.. تعالوا نحلم أن مصر فازت اليوم وصعدت مباشرة إلى نهائيات كأس العالم، وضمنت السفر إلى جنوب إفريقيا 2010 دون انتظار لمباراة فاصلة أخرى مع الجزائر.. ماذا سوف يحدث بعد الساعة التاسعة والنصف من مساء اليوم؟! .. سوف يفرح هذا الشعب فرحة عارمة، وسوف يدخل أفراده أحساسا بأنهم استردوا كرامتهم، وسوف يذوب الجميع.. الكل فى واحد فيتضامن الشباب العاطل عن العمل، وينطلق فرادى ومجموعات من نواصى العشوائيات المظلمة وجلسات مقاهى العطالة، متلفحين بعلم مصر ويختلطوا فى الشوارع بأولادها، وبالسيارات التى يعتصم بها أولاد وبنات البهوات ملتحمين فى عجينة النشوة والإحساس بالزهو والقوة.. وسوف يشاركهم الفرح رجال عجائز بالفعل حتى ولو لم تتجاوز أعمارهم سن الشباب.. عجائز بعد أن أكلت أجسادهم أمراض الفشل الكلوى والاكتئاب النفسى وصراعهم اليومى لتوفير أقل متطلبات الحياة لذويهم وأولادهم، وربما ينصح أحد النساء اللاتى انتشرن فى الشوارع والميادين، واختفى أكثرهن خلف النقاب يبعن المناديل الورق، وكثير من السلع الرخيصة أن يستبدلن هذه السلع بأدوات إعلان الفرحة مثل الأعلام وعلب "البيروسول" والصواريخ والصفافير والزمامير. وحتى المفكرون والنشطاء السياسيون ونشطاء المجتمع المدنى ورجال المعارضة والمهتمون بأوجاع الوطن سوف ينسون لساعات محنة وطن لا يعرف كيف يمكن أن تتداول أو تنتقل أعلى سلطة فيه؛ إذا لا قدر الله غابت السلطة الحالية فجأة فى دولتنا التى تفتقر إلى مؤسسات حقيقية تحكم حركتها السياسية وديموقراطية حقيقية تسيّر أمورها. هذا قليل من كثير - كان من الممكن أن أسترسل فيه – عن حلم أبناء مصر الذى تراعه الدولة ويرعاه النظام، لإنه لم يعد هناك بديلا له ، لكنه هذا القليل يشير إلى حقيقة واحدة سوف ننساها اليوم إذا فزنا وسوف تحضر بقوة إذا لاقدر الله حدث غير ذلك.. وهى أنه تم إختزال الحلم المصرى فى مباراة كرة قدم.. ومعذرة إذا كنت قد عكرت عليك حلمك.