د. الطيب : غياب المرجعية الواحدة سبب تخلف وتراجع المسلمين محيط : علي عليوة مستقبل الاصلاح فى العالم الاسلامى بدأت اليوم فعاليات المؤتمر الدولي حول مستقبل الاصلاح في العالم الإسلامي بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة وفي كلمته أكد الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الازهر أن أمور الأمة تسير إلى الضعف المستمر وهو ما يمثل أزمة نادرة في قلب نهضتها ومشاريعها الإصلاحية التي لم تتوقف منذ قرنين من الزمان حتى هذه اللحظة، مشيرا إلى أن علة العلل هي فقدان وحدة المرجعية العليا والتقلب بين مرجعيات عديدة شرقية تارة وغربية تارة أخرى أريد لمجتمعاتنا الاسلامية أن تعمل بوحي من فلسفتها وعقائدها وهذا هو سر تخلفنا. وأكد أن وحدة المرجعية ضرورة في تاريخ النهضات لافتا إلى أن وحدة المرجعية لا تعد نقيضا لحركة التطور ولكن العكس هو الصحيح حيث أثبت الواقع أن غياب المرجعية الواحدة هو أساس البلاء وهو الذي جعل الأمة تبدو كمسخ شائه مشددا على ضرورة التجديد في الفكر الإسلامي لنعرف من نحن ومن هو الآخر وكيف نحاوره ونستفيد مما عنده من ايجابيات ونحمي أنفسنا من مخاطر غزوه الفكري. وفي كلمته إلى المؤتمر أوضح محمد فتح الله كولن رئيس وقف البحوث الأكاديمية والانترنت والمجدد التركي المشهور أن العالم الإسلامي استهلك نظريات الإصلاح المستوردة من خارج النسق الاسلامي دون جدوى رغم أنه يملك رصيدا تاريخيا ضخما من الفكر والقيم الكفيلة ببناء حضارة قوية شامخة كما حقق ذلك في القرون الخالية عندما كان المسلمون سادة العالم علما ومعرفة وخلقا ولكنهم عندما تخلوا عن مرجعيتهم الاسلامية واتبعوا الآخرين وراياتهم الراسمالية والشيوعية تخلفوا . ونبه إلي أننا معشر المسلمين لازلنا نعاني من عدم وضوح الرؤية وكثرة العثرات والانكسارات وذلك لاسباب عديدة منها عدم ضبط مفهوم الاصلاح كما ورد في القرآن اتلكريم والسنة النبوية المطهرة . واكد ان النبي صلي الله عليه وسلم كان إمام المصلحين وقد بعثه الله رحمة للعالمين ومن ثم كانت الرحمة هي اساس دعوته وجوهر منهاجه الاصلاحي حتي في اشد الظروف عنفا وقسوة مشيرا إلي أن الاصلاح الحق هو الذي يحمله اناس مخلصون متعلقون باشواق الروح منكرون لذواتهم ومصالحهم الشخصية وينظرون إلي عيوب الآخرين بمنظار الرحمة والشفقة ويعالجون جراح الآخرين وكأنها تنزف من اجسادهم هم . الدكتور أحمد الطيب رئيس جامعة الأزهر ولفت إلى أن الإنكسار الذي يعاني منها المسلمون والتعسر يعود إلى عدم الالتزام بمفهوم الإصلاح كما مارثه الأنبياء عبر التاريخ والذي يركز على بناء الفرد وبناء اخلاقياته على أسس من الإسلام مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم "إنما بعثت معلما" وهو ما يعني ضرورة أن يرتكز الإصلاح على اصلاح التعليم والتربية لإنتاج الإنسان المتحضر الذي يعبد الله ويعمر الكون. وفي كلمتها قالت الدكتورة نادية مصطفي مدير مركز الدراسات الحضارية وحوارالثقافات إن مستقبل الاصلاح في الوطن العربي يقع في القلب من الاصلاح المنشود علي مستوي العالم الاسلامي مشيرة إلي ان القاعة التي يعقد بها المؤتمر داخل جامعة الدول العربية تتوسط ثلاث آيات قرآنية كريمة تمثل منهج الاصلاح وجوهره وهذه الآيات هي (إن الله لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم ) والآية الثانية هي ( كنتم خير أمة اخرجت للناس ) والآية الثالثة (واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا ). واضافت بأن قيمة تغيير ما بالنفس إلي قيمة خيرية هذه الامة ليس بايمانهافقط ولكن بحضورها وشهودها وقيمة الوحدة والتضامن ثلاث قيم اساسية ترتكن اليها فلسفة مؤتمر الاصلاح في العالم الاسلامي مؤكدة ان حركة فتح الله كولن التجديدية والاصلاحية تقدم لنا دلالات هامة بشأن كيفية تفعيل هذه القيم الثلاثة المتصلة بالذات والامة في حياة الافراد والمجتمعات الاسلامية . ومن جانبه اوضح الدكتور مصطفي اوزجان مستشار وقف البحوث الاكاديمية والانترنت أننا كمسلمين نؤمن يقينا بأننا نمثل الفكر الصحيح لأن المرجعية التي ننتمي لها مرجعية من عند الله تعالي ولذلك فهي مرجعية صادقة ومثالية لكن هناك عجز في تمثيل هذا الانسجام بين الإنسان والحياة والإيمان بالله في شكل سلوك يومي في حياة الافراد والمجتمعات الاسلامية لذا فان تجربة المجدد فتح الله كولن منذ الستينيات وحتي الآن تحاول أن تعبر عن هذه المنظومة الايمانية من خلال المدارس والتربية والتعليم ونؤمن أنه كلما نجحت هذه التجربة في الحياة أتت أكلها وكانت نتائجها ايجابية في المجتمععلي شكل نهضة علمية اخلاقية معرفية تعيد للمسلمين سابق عزهم ومجدهم الحضاري . وعليه - يضيف - فإن تعدد الاجتهادات في إطار وحدة المرجعية ليس فقط مقبولا، بل هو ضروري ولازم، وهو من مظاهر التعبير عن فهم الإسلام كنظام شامل. كما أن التنوع في الرؤى والبرامج الإصلاحية على أساس المرجعية الإسلامية، إنما ينسجم مع حقائق الوقائع الاجتماعية والسياسية، ويعكس جوهر الفطرة الإنسانية التي تتأبى على التنميط والقولبة، وتنزع دوماً للتنوع، وتتآلف مع حقائق التعدد في الكون وفي معطيات الحياة الاجتماعية.