إلى كل فرد يدين بدين الأسلام أو لايدين به أقول له أن من بحث فى الأثر الأسلامى ومنهاج التابعين لخرج بحقائق تدركها الضمائر قبل البصائر ولكن للأسف أكثر الناس لا يعلمون ويجهلون أيضا وهذا جانب من هذا الأثر يعلمه الجميع لكنهم جهلوا عنه ففى أول لقاء وظهور لسيدنا أبو بكر الصديق على الناس بعد توليه الخلافه ألقى عليهم خطبته الأولى كخليفه بعد رسول الله وأراد الله أن تكون خطبه أبو بكر ومن أول حرف منهج حياه احتوى مبادىء دستوريه لو جلس فقهاء الدستور فى زماننا هذا من الأن عشرات السنين يدونون ويفكرون ويعصرون عقولهم ما خرجو بمثل هذا الأبداع السياسى ورغم صغر الخطبه الا أنها كانت كالصراط الهادى لا يحيد عنه عقل أبد الدهر ووقف سيدنا أبو بكر يبدأ خطبته مناديا (يا أيها الناس انى وليت عليكم ولست بخيركم) وهنا نادى سيدنا أبو بكر بيا أيها الناس ولم يقل يا أيها المسلمون فالشعب مسلمين ويهود وعبده للأوثان أيضا وكلهم محكومون وكلهم ينطوى عليهم وطن واحد ثم أتبع (بانى وليت عليكم ولست بخيركم )وهنا أكد سيدنا أبو بكر بما لايقبل ذره هاجس أنه أتى حاكما بالأختيار والأنتخاب والمبايعه وليس بالفرض أو بالقوه بل وليس خيرهم ولا أفضلهم وأتبع سيدنا أبو بكر قائلا(فان رأيتمونى على حق فأعينونى وان رأيتمونى على باطل فسددونى وفى روايه فان أسأت فقومونى)وهنا أثبت سيدنا أبو بكر للجميع أن الشعب الذى سيضحى حاكما عليه هو مصدر السلطات وليس أبو بكر الشعب هو الذى يحاسب سيدنا أبو بكر ويراقبه ان أحسن ساعده الناس على احسانه وان أخطأ تصدى له الناس وقاموم وقوموه عن خطأه لأنه فى الأصل خادمهم وليس سيدهم وراح يشرع سيدنا أبو بكر يكمل خطبته قائلا (الصدق أمانه والكذب خيانه) توضيح شديد وصريح على ضروره المصداقيه والشفافيه لدى الحاكم الى شعبه فبلا مصداقيه تنعدم ثقه الشعب فى حكومته ويستطرد أبو بكر فيقول(أطيعونى ما أطعت الله فيكم فان عصيته فلا طاعه لى عليكم)وهنا يربط أبوبكر طاعة الناس له بطاعته هو لرب الناس ويصرح بمقوله أشبه للحكمه وهى أن التمرد على الحاكم يكون عندما يفسدالحاكم ويكمل سيدنا أبو بكر خطبته السياسيه التاريخيه مخاطبا الجميع قائلا(الا ان أقواكم عندى الضعيف حتى أخذ الحق منه والضعيف عندى أقواكم حتى أخذ الحق له )ليوضح للناس كلهم المبدأ الذى لا مراء فيه الا وهو العدل ولا يكون عدل الا بايتاء كل ذى حق حقه مسلما كان أو مسيحيا أو يهوديا فعندما يشعر المواطن بالحق يتولد الرضا وينعدم الحقد والسخط فكيف تطلب من احدا لايجد حقه ان يحيا بحريه وقناعه وأمان من من يحكموهوينهى سيدنا أبو بكر خطبته السياسيه للناس مذكرا بأمرين هامين قائلا(لايدع قوم الجهاد فى سبيل الله الا ضربهم الله بالذل ولا تشيع الفاحشه فى قوم قط الا عمهم الله بالبلاء أقول قولى هذا وأستغفر الله لى ولكم )وأراد سيدنا أبو بكر أن يعلم الناس عن أفتين كفيلين بضياع أى مجتمع فالجهاد بعمومه من القتال فى سبيل الله الى الدفاع عن كل حق والوقوف أمام كل ظالم ان لم يتمرس الناس عليه غرقوا فى الذل والهوان ولو أن الفرد خاف أن يقول كلمه الحق فى وجه الظلم فمن المؤكد أنه سيصمت عندما تغتصب أرضه وهذا هو الهوان والأفه الثانيه وهى الفاحشه أى الفساد بكل أنواعه الذى ان انتشر فى مجتمع انقلب هذا المجتمع الى ما أشبه بالغابه فالقوى يزداد قوه ودمارا والضعيف يزداد قهرا ويظهر السفهاء ويختفى العقلاء وينعدم الشرف وتسود فوضويه الغابه وتنعدم سياده القانون ويزداد أصحاب الحقوق ظلما وظلما فلا ينبغى لأحد أن يسمح لنفسه أن يكون سلبيا ساكتا عن الحق ودرء الظلم عن نفسه وعن غيره ويظل الناس دوما دائما يقاومو الفساد والفحشاء كى لايعيشو فى انكسار ويموتون بلا كرامه وأتمنى أن أكون استطعت أن أرسل لكم ما أردته من تحليل هذه الخطبه العبقريه لسيدنا أبوبكر شارحا فيه برنامجها السياسى فى وقت يتهم الأسلام بأنه يعادى الدوله المدنيه و الدوله فى الأسلام دينيه وللأسف لو قرأو وأتطلعو لعلمو أنه ملاذ البشريه كلها الى صلاح النفوس وصلاح البلاد ولكن أكثر من يصرخون ليل نهار بهذا الهراء مسميين نفسهم بالشيوخ والعلماء هم أكثرهم علماء لسان وليسوا علماء بيان وأخيرا وليس أخرا فالدين يعبر عن الأفراد وليس الأفراد هم من يعبرون عن الدين.