جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    خمسة آلاف غرامة فورية لعدم وضع صندوق قمامة أمام المحال بالقاهرة    رئيس الوزراء يبحث إقامة شراكات جديدة بين مصر والإمارات    منسقة الطوارئ بمنظمة أطباء بلا حدود: نحاول تخفيف وطأة الحرب ب غزة    تتضمن مقاتلات حديثة، تقارير تكشف تفاصيل صفقة تسليح بين باكستان والجيش الليبي    الأهلي يختتم تدريباته استعدادًا لمواجهة غزل المحلة غدا    رومانو: الأهلي يعرقل انضمام حمزة عبد الكريم إلى برشلونة    أجواء حماسية لمتابعة مباريات المنتخب الوطني بكأس أمم أفريقيا في الإسكندرية.. 28 شاشة بمختلف الأحياء.. الشباب والرياضة: تعكس الدور الحيوى لمراكز الشباب كمنابر وطنية.. وإجراءات تنظيمية وأمنية أثناء المباراة.. صور    ضبط شخص تعدى بالضرب على طفلة «بقصد التأديب» في الجيزة    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    عمر الفيشاوى نجل سمية الألفى وشقيقها يستقبلان المعزيين بمسجد عمر مكرم    «حزين».. أحمد الفيشاوي متأثر في عزاء والدته سمية الالفى    محافظ بني سويف يوجه بتيسير عمل البعثة المصرية الروسية لترميم معبد بطليموس الثاني    بعد مرور 25 عاما.. نيويورك تايمز تكشف عن أفضل 100 فيلم فى القرن ال 21    بدون منبهات، 7 وصفات طبيعية لزيادة النشاط والحيوية    وزير العمل يصدر قرارًا لتحديد الجهة الإدارية المختصة بتقديم خدمات الوزارة    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    وزير الخارجية يؤكد الأهمية المحورية للإعلام الوطني في دعم الأمن القومي المصري وبناء الوعي العام    تشكيل مجلس إدارة غرفة الصناعات الغذائية لدورة 2025-2029    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    رمضان عبدالمعز: احذر دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    الدنمارك تستدعي السفير الأمريكي على خلفية تعيين مبعوث لجرينلاند    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    قبل بدء التصوير ..أيتن عامر تعتذرعن ظروف خاصة «حق ضايع»    انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    تبدأ 10 يناير، ننشر جداول امتحانات الفصل الدراسي الأول للنقل ببني سويف    تصعيد إسرائيلي.. قوات الاحتلال تهدم مبنى سكنيا في القدس الشرقية    الاثنين 22 ديسمبر 2025.. البورصة تعاود الهبوط    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    حكم المسح على الشراب الخفيف أثناء الوضوء.. دار الإفتاء توضح    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    مصطفى مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    رئيس جامعة سوهاج يلتقي الفريق الطبي المُنقذ للطفل «يوسف» ويشيد بجهودهم    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    جامعة قناة السويس تكرّم قياداتها الإدارية بمناسبة التجديد    مصر تواصل تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة إلى قطاع غزة    محافظ سوهاج يعلن إتاحة التصديق القنصلي على المستندات بمكاتب البريد    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    وزير الصناعة والنقل يصل العاصمة العمانية مسقط على رأس وفد رجال أعمال للمشاركة في منتدى الأعمال المصري العماني    روائح رمضان تقترب    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    أسعار السمك اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات الإثنين 22 ديسمبر والقنوات الناقلة.. مصر تبدأ مشوارها في أمم أفريقيا    ويتكوف: روسيا لا تزال ملتزمة تماما بتحقيق السلام فى أوكرانيا    أكسيوس: لا توجد مؤشرات حتى الآن على هجوم إيرانى وشيك ضد إسرائيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البلطجة الجنائية والسياسية ودورها في المرحلة الانتقالية
نشر في مصر الجديدة يوم 26 - 06 - 2012

إن ظاهرة البلطجة في مصر ليست مرتبطة بحالة الانفلات الأمني التي أعقبت ثورة 25 يناير،فهي ظاهرة وجدت من قبل في المجتمع المصري،وإن مرت بتحولات وتطورات كثيرة،ربما كان أكثرها وضوحا ما ارتبط بالفترة التالية علي الثورة. ورغم قدم هذه الظاهرة في مصر،فإن الدراسات التي اهتمت بدراستها وتحليلها محدودة.
