فى الوقت الذى يحاكم فيه الرئيس المخلوع حسنى مبارك بتهمة قتل ألف من المصريين أثناء ثورة 25 يناير التى أسقطت نظامه الفاسد، تعيش مصر الآن ذكرى وحدا من أنبل جنود جيشها العظيم، هو الشهيد سليمان خاطر الذى قتله جهاز أمن الدولة بتعليمات من المجرم مبارك إرضاء للكيان الصهيونى وذلك فى عام 1986.
القصة تعود إلى يوم الخامس من أكتوبر لعام 1985، عندما فوجئ جندى الحراسة المصري "سليمان خاطر" بمجموعة من السياح الصهاينة يحاولون تسلق إحدى الجبال المطلة على المنطقة الحدودية مع الكيان الصهيونى، ورغم تحذيراته المتتالية لهم بعدم دخول المنطقة المحظورة عسكريا، إلا أنهم واصلوا المضى قدما باتجاهه فى استهانة معتادة من الصهاينة الأجلاف، فلم يجد بدا من إطلاق النار باجاههم مما أسفر عن مقتل سبعة منهم. بالطبع قامت القيامة فى تل أبيب، فما كان من حبيب الصهاينة المخلوع حسنى مبارك إلا أن قرر القبض على الجندى المصري، عقابا له على حماية حدود بلاده، وقرر محاكمته أمام محكمة عسكرية، رافضا طلب محامى الشهيد البطل بأن يمثل أمام قاضيه الطبيعي (!!) وقد حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن المؤبد، قبل أن يتم اكتشاف جثته فى زنزانته بالسجن الحربى، وفى حين أكدت صحف النظام (التى سقطت مؤخرا بسقوط النظام) أن سليمان خاطر مات منتحرا، أكد أقارب الشهيد وكل من عرفه أن يستحيل أن تكون هذه هى نهاية رجل قوى الإيمان بالله، عارف بحق وطنه، لدرجة تعريض حياته للخطر مقابل الدفاع عن موقع حراسته. قنابل مضيئة: وكما تكشف قنابل الضوء مواقع جيش العدو فى حالة الحرب، دعونا نكتشف سويا عددا من الأمور التى لها علاقة عميقة بما يدور الآن من أحداث فى مصر: أولا: بمجرد سقوط القتلى من خنازير الصهاينة برصاص الشهيد البطل، ظهر الرئيس المخلوع باكيا منتحبا ومؤكدا أنه "فى غاية الخجل" بسبب قيام أحد جنود جيش مصر بحماية حدود مصر ضد الدخلاء.. بينما وبالمقابل فإنه وبالرغم من أن عشرات من شباب وجنود مصر قد استشهدوا برصاص جنود الجيش الصهيونى وكان آخرهم سبعة جنود لقوا مصرعهم فى شهر أغسطس الماضي، فإنه لا الرئيس المخلوع ولا أى مسئول مصري – بما فيهم المشير طنطاوى حاكم مصر الآن – قام بأى رد فعل على الإطلاق لرد اعتبار مصر وجنودها وأبناء شعبها الأبرار فى مواجهة خنازير الكيان الصهيونى. ثانيا: كان الشهيد "سليمان خاطر" هو آخر جندى أمن مركزى من حملة المؤهلات، حيث كان طالبا بكلية الحقوق – جامعة الزقازيق- ومن يومها صدر قرار غير رسمى بأن يتم اختيار جنود الأمن المركزى من الأميين الجهلة، لكى يكونوا بمثابة مجرد دمى فى أيدي قادتهم، ينفذون ما يأمرونهم به حتى ولو كان هذا الأمر أن يقوموا بهتك أعرض النساء واغتصابهن وسحلهن فى الشوارع (حكم القضاء الإدارى مؤخرا بوقف إجراءات كشف العذرية ضد بنات مصر .. كما أن كاميرات العالم كله سجلت للعالم وللتاريخ كيف تم هتك جنود طنطاوى أعراض النساء بأسلوب همجى لم يقدم عليه جيش شارون الصهيونى). ثالثا: دفعت مصر الدية لأهالى القتلى من خنازير الصهاينة، فيما لم تتلقى أسرة شهيد أو شهيدة واحدة ممن لقوا حتفهم على الأيدي لجنود الصهاينة، حتى الآن مليما واحدا من الحكومة الصهيونية. رابعا: رفض النظام الحاكم محاكمة الشهيد "سليمان خاطر" طلب محاميه بمحاكمته أمام قاضيه الطبيعي، وأصر على محاكمته عسكريا، حيث انتهى الأمر بصدور حكم سجنه مؤبدا (المحاكمات العسكرية لاتزال سيفا مسلطا ، ليس فقط على أعداء النظام ولكن حتى ضد شباب الثورة الذين طهروا البلاد والعباد من أفسد نظام عرفته مصر فى تاريخها