علمت «الحياة» أن جماعة «الإخوان المسلمين» قررت إرجاء انتخابات كانت مقررة فى كانون الثانى (يناير) المقبل لاختيار مرشد عام جديد إلى أشهر عدة ربما تطول إلى حين الانتهاء من استحقاقين برلمانيين يجريان فى مصر العام المقبل. وقال مصدر فى «الإخوان» إن الإرجاء جاء «نتيجة الظروف» التى تعيشها الجماعة فى الفترة الأخيرة سواء كانت ملاحقات أمنية يتعرض لها أعضاء مجلس شورى «الإخوان» المخول إليهم اختيار خليفة للمرشد الحالى مهدى عاكف، أو خلافات داخلية مرت بها الجماعة على خلفية «تصعيد» الدكتور عصام العريان إلى عضوية مكتب الإرشاد». وبهذا القرار تُنهى الجماعة ولو لفترة موقتة تكهنات برزت أخيراً حول اسم المرشد الثامن للجماعة التى تعد أكبر فصيل معارض فى مصر. وتراوحت التوقعات بين نائب المرشد الحالى محمد حبيب الذى ينتمى إلى جناح الإصلاحيين ويقود الجماعة بصورة فعلية منذ إعلان مهدى عاكف استقالته قبل أن يتراجع عنها قبل أسابيع، والنائب الثانى المهندس خيرت الشاطر المسجون حالياً فى القضية العسكرية المعروفة إعلامياً ب «ميليشيات الأزهر»، إضافة إلى الأمين العام للجماعة محمود عزت. فى حين لم يستبعد قادة «الإخوان» فى تصريحات سابقة إلى «الحياة» إمكان اختيار مرشد عام جديد من خارج مصر. وأكدت ل «الحياة» مصادر إخوانية أن اختيار مرشد عام ثامن ربما يتأخر «شهوراً عدة وقد يستمر ذلك إلى حين الانتهاء من انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى (فى نيسان/أبريل المقبل) وبعدها انتخابات مجلس الشعب (فى تشرين الأول/أكتوبر المقبل) انتظاراً لما ستؤول عنه تلك الانتخابات». وأوضحت أن «الجماعة تمر الآن بمنعطفات سواء كانت من جانب التضييق الأمنى الشديد الذى وصل إلى أن عدداً كبيراً من أعضاء مجلس شورى الجماعة يقبعون خلف القضبان»، مشيراً إلى أنه فى «حال إجراء الانتخابات فى الفترة الحالية من الممكن أن يتم الطعن فى عدم دستوريتها، إذ أن أعضاء مكتب الشورى هم المخولون اختيار أعضاء مكتب إرشاد جديد ومن ثم اختيار المرشد العام». وأقرت بأن «الجماعة كان فى استطاعتها استطلاع آراء أعضائها داخل السجون»، لكنها لفتت إلى أن «الخلافات التى مرت بها الجماعة فى الفترة الأخيرة» - فى إشارة إلى محاولات فاشلة للمرشد لتصعيد رئيس المكتب السياسى للجماعة الدكتور عصام العريان إلى عضوية أعلى هيئة فيها - «حتّمت على قادة الإخوان إرجاء الانتخابات إلى حين ترتيب البيت من الداخل ورأب الصدع الداخلي». وكان مهدى عاكف الذى يشغل منصب المرشد منذ ستة أعوام، أكد فى مناسبات عدة رفضه الترشح مجدداً على رأس الجماعة، مشيراً إلى أن هناك أجيالاً جديدة داخل «الإخوان» تستطيع شغل المنصب. وكشفت المصادر ل «الحياة» أن مشكلة العريان ألقت بظلالها على الجماعة فى الفترة الأخيرة، إذ أن هناك لجاناً قانونية تناقش اللوائح الداخلية ل «الإخوان» لدرسها والبت فى إمكان تعديلها بهدف فض الاشتباك حول «الخلافات القانونية» التى نشبت بين أعضاء مكتب الإرشاد. وأشارت إلى أن الجماعة تنتظر الانتهاء من ملفات قضائية عدة تتعلق بقادتها المسجونين على خلفية قضايا مختلفة. فهى تترقب إصدار المحكمة العسكرية فى مصر الثلثاء المقبل قرارها فى الطعن المقدم من محامى جماعة «الإخوان» ضد الحكم الصادر عن المحكمة فى العام 2007 بسجن نائب مرشد الجماعة المهندس خيرت الشاطر و17 آخرين من قيادات وكوادر الجماعة. وقالت: «فى حال قبول المحكمة الطعن سيتم الإفراج عن الشاطر وهو ما قد يعجّل الانتخابات (الداخلية فى «الإخوان»)... لكن الانتخابات لن تكون بالتأكيد فى موعدها القانونى (كانون الثاني/يناير المقبل)». ولفتت إلى محاولات لإغلاق ملف القضية المعروفة إعلامياً ب «إعادة إحياء التنظيم الدولى للإخوان» والمتهم فيها 28 من قادة الجماعة بينهم خمسة من أعضاء مكتب الإرشاد أبرزهم الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، إذ أن السلطات الأمنية اطلقت ثمانية من كوادر «الإخوان» كان آخرهم القيادى فى الجماعة الدكتور جمال عبدالسلام أمس. وقالت إن «إغلاق ملف القضية سيكون له اعتباره أيضاً فى مسألة الانتخابات». وينتخب المرشد العام لجماعة «الإخوان» من طريق الاقتراع من قبل أعضاء مجلس الشورى العام. ويجب أن يكون مضى على انتظامه فى الجماعة («أخ عامل») مدة لا تقل عن خمس عشرة سنة هلالية. ويظل المرشد فى منصبه مدة ست سنوات، قابلة للتجديد مرة واحدة، على أن يختار نائباً له أو أكثر من بين أعضاء مكتب الإرشاد العام. ويمكن لمجلس الشورى العام أن يُنحّى المرشد إذا خالف واجبات منصبه.