أن النشاط الإجرامي الأساسي للعينة التي تمت دراستها هو السرقة بالإكراه بنسبة81%، ثم الاتجار بالمخدرات بنسبة 72%.ويمكن رصد بعض أبعاد التطور الذي طرأ علي ظاهرة البلطجة في مصر بعد الثورة. فمن ناحية،طرأ تطور نوعي علي الأسلحة المستخدمة من قبل جماعات البلطجة. فحني نهاية الحرب العالمية الثانية، كان السلاح الرئيسي لهذه الجماعات هو العصي أو"النبوت". بينما لوحظ خلال الأشهر التي تلت الثورة،امتلاك بعض ا، وضعفية لأسلحة ثقيلة ومتقدمة للغاية. وقد ساعد علي ذلك انهيار النظام السياسي وجهاز الشرطة،وضعف التحكم في حدود الدولة المصرية،مما سهل عملية تهريب الأسلحة إلي داخل مصر عن طريق دول مجاورة،مثل ليبيا والسودان. يعني تحرير الإنسان من الخوف والحاجة، وبعد الثورة طرحنا سقفا عاليا من الطموحات وكان الأمل في بناء مؤسسات تحقق مفهوم ألأمن كما يتطلع إليه ألناس ولكن ما صاحب الثورة من توترات تمثلت في الحركة غير المنضبطة للطلبات الفئوية، والإضرابات المستمرة التي تعطل حركة الانتاج والتواجد الملحوظ للبلطجية في كل التجمعات الجماهيرية الكبيرة جعل الأمل في تحقيق الأمن يضعف، وبدأ أن هناك شعورا بالقلق والتشاؤم يتزايد بين عموم الناس حتى وصل الأمر إلى حد التساؤل هل تلك المظاهر غير المنضبطة لحركة الشارع هى بداية النهاية لتلك الثورة المجيدة، فبدلا من تتحول الثورة إلى دولة بدأ الأمر لرجل الشارع العادي وكأن الثورة تتحول إلى فوضى حتى أصبحت الناس تردد مقولة الرئيس المخلوع (أنا أو الفوضى). مع حل أجهزة الضبط الأمني وبالتحديد أمن الدولة وإعادة هيكلتها من جديد فيما يسمى بجهاز الأمن الوطني، ومع الاعتراف بالتجاوزات التي صاحبت أمن الدولة أيام الرئيس المخلوع، إلا أنه لا يمكن أن ننكر أن أجهزة كانت تتبع هذا القطاع كانت تقوم بدورها بفاعلية وإخلاص وأن التجاوزات انحصرت تحديدا فى الأجهزة التي تتعامل مع عموم المصريين وخاصة أولئك المعارضين للنظام. ولقد انعكست العذابات التي عانى فيها المصريون خاصة أولئك الذين كانوا يعارضون النظام في تبلور توجه سعى في ضرورة الحد من سلطات الشرطة وتقييد حركتها وبالتالي تولدت ضغوط شديد على جهاز الشرطة حد من مقدرته على أداء دورة بفاعلية خاصة مع العدوات التي ظهرت في البداية ضد رجال الشرطة في بدايات الثورة، وصلت إلى حد حرق الأقسام ونهب محتوياتها مما تسبب في هز هيبة رجال الشرطة أمام الجمهور بحيث أصبح رجال الشرطة يعاملون الجمهور بلين يخفي شعورا بالانكسار حتى وصل الأمر إلى حدوث اعتداءات على رجال الشرطة في الشارع.
وقد ترتب على هذا الخلل شعور انتشر بين رجال الشرطة بالإحساس بالمهانة وأنهم يدفعون ثمنا غاليا وغير عادل بطاعتهم للنظام السابق، وهم في تصورهم هذا كانوا مجبرين على ذلك وأن حقوقهم الآن أصبحت منتهكة ووصل الأمر إلى حد ظهور ائتلاف للدفاع عن حقوقهم كما ظهر في ائتلاف أمناء الشرطة وهو أمر غريب في مؤسسة منضبطة كجهاز الشرطة. وهذا التداعي الأمني وعدم قدرة جهاز الأمن على ضبط الشارع واضطرار الجيش إلى النزول للشارع والقيام بواجب الشرطة الطبيعي في تأمين ألمنشآت سبب توترا لدى الجيش نفسه لأن الجيش غير قادر ولا مهيأ على ممارسة المهام الأمنية فهو جهاز يعمل في مواجهة العدو ومسلكه الرئيسي هو القتل، فهو لا يعرف لغة الحوار مع العدو،
أن عدم وجود شفافية أدي إلي غياب العقل في التعامل مع الأحداث وبدأ الجميع يبحث عن نفسه مما أدي إلي وجود تفسخ ثقافي والنتيجة الطبيعية لهذا التفسخ الثقافي هي العنف.
