيدي سالم وتعديل قيود الارتفاع    قيادات تعليم السويس تودّع المدير السابق بممر شرفي تكريمًا لجهوده    غدًا.. انطلاق المؤتمر العالمي العاشر للإفتاء بمشاركة علماء من دول العالم    عمرو يوسف ودينا الشربيني يحتفلان بالعرض الخاص لفيلم درويش    في ذكرى رحيله.. نور الشريف أيقونة الفن المصري الذي ترك إرثًا خالدًا في السينما والدراما    مذيعة القاهرة الإخبارية لمسئول بالوكالة الذرية: العلاقات لا تبنى على دم الشهداء    أنا مريضة ينفع آخد فلوس من وراء أهلي؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    هل يشعر الموتى بالأحياء؟.. أمين الفتوى يجيب    4 تفسيرات للآية «وأما بنعمة ربك فحدث».. رمضان عبدالمعز يوضح    أجمل عبارات تهنئة بالمولد النبوي الشريف للأهل والأصدقاء    وزارة التعليم تحدد اسعار الكتب المدرسية لطلاب المدارس الخاصة    محافظ الأقصر يبحث رفع كفاءة الوحدات الصحية واستكمال المشروعات الطبية مع وفد الصحة    وكيل صحة سيناء يتابع تقديم الخدمات الطبية للمترددين على مستشفى العريش    وصفات حلويات المولد النبوي الشريف السهلة بدون فرن    جدول مواقيت الصلوات الخمسة غدا الثلاثاء 12 أغسطس في المنيا والمحافظات    مجلس صيانة الدستور الإيراني: نزع سلاح حزب الله حلم واهم    إقبال كثيف على شواطئ الإسكندرية مع ارتفاع الحرارة ورفع الرايات التحذيرية    «يلوم نفسه».. كيف يتعامل برج العذراء عند تعرضه للتجاهل؟    بدء تداول أسهم شركتي «أرابيا إنفستمنتس» في البورصة المصرية    محمد إيهاب: نسعى لإخراج البطولة العربية للناشئين والناشئات لكرة السلة في أفضل صورة    فيبا تضع مباراتي مصر ضمن أبرز 10 مواجهات في مجموعات الأفروباسكت    نشرة «المصري اليوم» من الإسكندرية: قرار قضائي عاجل بشأن «ابنة مبارك».. وحبس المتهمين في واقعة ركل «فتاة الكورنيش»    الرئيس الفرنسي: على إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الحرب فورا    جريمة أخلاقية بطلها مدرس.. ماذا حدث في مدرسة الطالبية؟    سحب 950 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: الحلال ينير العقل ويبارك الحياة والحرام يفسد المعنى قبل المادة    رغم رفض نقابات الطيران.. خطوط بروكسل الجوية تُعيد تشغيل رحلاتها إلى تل أبيب    الأمم المتحدة: قتل إسرائيل للصحفيين "انتهاك خطير" للقانون الدولي    وزير الزراعة و3 محافظين يفتتحون مؤتمرا علميا لاستعراض أحدث تقنيات المكافحة الحيوية للآفات.. استراتيجية لتطوير برامج المكافحة المتكاملة.. وتحفيز القطاع الخاص على الإستثمار في التقنيات الخضراء    وزير الري يؤكد أهمية أعمال صيانة وتطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالي    الصحة: 40 مليون خدمة مجانية في 26 يومًا ضمن «100 يوم صحة»    بعد تعنيفه لمدير مدرسة.. محافظ المنيا: توجيهاتي كانت في الأساس للصالح العام    لليوم ال 11.. «التموين» تواصل صرف مقررات أغسطس    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرضاوي: دعاء الله على وجه الاختبار عمل مذموم
نشر في محيط يوم 22 - 11 - 2009


القرضاوي: دعاء الله على وجه الاختبار عمل مذموم

أكّد الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أنّ الدّعاء هو التّوجه إلى الله سبحانه وتعالى بالطلب؛ ليقضي للإنسان حاجة من حاجاته الدنيوية أو الأخروية، وحاجاته لشخصه، ولأهله، ولأولاده، ولمن يحب للأمة الإنسانية فنحن لنا حاجات نعجز عن أن نحققها فنلجأ إلى من يقدر على تحقيقها، ومن يهيئ الأسباب لتحقيقها ومن لا يقف عند الأسباب وهو المولى تبارك وتعالى.
