أسماء المرشحين عن الدائرة الرابعة بمحافظة الدقهلية لانتخابات مجلس النواب 2025    أوقاف الفيوم تعقد فعاليات البرنامج التثقيفي للطفل لغرس القيم الإيمانية والوطنية.. صور    محافظ أسوان يقرر تعديل تعريفة الأجرة للمواصلات الداخلية والخارجية    روسيا توسع أسواق نفطها وتستهدف إنتاج 510 ملايين طن    زيلينسكى مستعد للقاء بوتين في أي مكان عدا دولتين    حماس: الاحتلال يتحمل مسئولية تأخير تسليم الجثامين بسبب تدميره للأنفاق    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في "قباطية" جنوب جنين    كريم نيدفيد: رمضان صبحي ليس صديقى ولا أعتقد أن هناك فرصة لعودته للأهلى    إبراهيم محمد حكما لمباراة الإسماعيلى والحرس ومحجوب للجونة والبنك    علاء عبد العال يعلن قائمة غزل المحلة لمواجهة كهرباء الإسماعيلية فى دورى نايل    احتراق سيارة ملاكى يعطل حركة المرور فى ميدان الرماية    مكان ارتكاب واقعة مقتل طفل الإسماعيلية وتقطيعه إلى أشلاء بمنشار كهرباء.. فيديو وصور    ضبط شاب وفتاتين صوروا مشاهدا منافية للآداب داخل توك توك فى القاهرة    قبلة منة شلبي ليد يسرا على مسرح حفل مهرجان الجونة تتصدر الترند    آمال ماهر تتألق فى افتتاح مهرجان الموسيقى العربية بحضور وزير الثقافة ورئيس الأوبرا    الصحف المصرية: إسرائيل تماطل فى فتح معبر رفح    التأمين الصحى الشامل بالأقصر يعلن توفير 980 ألف جنيه لعلاج شاب مصاب بضمور عضلات    الحفني يشهد توقيع بروتوكول تعاون بين سلطة الطيران المدني وإدارة الحوادث    سيف زاهر: فخور بثقة الرئيس السيسي.. وتطوير الرياضة أبرز أولوياتي بمجلس الشيوخ    «أفضل لاعب في مصر بمركزه».. فاروق جعفر يتغزل ب نجم الأهلي    نجم الأهلي السابق يطلب من الجماهير دعم بيراميدز في السوبر الإفريقي    لافيينا يواجه بلدية المحلة.. وديروط يستضيف راية في الجولة التاسعة بدوري المحترفين    يونس المنقاري: بيراميدز فريق جيد.. سعيد ب أداء الشيبي والكرتي.. ومواجهة السوبر الإفريقي صعبة    ننشر أسماء المرشحين عن الدائرة الأولى بمحافظة الأقصر لانتخابات مجلس النواب 2025    ترامب يقرر عدم ارسال صواريخ توماهوك من أجل أوكرانيا    ترامب يهدد بتحرك أمريكي ضد حماس حال خرق اتفاق غزة    لتنفيذ أعمال كوبري مشاة المونوريل.. بدء غلق كلي لطريق امتداد محور 26 يوليو    4 ساعات حرجة .. تحذير من حالة الطقس اليوم : «ترقبوا الطرق»    رفضت إصلاح التلفيات وقبول العوض.. القصة الكاملة لحادث تصادم سيارة هالة صدقي    خلافات مالية تنتهي بجريمة قتل في الخصوص.. والأمن يضبط 3 متهمين    فرنسا وبريطانيا تضعان مسودة قرار لنشر قوة دولية في غزة بالتنسيق مع واشنطن    هيئة محلفين أمريكية توجه اتهامات جنائية إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون    أسعار الخضار والفاكهة في أسواق أسوان اليوم الجمعة    ختام مبهر بالألعاب النارية لحفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي    حوار مع الأطفال.. أحمد أمين يروج لأولى حلقات برنامج «الورطة المشمشية»    4 أبراج «مبيخافوش من المواجهة».. صرحاء يفضلون التعامل مع المشكلات ويقدّرون الشفافية    تركي آل الشيخ: «بدأنا الحلم في 2016.. واليوم نحصد ثمار رؤية 2030»    فضل يوم الجمعة وأعماله المستحبة للمسلمين وعظمة هذا اليوم    فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة ووقتها المستحب    أدعية يوم الجمعة المستحبة للمتوفى والمهموم والأبناء    بحضور رئيس مجلس الوزراء.. وزير الشؤون النيابية يشهد ختام أسبوع القاهرة الثامن للمياه    تفاصيل لا يعرفها كثيرون.. علاقة فرشاة الأسنان بنزلات البرد    أطعمة تدعم جهاز المناعة بشكل طبيعي في الشتاء    عاجل | "الدهب رايح على فين؟".. الجرام يرتفع 160 جنيه في يومٍ واحد (تفاصيل)    الحكومة: أوشكنا على إنهاء حصر العقارات الآيلة للسقوط في الإسكندرية    زيادة مرتقبة في أسعار البنزين والسولار اليوم الجمعة    الطائرات البريطانية تنهي طلعاتها الاستطلاعية في سماء غزة بعد عودة الرهائن    سعر طن الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الجمعة 17 أكتوبر 2025    الإسكندرية جدارية من الأحياء.. انطلاق النسخة ال16 من أيام التراث السكندري نهاية أكتوبر    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 17 أكتوبر 2025    مقتل «ربة منزل» طعنا بسكين في ظروف غامضة بالمنيا    الرعاية الصحية: المواطن يدفع 480 جنيه ونتحمل تكلفة عملياته حتى لو مليون جنيه    إنجاز طبي جديد بمستشفيات جامعة قناة السويس    هل يجوز المزاح بلفظ «أنت طالق» مع الزوجة؟.. أمين الفتوى يجيب    بالأسماء والأسباب .. تعرف علي قائمة المستبعدين من خوض انتخابات النواب بالقليوبية    هل الصلوات الخمس تحفظ الإنسان من الحسد؟.. أمين الفتوى يوضح    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات«منحة أدوات النجاح»لتأهيل طلابها وتنمية مهاراتهم    وزير العدل: تعديلات مشروع قانون الإجراءات الجنائية تعزز الثقة في منظومة العدالة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"الملتحون" يفعلونها في دول الربيع
نشر في مصر الجديدة يوم 06 - 07 - 2012