الحديث، حيث قضي نحو 12 ألف شاب مصري أياما سوداء فى السجن الحربي، وكأنهم أسري حرب، ولم يتم تحويل قضاياهم إلى القضاء الطبيعي إلا بعد مذبحة شارع محمد محمود الشهيرة). خامسا: أن الصحف الحكومية – الملاكى – قامت فى حينها بحملة تشويه متعمدة لحقيقة ما جري على الحدود المصرية – الإسرائيلية، وقد بلغت هذه الحملة ذروتها بقيام الصحفى "مكرم محمد أحمد" – نقيب الصحفيين حتى شهور قليلة، وكان وقتها يشغل منصب رئيس تحرير مجلة المصور، بإجراء حوار صحفى مع الشهيد سليمان خاطر فى زنزانته بالسجن الحربي، حيث خرجت مانشتات الحوار تؤكد أن "سليمان خاطر" يعانى من خيالات مرضية وهلاوس نفسية، وبالتالى كان هذا التحقيق المشبوه هو الغطاء الذى استخدمه النظام بعد أيام لتغطية جريمته بقتل الشهيد البطل. سادسا: وقعت هذه الواقعة المأسوية فى عهد المشير عبد الحليم أبو غزالة، ذى التاريخ العسكرى ناصع البياض، بدءا من المشاركة فى حرب فلسطين عام 48 وانتصار أكتوبر العظيم، فيما لم يشارك فى نكسة 67 لظروف دراسته فى بعثة أوروبية، وهو الرجل الذى تمت إقالته بعدها لفترة قليلة، (بتهمة) شعبيته الطاغية بين جنود الجيش المصري، فخشي الرئيس مبارك من أن يقوم "أبو غزالة" بانقلاب عسكري ضده، فيما روجت مصادر ل(تهمة) أخرى تتمثل فى قيام أبو غزالة بتبنيه مشروع لتطوير نوعية متطورة من الصواريخ بعيدة المدى مع كل من الأرجنتين والعراق تحت ىاسم سري هو: كوندور-2، فكانت ىهذه هى الجريمة ... بينما كان العقاب هو الإطاحة بواحد من أنجح وزراء الدفاع فى تاريخ مصر، حيث خلفه الفريق أول صبري أبو طالب كمرحلة انتقالية ثم تعيين المشير طنطاوي .. حاكم مصر العسكري الآن وغدا والله أعلم إلى متى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ *** كلمات أقوى من الرصاص
السطور التالية تحمل مقتطفات من رسالة تمكن الشهيد سليمان خاطر من تهريبها إلى ذويه قبل أن يتم سجنه ثم اغتياله غدرا عام 1986. أضمك وجرحي بينزف برغم اللي خانوا ورغم اللي هانوا ورغم اللي كانوا " في غاية الخجل" أضمك وحتما يدور العجل بكل الأراضي اللي خُضرة وحبل مادام لسى بغزل حروف الغزل وبنقش غرامي قصيدة و كلامي بينقش أسامي بحجم الدبل ح اضُمّك وبحلم بحضنك وبيت أنا اللي بليلك و"طَميِك" حييت وضيعت عمري وما كنت أدري ولو كنت أدري مكنتش بقيت على أي صهيوني أول ما جيت فصيلك نبينا في يوم الحساب إذا ما التقيتي بهذا الكتاب ولم تصدقي ولم تعشقي ولم تلحقي حتى لو بالحجارة ويركب قفاهم بشارع وحارة ما بين الآثار وجوى الديار بأرض المطار أو بمبنى السفارة و آخر كتابي أيا مهجتي أمانة ما يمشي ورا جثتي سوى المتهومين بالوطن تهمتي فداكي بدمايا اللي شاغلة الخواطر بطول الزمان فصيلك نبينا في يوم الحساب: أوكل الرسول بمحاسبتك يوم القيامة *** المعروف أنه وفور تطاير الأنباء باستشهاد البطل على أيدي جلاديه .. حتى تفجرت موجة عارمة من المظاهرات الشعبية والطلابية فى ربوع مصر، والسطور التالية تحمل أشهر الهتافات التى انطلقت وقتها (ولا تختلف كثيرا عن هتافات شعب مصر أثناء ثورته فى يناير الماضي وأيضا أثناء الغضبة الجماهيرية الضخمة بعد استشهاد سبعة جنود مصريين على الحدود برصاص الصهاينة): سيبوا الشعب ياخد التار الصهيوني ده غدار سليمان خاطر قالها في سينا قال مطالبنا وقال أمانينا سليمان خاطر قالها قوية الرصاص حل قضية سليمان خاطر يا شرقاوي دمك فينا هيفضل راوي اللي خانك أنتي يا مصر حيشنق نفسه في يوم النصر سليمان خاطر مات مقتول مات عشان مقدرش يخون المعقول المعقول إن سليمان مات مقتول