وقال القرضاوي في حديثه لبرنامج " الشريعة والحياة " الذي تبثه فضائية الجزيرة: إن العلماء قسموا الذكر إلى ذكر ثناء، وذكر دعاء، حيث إنّ الدّعاء لون من الذكر، والله تعالى يقول: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً }[الأحزاب: 41، 42]، فالدعاء هو لون من الذكر، كما أن الذكر بعضه ثناء، مثل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، وبعضه دعاء، مثل اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وعافني وارزقني.
وأضاف، أن الدعاء أحيانًا يكون ثناء على الله، كما قال سيدنا إبراهيم: { رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللّهِ مِن شَيْءٍ فَي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء}[إبراهيم:38]، وهذا دعاء ثناء، وبعدها قال: { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ}[إبراهيم:40، 41]، وهذا دعاء طلب يعني مسألة .
وأوضح القرضاوي، أنّ هناك شروط للدعاء، أولها أن تطلب من الله سبحانه وتعالى وتُخلص له الدعاء، فحينما يكون الدعاء دعاء مخلص يستجيب الله له مثل دعاء المضطر، فالمولى تبارك وتعالى يقول: { أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ..}[النمل:62]؛ لأن المضطر في هذه الحالة يلجأ إلى الله بشدة الحاجة بإخلاص مثل ساعة الغرقى عندما تحيط بالسفينة الأمواج من كل مكان ويظن الناس أنهم أُحيط بهم فتضطرب السفينة، وهنا يقول القرآن: {..دَعَوُاْ اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ..}[يونس:22] .
وتابع أنّ المولى تبارك وتعالى لكي يستجيب دعاء إنسان؛ لابد أن يكون مأكله حلالا، ومشربه حلال، وحياته حلال، ولا يعيش في الحرام منغمسًا فيه، ولا يأكل أموال الناس بالباطل،ولا يحيا بالرشوة وبالربا بالاحتكار، وبظلم الفقراء والضعفاء، وباستغلال حاجات الناس؛ لأنّ النّبي عليه الصلاة والسلام، ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ولعله سفر في حج أو عمرة، يمد يديه إلى السماء يقول: يا رب يا رب، ومأكله حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟ .
وحذّر رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من الاستعجال في استجابة الدعاء، والتّوقف عنه بحجة أنّ المولى تبارك وتعالى لا يستجيب له، حيث قال النّبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "أنه يُستجاب للعبد ما لم يستعجل، قالوا وكيف يستعجل يا رسول الله؟ قال: يقول دعوت ودعوت فلم يستجب لي، يستحسر عن الدعاء"، ولكن ينبغي أن يعلم أن الله سبحانه وتعالى قد يجيب الدّعاء بطريقة غير الطّريقة التي يريدها الإنسان، فالله سبحانه قد يستجيب بصورة لا نعلمها، كما جاء في الحديث عن أبي سعيد الخدري أن النّبي- صلى الله عليه وسلم- قال فيما معناه "ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث خصال. واحدة من ثلاث، إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يكف عنه من السوء مثلها، والثالثة أن يدخرها له في الآخرة "، ولذلك الصحابة قالوا: يا رسول الله إذاً نكثر، فقال: أكثروا وما عند الله أكثر مما تطلبون؛ لأن الله لا تنفد خزائنه" كما أنّ الحديث القدسي الشهير: "قل يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا أًدخل البحر" .
وأشار إلى أنه لا يصح أن ندعو المولى تبارك وتعالى على وجه الاختبار؛ لأنّ هذا عمل مذموم، نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال فيما معناه: " لا يقل يا رب اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت اللهم انصرني إن شئت، بل يقول ليعزم أحدكم الدعاء فإن الله لا مكره له.