خرجت وسائل إعلام مصرية (صحف وقنوات ومواقع إخبارية) مؤخرًا بعدد من الأخبار تتضمن حوادث قتل وإعتداء، نسبتها إلى من وصفتهم ب "ملتحون"، وفي شرحها لهذا التوصيف كانت تذهب إلى أنهم أفراد من الجماعات الإسلامية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن دافعهم لإرتكاب هذا اللون من الإجرام أسباب دينية تعود إلى فهم متشدد للإسلام، ومنوهة أيضا إلى حالة "شم النفس" التي أصابتهم بعد تولي الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية.

وهو ما أحدث إرتباكا، وأثار مخاوفا لدى الكثيرين في الشارع المصري، وأوجد حالة من اللغط والجدل بين مكونات المجتمع، في فترة كان يريدها المصريون لإلتقاط الأنفاس، لعلها تسهم في خلق جو من التسماح بين أفراد المجتمع من جهة، والتصالح بين فرقائه السياسيين من جهة أخرى.

بعض عناوين الأخبار جاءت كالتالي: "ملتحون يقتلون شابًا لسيره برفقة خطيبته"، "والد قتيل السويس:ملتحون ذبحوا ابني"، "ملتحون يمنعون الراقصات فى (أبو كبير)"، "ملتحون يقتلون أصحاب فرقة موسيقية"، "ملتحون يوقفون سيارة بأبو حماد ويطلبون من سائقها حجاب زوجته"، "ملتحون يهددون فتيات غير محجبات في الشوارع"، إلى غير ذلك.

لكن من جهتها، تنفي الجماعات والجمعيات والقوى الإسلامية قاطبة أي علاقة لها بمثل هذه الأفعال، بل ودعت السلطات في أكثر من مناسبة إلى التحقيق فيها، وإعلان نتائج هذه التحقيقات على الرأي العام ليعرف الناس المرتكبين الحقيقيين، بل ويتهم الإسلاميون أطرافا تنتمي إلى النظام السابق وأجهزة أمنية تريد تشويه صورتهم بسبب صعودهم السياسي وفوزهم بالاستحقاقات الانتخابية في البلاد.

