لا شك ان استقالة الدكتور عون الخصاونة اثارت العديد من التساؤلات واللغط حول اسبابها في الشارع الاردني ولازالت حتى الان تغذيها تصريحاته المتدرجة بهدف الاستثمار السياسي آخرها التشكيك بنزاهة الانتخابات المقبلة!!!!!!!!! وفي معرض الحديث عن ظروفها وحيثياتها فقد وضعها البعض في اطار تعدى حجمها الطبيعي وصور الرئيس المستقيل بصورة البطل الذي ضحى بمنصبيه من اجل الاصلاح في الاردن؟؟؟؟؟!!!!!! لا احد ينكر ان الدكتور عون الخصاونة من ابناء الاردن الاوفياء الشرفاء ، ولا احد ينكر بأنه من اصحاب المبادئ والقيم النبيلة ، الا ان هذه الصفات لا تحصنه من سوء التقدير او الخطأ او الرؤية القاصرة التي لم تخلو احيانا من الشخصنة. فمنذ اليوم الاول لتوليه منصب رئيس الوزراء ظهرت بوادر التسرع والعجلة في حكمه على الامور ، واعلن انه سيسترد الولاية العامة للحكومة ، وهذا يعكس استعداد نفسي لديه في التصادم مع اكثر من جهة داخل الاطار التنظيمي للدولة ، ويعكس ايضا نظرة ضيقة لمفهوم الولاية العامة ، التي لا تعني ديكتاتورية الرأي والانفراد برسم السياسية ؛ بمعزل عن التعاون والتنسيق بين كافة مؤسسسات الدولة ، يعزز مفهوم المؤسسية ،ومحكوم بالموضوعية الخالية من الاعتبارات الشخصية ، وادى مفهوم الولاية العامة لدى الرئيس وتمسكه فيه الى تعطيل مسارات متعددة للاصلاح .
فالاصلاح من وجهة نظر الرئيس المستقيل يجب ان ينطلق في اطار افكار ومفاهيم مغلوطة وقاصرة شكلتها قناعات نظرية مستوردة لم تكن صحيحة على ارض الواقع ، ربما ان غيابه عن الاردن وعن ممارسة العمل السياسي لفترة طويلة قد كان سببا لها . اما الافكار والقناعات التي تسلح بها الرئيس منذ تكليفه والتي ادت وبلا ادنى شك الى فشل اداء حكومته في مرحلة لا تحتمل الفشل او حتى المراهنة فكان اهمها: 1- القناعة بأن الشعب السياسي في الاردن يمثله الاخوان المسلمون واحمد عبيدات فقط ، اما باقي الوان الطيف السياسي فلم تعني للرئيس سواء انها دمى يحركها خصومه المفترضون!!!! 2- عدم الاعتراف بشرعية وتمثيل مجلس النواب والتعامل معه باستخفاف والتغول عليه بسيف حراك الشارع والاخوان. هذا على الصعيد الفكري... اما على الصعيد العملي فإن: 1- ثقته الزائدة برؤيته ورأيه ، وعدم الاكتراث لوجهات النظر المخالفة ، 2- تجسيده لشخصيات وكاريزمات سياسية ؛ اشتهرت بقوة القرار وهيبة الحضور -لم تمكنه الظروف الراهنة من اتقانها – 3- بعده عن التواصل الشعبي ادت جميعها الى فشل وتعثر مسيرة الاصلاح كاد هذا الفشل ان يعود بالاردن الى المربع الاول . ان احترام المبادئ وحب الوطن يتطلب من كل شخص او مسئول مرونة عالية في التعاطي مع ما يخالف رأيه ونظرته ، ولا يجب ان يقيد تفكيره بقناعات مسبقة ، وافكار تجعله لا يرى الصواب الا برأيه. فالخطأ طبيعة مفترضة في كل انسان . نسأل الله ان يحفظ الاردن وشعبه وان يوفق قيادته لكل مافيه خير الوطن ومصلحة الاردنيين.