وفي معرض رده على سؤال عن إجابة الدعاء قال القرضاوي: " هناك أصناف مجابة الدعوة وهناك أشخاص مستجابو الدعوة، والأصناف كما جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "ثلاثة لا ترد دعوتهم، الإمام العادل والصائم حين يفطر ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين"، كما أن هناك أشخاص مستجابو الدعاء ومنهم سيدنا سعد بن أبي وقاص وسيدنا سعيد بن زيد؛ فالأول سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، قال يا سعد طيب طعمتك تستجب دعوتك، يعني اجعل طعامك طيبا حلالا، كل من حلال واحرص على الحلال. فكان سعد مستجاب الدعوة، وفي عهد سيدنا عمر، سيدنا عمر ولاه أميرا على الكوفة بعد انتصاره في القادسية وفتح بلاد الفرس، وبعد أن خطط سيدنا عمر البصرة والكوفة جعله أميرا على الكوفة. وقد شكاه بعض الناس لسيدنا عمر، ولكن سيدنا عمر بعث من يسأل عنه فسأل عنه في المساجد، وعند القبائل، وكلهم كانوا يثنون عليه خيرا إلا واحدا من بني (عبس) قال: أما إذا نشدتنا الله؛ فإن سعدًا لا يسير في السرية ولا يعدل في القضية ولا يقسم بالسوية، فعزل ابن الخطاب سعدًا الذي دعا الله وقال: اللهم إن كان هذا الرجل كاذبا قام مقام رياء وسمعة فأطل عمره وأطل فقره وافتنه في حياته، فطال عمر الرجل حتى سقط حاجباه واشتدت حاجته وفتن حتى أنه كان وهو يبلغ المائة، يغازل البنات الصغيرات، فيقول الناس له: يا رجل عيب عليك، يقول لهم مفتون أصابتني دعوة سعد.
وبسؤاله عن الاعتداء في الدعاء، قال القرضاوي: " إنّ الاعتداء في الدعاء أن يدعو الإنسان بشيء محرم فيقول: " يا رب، يسر لي الزنا بكذا أو يا رب يسر لي أكل الربا أو صفقة فيها مكسب بالحرام، كما أنَّ الاعتداء في الدعاء يكون بالدعاء بالكلام الشبيه بكلام الناس، فلا يصح أن يقول الإنسان يا رب زوجني بنت العمدة في القرية أو بنت السلطان وأحد الصحابة سمع ابنه يقول اللهم أسكني في القصر الأبيض عن يمين الجنة، فقال له يا بني إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول سيكون هناك قوم يعتدون في الدعاء وفي الطهور" الطهارة" يتجاوزون الحدود، إذا سألت الله فقل اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل.
وأضاف أن الاعتداء في الدعاء يكون أحيانا على الكفار قائلا: أنا ذكرت في كتابي "خطابنا الإسلامي في عصر العولمة" أن هناك من المسلمين من يدعو على الكفار دعاء غير جائز، مثل: اللهم أهلك اليهود والنصارى، لا يجوز الدعاء على إهلاك اليهود لأن هناك يهود ونصارى يعيشون في بلاد المسلمين لا ذنب لهم، وهناك بعض اليهود ضد "إسرائيل" وضد قيام الدولة الصهيونية وهناك بعض النصارى مسالمون لنا ومواطنون من مواطنينا نسميهم أهل الذمة أو أهل دار الإسلام؛ فلماذا تدعو على هؤلاء؟ وأنا أدعو في خطبة الجمعة، اللهم عليك باليهود الغاصبين الظالمين أو بالصهاينة..
وتابع أننا عندما ندعو على اليهود، لا نقول اللهم يتّم أطفالهم.. اللهم رمّل نساءهم.. الله خرب ديارهم، فلم يرد ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، والقرآن يقول {..وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[آل عمران:147] والنبي عليه الصلاة والسلام يقول "اللهم يا منزل الكتاب ويا مدني السحاب ويا سريع الحساب ويا هازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم، اللهم اهزمهم وزلزلهم" وآخر ما دعا النبي عليه الصلاة والسلام على قريش بعد أن آذته وفعلت به ما فعلت، قال: " اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم اجعلها عليهم سنين كسنين يوسف ابتلهم بالقحط، {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ..}[الأعراف:130] .
