"يحفرون قبورهم بأيديهم".. هكذا يُطلق على العاملين في مهنة البحث عن المجهول والتنقيب عن الأثار، تلك المهنة التي كثيراً ما وضعت نهايات مأسوية لمن يقتربون بها، ماتزال تُمثل شبحاً يفوق الأساطير التي كانت تُطلق على عجوز"النداهة" التي تجذب ضحاياها ويذهبون إليها غير مبالين بما تُخفيه لهم... محافظة أسيوط التي تحتل المرتبة الأولى في قائمة المحافظات الأكثر فقراً على مستوى الجمهورية بنسبة 60% من إجمالي سكانها يقعون تحت خط الفقر، لم تكن بمنآى من تلك الأعمال والأحداث التي أودت بحياة الكثيرين، منهم من عُرف مصيره وآخرون ذهبوا بلارجعة.واقعة أثارت المجتمع الأسيوطي قبل عام كانت في قرية عرب العوامر شرق أبنوب عندما لقي مدرسان مصرعهما بعد أن سقطت عليهما حفرة أثناء التنقيب عن الأثار وفر المشعوذ الذي كان يقودهما هارباً ولم يُعلن حتى الآن عن إلقاء القبض عليه أو تحديد هويته.وبما تتميز به المحافظة من سلسلة جبال تًحيطها من جميع الإتجاهات فإن التنقيب عن الأثار يتم في أعلى الجبال ويتكلف الكثير من الجهد والمال لما يتطلبه من وقت طويل من أجل التنقيب في صخور الجبال. من أهم المناطق التي تنتشر فيها عمليات التنقيب بأسيوط، قرى درنكة والمعابدة وعرب العوامر ومطير والبداري وساحل سليم وأبوتيج، وقد تمكنت قوات الأمن من رصد العديد من تلك الأعمال التي انتشرت خلال الآونة، وكان آخرها ضبط 11شخصاً بأبوتيج أثناء التنقيب عن الآثار، حيث رصدت وحدة مباحث المركز قيامهم بالتنقيب بقطعة أرض فضاء بمدينة أبوتيج، وهم (محمد.م.ع، 45سنة، عامل، وفرغلي. ط. م، 32سنة، عامل، وشحاتة.م.ح، 29سنة، عامل، حسني.ح.ع،25سنة، عامل، وهاني. ج.ع، 30سنة عامل، وفراج ع.ف، 24سنة، حاصل على معهد، ومحمد.ث.ف، 33سنة، صراف، ومؤمن.ث.ع، 35سنة، عامل، وأحمد.ع.أ، 48سنة، مزارع، وجميعهم مُقيمين بأبوتيج، وأشرف.ك.م، مقيم بدائرة مركز أسيوط، وأحمد.م.ع، 51سنة، مقيم بمحافظة الجيزة، وتم تحرير المحاضر اللازمة والتحفظ على الأدوات المستخدمة في التنقيب وتحويلهم للنيابة التي تولت التحقيق. من جانبه كشف المخرج المسرحي عاطف أبو شهبة عضو حركة الفنانيين المصريين أن فرد على الأقل من أسرة الرئيس المخلوع كان يزور الصعيد وبالتحديد الأقصر شهرياً، وعندما سأل عن السبب علم أن الغرض من ذلك جلب الأثار والإتجار فيها، مضيفاً بأن الاهمال الذي تعرض له الصعيد لم يكن مصادفة ولكنه متعمد من قبل المسئولين من أجل تهجير الناس من أراضيهم، أو إجبارهم على التنقيب عن الآثار، وأن الشعب المصري بطبيعته "بسيط" وتوافر الإحتياجات الأساسية لديه يجعله راضياً.
ويُضيف: مايحدث هو سرقة للتاريخ وهم بالخارج ليس لديهم تاريخ وحضارة مثلنا، لذا فإنهم يحاولون أن يصنعون تاريخاً لأنفسهم، ونحن لدينا التاريخ ولكن لسنا مهتمون به، وبعد فترة من الزمن ستجد تاريخنا لديهم.
بينما يقول عاطف الشرقاوي، أحد أهالي قرية بني محمديات، أن السبب في إنتشار ظاهرة التنقيب عن الآثار في صعيد مصر هو الفقر حيث يؤدي ضيق ذات اليد إلى استخدام هذه الوسيلة لتحقيق حلم الغنى، أما بالنسبة لشريعة الأغنياء فيكون الدافع في ذلك هو الطمع.ويُضيف: كلها طرق تؤدي في النهاية إلى إلى التعرض للحبس والنصب وتشريد الأسر وضياع مستقبلها، لكن لو رضى كل إنسان بما قسمه الله له فسيرزقه بالغنى الحقيقي وهو محبة الناس والأهل والجيران، محبة مديره وزملائه في العمل، محبة أولاده له وتربيتهم تربية سليمة..
يوضح "الشرقاوي": عمليات التنقيب تتم عن طريق نصابون ودجالون يوهمون الناس أنهم عندهم قدرة على إكتشاف مكان الأثار تحت الأرض وأنها على بعد مسافه قريبة من المال لشراء بخور من أجل طرد حارس الجن الموجود بها أو السيطرة عليه وهكذا تبدأ خطوات النصب وإذا فشل الدجال فى إستخراج الأثار يترك المكان بأي حجة للخروج سالماً من بين قاموا بالتنقيب.