أن هذه الفترة بما فيها طبيعية بعد الثورات والحضارة المصرية عبر التاريخ الممتد لآلاف السنين تقول هذا بما يعني أن الأمور ستعود لطبيعتها سريعاً ولن تترك أي أثر نفسي. وعلينا فقط الاهتمام بالأطفال وإدخالهم في نشاطات سواء رياضية أو فنية أو اجتماعية حتى يشعروا بالسعادة والأمان وتبعد بهم عن هذه الأحداث. تتسم إدارة الجيش السياسية بالتؤدة والتدريجية وعدم الاندفاع مع ضعف الشفافية، نمط يقوم علي العمل في سياق النظام السابق وليس الارتكان الي معايير جديدة تماما في بناء المرحلة القادمة. وهو ما اعتبره الكثيرون من وجهة النظر الثورية أداء بطيئا بل وأحيانا تباطؤا في تحقيق المطالب وأيضا مناقضا للمنطق الثوري. وقد غلب نمط المطالبة - الاستجابة، أو الفعل - ورد الفعل علي العلاقة بين الشارع السياسي والمجلس الاعلي للقوات المسلحة. وتأتي استجابات المجلس كرد فعل أكثر منها كمبادرة، وهو ما سماه البعض بإستراتيجية الحد الادني من التحرك. وذلك بمعني العمل علي إحداث أقل تغيير مقبول وتحت ضغط مطالب شعبية متصاعدة. ويجب الانتباه الي متغير هام لتفسير تباطوء الجيش في تحقيق أهداف الثورة وهي الجهاز الإداري القائم وهو ابن النظام السباق الذي لا يزال هو المتحكم في تنفيذ القرارات، ويتبع نفس النمط القديم في التفكير أحيانا عن عمد وكثيرا عن تعود.
وهو الأمر الأكثر ارتباطا بمصالح مباشرة للمؤسسة العسكرية. مع نهايات عام 2011 زادت درجة التراخي في معالجة أزمات المرحلة الانتقالية، لقد أضحي العنوان الرئيسي لإدارة المرحلة الانتقالية هو التخبط والعشوائية وغياب الشفافية ورفع المصالح الخاصة (فئوية أو حزبية أو مؤسسية) علي المصالح العامة وغياب الإرادة الحقيقة للتغيير والإصلاح. تسارعت معدلات الأزمات، وازدادت الأخطاء في التعامل معها، وأستمر التراخي في العمل علي مواجهة جذورها ومسبباتها. فلنلقي نظرة سريعة علي تطور الأحداث ونمط اتخاذ القرار خلال الأربعة أشهر الماضية، مررنا بمحن كثيرة. اما علي مستوي الإخفاق في التعامل مع مشاكل المرحلة ألانتقالية فالانفلات الأمني مستمر والأحوال المعيشية للمصريين في تدهور (أزمات السولار والبنزين والبوتاجاز والخبز)، واستمر تراجع صافي احتياطي ليصل إلي 15.7 مليار دولار مع عدم الجدية في استرداد الاموال المنهوبة من الخارج،
واستمرار السياسة الخارجية المصرية بدون مراجعة حقيقية منتجة نفس اخطاء مبارك، ولعل أزمة توريد الطاقة لغزة وكيفية التفاوض مع الولايات المتحدة في قضية التمويل الاجنبي لدليل بارز علي ذلك. إن ما نقرأه في الصحف أو نشاهده علي الفضائيات يحدث نوعا من التردد يصيب به ما يطلقون عليهم الأغلبية الصامتة أو "حزب الكنبة" لأنهم يقرأون ويشاهدون أحداثاً والتناول الخاص بها ليس مختلفا فقط بل متناقضاً في بعض الأحيان.
إن الشخصية المصرية بعد الثورة نوعان.. ألأول ازداد إصراراً علي الثورة والمطالبة بالتغيير مهما كان الثمن..
والنوع الثاني وهم الأغلبية الصامتة أو كما يطلقون عليهم حزب الكنبة وهم الأكثر سلبية. حيث شعرت هذه الفئة بالخوف والقلق علي مصالحها الشخصية ولهذا لا تريد أي تغيير بل تريد العودة للوراء فهذا النوع دائماً مكتئب خائف من المستقبل ومنهم من فقد وظيفته من جراء الأحداث ولهذا يصاب بضيق واكتئاب والضبابية في الرؤية المستقبلية.
--
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.