وأمام هذا، تبدو الحاجة ملحة في مصر لإيجاد صيغة أخلاقية ومهنية تُوضع بشكل أو بآخر أمام وسائل الإعلام، بحيث تراعي هذه القنوات الجماهيرية الإلتزام بها في المعالجات والتغطيات، حرصا على أمن البلاد واستقرارها، خاصة وقد بات قطاع عريض من المجتمع المصري يشعر بأن الإعلام على تعدد قنواته وأجهزته بات جزء من الأزمة التي تعيشها البلاد.

من المهم أيضا الإشارة إلى أن إلصاق التهم بقوى مجتمعية تمثل مجموع غير محدد من الناس، أمر لا يقره شرع أو قانون أو عرف، فهو تجاوز كبير بحق هذا المجموع، خاصة مع إنعدام الدليل على إدانته، وفي ظل النفي المتكرر من قبله، بل ويزداد التجاوز مع تعمد تجاهل هذا النفي، ما يدلل على وجود نية لتوريط هذه القوى.

الواقع المصري يشي بأن الإسلاميين ليسوا وحدهم من يعفون لحاهم، خاصة بعد الثورة، وقد لاحظنا في أكثر من مشهد أفرادا ومجموعات تنتمي إلى جهات غير إسلامية تعفي لحاها..
فقد تابع مثلا الكثير من المصريين عبر الصحف ومواقع الإنترنت صورا التقطت للمشير حسين طنطاوي، وهو يزور عددا من أفراد القوات المسلحة ممن أصيبوا في أحداث "العباسية" الشهيرة، وكانوا ملتحين، كما جرى تصوير عدد من الجنود وهم يقفزون من عربات تابعة للشرطة العسكرية خلال هذه الأحداث وكانوا ملتحين أيضا، وهناك شهادات سجلها الإعلام لأقارب أفراد تابعين لجهاز أمن الدولة لاحظوا إعفاء لحاهم بعد حل الجهاز، أيضا هناك أقباط مصريين صاروا يعفون لحاهم، ومؤخرًا سُأل الناشط القبطي "جورج إسحاق" عن سبب إعفاء لحيته، فرد قائلا: "حتى يعرف السلفيون أنهم ليسوا وحدهم الملتحين".. كل ذلك يؤكد أن مسمى "ملتحون" لا يحق خلعه على الإسلاميين دون غيرهم في مصر، بل لا يحق خلعه على جهة بعينها ما لم يأت دليل يؤكد أن الملتحي الذي فعل فعلة ما ينتمي إليها.

بعض هذه الأخبار التي يجري بثها، كررت الحديث عن ضلوع مجموعة أطلقت عليها "جماعة الأمر بالمعروف" في عدد من الحوادث، وأفادت بأن هذه المجموعة أعلنت تبنيها للأعمال عبر صفحة تملكها على شبكة الإنترنت، وهذا أمر عجيب في دولة بحجم مصر، تملك من الأجهزة الأمنية ما لم يعد خافيا.. فإذا كان هناك جهة محددة وتعلن وقوفها خلف حوادث قتل وإعتداء على مواطنين فلماذا لم يتم توقيف أفرادها ومحاكمتهم وتقديمهم للرأي العام ؟!! على الأقل لمعرفة الجهات التي تقف خلف هذه الجهة وتدعمها، ولإنهاء الجدل بين مكونات المجتمع.

ومن الجدير بالذكر هنا أن حزب "النور" السلفي، كان قد سبق وطالب باعتقال أفراد هذه المجموعة ومحاكمتهم بعدما أدعوا أنهم مدعومون من الحزب ومن بين أعضائه، لكن لم يتحرك أحد، ولم يتم لا اعتقالهم ولا مساءلتهم، وما زالت أصوات الإسلاميين تطالب باعتقال هؤلاء ليعرف الرأي العام حقيقة الجهة التي تدفعهم لمثل هذه الأفعال.

أتذكر أنه وعقب نجاح ثورة ال 25 من يناير في إسقاط نظام مبارك، جرى بث عدد من الأخبار شبيهة تماما بالأخبار التي تُبث الأن على الرأي العام، وأنا هنا طبعا لا أنفي وقوع الحوادث ولا حتى أنفي قيام ملتحين بتنفيذها، ولكن فقط أتحدث عن أوجه الشبه بينها وبين سابقتها، كما أتساءل عن انتماء هؤلاء، وأبحث في الدلالة.