ولفت الدكتور القرضاوي إلى أنّ الدعاء من أسباب دفع البلاء قطعا، وأما هل يدفع القدر والقضاء؟ هو سبب من الأسباب وعندما سئل النبي عليه الصلاة والسلام عن الدواء وقيل له هل الدواء يدفع قدر الله؟ قال هو من قدر الله يعني ذلك كما أن المرض بقدر الله الدواء أيضا من قدر الله، كما أن البلاء الذي ينزل على الإنسان بقدر الله، الدعاء الذي يدفعه هو من قدر الله. فنحن كما قال الشيخ عبد القادر الجيلاني المؤمن القوي من ينازع القدر بالقدر، وهذا أكده شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيم أن المؤمن يدفع قدرا بقدر، قدر الجوع بقدر الغذاء، قدر العطش بشرب الماء، قدر الأعداء بالسلاح والجهاد والأقدار الكثيرة يمكن دفعها بالدعاء، فالدعاء والبلاء يتعالجان يعني أنهما يتصارعان، إذا كان الدعاء قوي مع الإخلاص يدفع البلاء إن شاء الله كما أن من يقول " اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه" لا معنى له وهذا دعاء غير مأثور .
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أن الدعاء لا ينافي اتخاذ الأسباب فالمفروض على الإنسان أن يأخذ بالأسباب ويكمل بالدعاء، مثل: التداوي حيث يذهب إلى الطبيب ويتناول الأدوية ومع هذا يتناول الرقية، اللهم رب الناس اذهب البأس، اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، فيجمع بين الدواء المادي والدواء الروحي، وكذلك في الدعاء الإنسان يعمل ما يجب عليه أن يعمله ويكمل هذا بالدعاء إلى الله؛ لأن هناك أشياء يعجز الإنسان عنها وهناك أسباب خفية لا يستطيع الإنسان أن يعرفها فهو يستعين بالله أن يهيئ له كل الأسباب ويزيل من طريقه كل الموانع؛ ولذلك في الدعاء المفروض أن الإنسان يتبع سنن الله أي لا يدعو بأشياء مخالفة للسنن، بمعنى أن يكون غير متزوج، ويقول: يا رب ارزقني ذرية صالحة، مثلما خلقت آدم من تراب من غير أب ولا أم، لأن هذا مخالف لسنن الله عز وجل، لأن هذا أشبه بمن لا يزرع ويريد حصادًا، والحسن البصري مرّ على رجل يصلي ويعبث بالحصى ويقول اللهم أدخلني الجنة وزوجني من حورها العين، فقال له بئس الخاطب أنت، تخطب الحور العين وتعبث بالحصى! يعني لابد أن يتهيأ الداعي للشيء الذي يطلبه من الله، فمن يدعو وقلبه لاه عن ذكر الله لا يستجيب له الله عز وجل.
وأوضح القرضاوي أن الدعاء لولي الأمر مطلوب في كل حين، كان الحسن البصري يقول لو كان لي دعوة مستجابة لدعوتها للسلطان فإن الله يصلح بصلاحه خلقا كثيرا، فالمطلوب في أي وقت أن ندعو للسلطان، إنما الخلاف في الدعاء في قلب الصلاة في الخطبة على المنبر فالإمام عطاء ابن أبي رباح وهو أحد فقهاء التابعين ويعتبر أفقه الأئمة في عصره في المناسك؛ سئل عن هذا الأمر، فقال: " هو محدث إنما كانت خطبتهم تذكيرا، ففي عهد سيدنا أبي بكر وعمر والخلفاء الراشدين ما كانوا يدعون لأحد، وما ورد أن أي أحد في أي مسجد دعا لأبي بكر أو عمر، إنما يدعون للمسلمين بالنصر اللهم انصر المسلمين على المرتدين، اللهم انصرنا على مسيلمة والسجاح والأسود العنسي... اللهم انصرهم على الروم وعلى الفرس.. على الكفار؛ ولكنّ الدعاء لواحد بعينه كرهه كثير من العلماء، وبعضهم أجاز هذا وبعضهم أجاز أنك تدعو اللهم أصلح ولاة أمورنا ومن الأدعية المشهورة والمأثورة، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا.. واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك.. واتبع رضاك .. اللهم وولّ أمورنا خيارنا، ولا تولّ أمورنا شرارنا، وبعض العلماء شدد في هذا واعتبر الدعاء لولي الأمر باسم معين مكروها، خشية أن يدخل فيما لا يجوز لأنه يمكن أن يصفه بما ليس فيه، الإمام العادل الصالح المصلح .
وفي معرض ردّه على سؤال يقول هل يجب على المسلم المصلي الذي يحضر خطبة الجمعة أن يؤمن على دعاء الإمام أم يجوز له ألا يؤمن إذا كان الدعاء لولي الأمر وفيه ظلم ؟ قال : إذا لم يرَ أنه حق لا يؤمّن عليه، لا يؤمن إلا على ما يقتنع به.
وأشار الدكتور القرضاوي إلى أن هناك أماكن الدعاء فيها يستجاب أكثر من غيرها، وهناك أوقات يستجاب فيها الدعاء أكثر من غيرها، وهناك حالات يستجاب فيها الدعاء أكثر من غيرها، فالإنسان إذا دعا الله - عزَّ وجلَّّ - في ساعات السحر هذه من أفضل ما يدعى فيه الله سبحانه وتعالى؛ لأنه وقت الدعاء والاستغفار، يتجلّى الله على عباده في الثلث الأخير من الليل، ويقول هل من سائل فأعطيه.. وهل من داع فأستجيب له.. وهل من مستغفر فأغفر له، فساعات السحر وهي وقت جيد وحالة جيدة لأنه حال صفاء النفوس والابتعاد عن التشويش والجلبة والضوضاء؛ فهو وقت مناسب وحال مناسبة، كما أن أرجى ما يكون فيها الدعاء ما بين الأذان والإقامة، حينما يؤذن المؤذن وينتظر الإقامة فهذا الوقت هناك دعاء، وعند الفطر إذا كان الإنسان صائمًا رمضان أو صياما مستحبا عند الفطر، إن للصائم عند فطره دعوة لا تردّ، ويوم الجمعة أيضا يستجاب فيه الدعاء وفيه ساعة لا يصادفها عبد يدعو الله بخير إلا استجاب له، وإن كنا لا نعرف هذه الساعة، كما أن من الأماكن التي يفضل فيها الدعاء عند الكعبة وفي المسجد الحرام والمسجد النبوي وفي المساجد بصفة عامة فالمسجد هو أقرب إلى الدعاء من خارج المسجد، والإنسان وهو في حالة السجود أقرب إلى الاستجابة، أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وعندما يكون في حالة تضرع، حيث يقول القرآن {ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً..}[الأعراف:55] .
وقال: " إن السجع الدعاء لا مانع منه؛ لأنّ هناك سجع في بعض ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: "اللهم إني أسألك عيش السعداء وموت الشهداء والفوز في القضاء والنصر على الأعداء، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع ومن عمل لا يرفع"، فبعض الأدعية مسجوعة وواردة، إنما لكي يتكلف الإنسان السجع لا؛ لأن المفروض أن يدعو الإنسان الله بتلقائية بعفوية.
وبخصوص التباكي في الدعاء، قال: التباكي إذا كان تباكيا عن تأثر فنعم الشيء هو، ولكن إذا كان عن تظاهر يعني يريد أن يظهر للناس أنه مخلص وأنه خاشع وكذا إذا دخل فيها حب المحمدة وحب الشهرة أو مراءة للناس فبئس الشيء هو، فالإنسان يكون على طبيعته، خصوصا في الدعاء، وهذه هي حالة اضطرار إلى الله وافتقار إليه، فكلما ظهرت على حقيقتك كما أنت لا تحاول تزويق نفسك، ولا تسويق نفسك، الله يعلم ما في قلبك وما في نفسك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.