إذ كانت هذه الأحداث شبيهة تماما بمثل الأفعال العبثية التي نحن بصددها، والتي لا يُعرف الهدف منها، لكن كانت تنسب في هذا الوقت وأيضا عن طريق الإعلام إلى "السلفيين"، مثل حادثة قطع الأذن، وإشاعة الإعتداء على النساء غير المحجبات في الشوارع، وحملات هدم القبور، إلى غير ذلك.. لكن مع تأكيد السلفيين مرارا وتكرارا أنهم لا ينتهجون مثل هذه الأفعال تحولت النسبة إلى "الملتحين"، وهو توصيف عام لا يقصد منه جماعة إسلامية بعينها، لكنه يؤدي الغرض كاملا في إلحاقها بكافة الإسلاميين.

أتذكر أيضا أن المجتمع الجزائري الشقيق كان قد شهد منذ سنوات قريبة أحداثا مثل التي يشهدها المصريون الآن، لكنها كانت أشد في بشاعتها وأكثر إيلاما وإجراما، حينما كانت الأخبار تنقل في كل مكان عمليات قتل تستهدف أسر بأكملها في القرى والنجوع، ومصلين في المساجد، وكانت الحكومة والإعلام ينسبونها إلى الجماعات الإسلامية التي كانت منخرطة في صراع مع الدولة، بسبب الانقلاب العسكري على الشرعية عام 1992 بعد فوز "جبهة الإنقاذ الإسلامية" بالانتخابات آنذاك.. أتذكر وقتها أدلى الرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال بشهادته أمام وسائل الإعلام، نفى فيها أن يكون الإسلاميون هم من يقفون خلفها، وأكد في الوقت نفسه أن هذه الجرائم تقوم بها جهات معينة داخل الجيش والمخابرات لتستمر حجتهم في الإنقلاب على الشرعية وقتل الإسلاميين.

المشهد نفسه تكرر في تونس بعد الثورة، من خلال عدد لا محدود من حوادث الإعتداء والهجوم جرى نسبتها إلى "الملتحين"، لكن بعد ذلك تخرج التقارير والشهدات تتحدث عن حقيقة هؤلاء وأنهم ينتمون إلى الأجهزة الأمنية، وبعضهم بلطجية يقومون بهذه الأعمال بالتنسيق الكامل مع أجهزة الأمن، وهو ما قالته نقابة الصحفيين التونسية وشبه عضو مكتبها التنفيذي، أيمن الرزقي، هؤلاء بميليشيا "الباسيج" في إيران، وهي مجموعات مسلحة تابعة للحكومة لكن يرتدي أفرادها الزي المدني.. وكان قد جرى الكشف عن مجموعات من الملتحين المزيفين يندسون وسط المتظاهرين ليقومون بأعمال تخريبية من قبيل مهاجمة دور السينما والحانات. وتحدثت تقارير أخرى عن لحى مستوردة وصلت إلى تونس من أجل أن يستخدمها هؤلاء في أعمالهم بعدما صادرت سلطات الجمارك شحنة من اللحى الصناعية مستوردة من الخارج.

وفي مصر الآن، لم تعد سرا تلك المخاوف والتساؤلات التي تدور في الأذهان عن الجهة الحقيقية التي تقف خلف هذه الأفعال، وما تهدف إليه من ورائها، خاصة مع التقارير التي تتحدث عن لجوء عدد من العناصر الأمنية والعسكرية إلى إعفاء لحاهم وإرتداء ملابس تشبه ملابس السلفيين، دون معرفة السبب والدوافع وطبيعة المهمة، إن كان هناك مهمة يمكن الحديث عنها أمام الرأي العام.

وتربط التقارير بين هذا الشكل غير المعهود لهؤلاء وحالة البعث بعد الرقاد التي يمر بها فلول النظام السابق، ممن كان أقصى آمالهم بعد الثورة التخفي عن العيون، وألا يذكرهم أحد حتى لا يقدمون للمحاكمة... لكنهم عادوا للظهور مع الانتخابات الرئاسية، بل وبلغت طموحاتهم إلى الوصول بالفريق أحمد شفيق آخر رئيس حكومة في عهد مبارك إلى كرسي الرئاسة، كما بدأوا يظهرون في الإعلام دون خوف أو تحرج، وأخذوا يجرمون الثورة والقوى الثورية، ويسخرون من وصفهم بالفلول، ويتحدثون عن محاسن العهد السابق في مقابل السلبيات التي صاروا يرونها بعد الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.