جامعة بني سويف تحتل المركز 1201-1400 عالميا وال7 محليا فى تصنيف QS العالمي    التنظيم والإدارة يعلن عن مسابقة لشغل 7016 وظيفة معلم مساعد مادة العلوم    إعفاء إدارة مدرسة ببنى سويف بعد رسوب جماعى لطلاب الشهادة الإعدادية.. والتحقيق مع مدير الإدارة    شيخ الأزهر لوفد طلابي من جامعتي جورج واشنطن والأمريكيَّة بالقاهرة: العلم بلا إطار أخلاقي خطر على الإنسانية.. وما يحدث في غزة فضح الصَّمت العالمي    الرقابة النووية: نرصد الإشعاع عالميا ومصر على اتصال دائم بالوكالة الذرية    باركود وتسعيرة.. منظومة جديدة تحكم عمل السايس في القاهرة    مدبولي يتابع الموقف التنفيذي لمشروعي تطوير ميناء الصيد برشيد ونبع الحمراء بوادي النطرون    البنك المركزي يحدد ضوابط منح التراخيص لمؤسسات الدفع الأجنبية في مصر    الأشموني.. «الشرقية» جاده في إنهاء ملفات التصالح وتقنين الأوضاع    4 وزراء يبحثون التعديات على ترعة السويس وتوفير مياه الشرب    قرار جمهوري بشأن عمليات البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في إفريقيا    تراجع مؤشرات البورصة المصرية بمنتصف اليوم الخميس    ئيس الوزراء يقوم بجولة فى مشروع تصنيع أجهزة شاشات التليفزيون والهواتف المحمولة بمصنع "صافي جروب" ب 6 أكتوبر    انطلاق القمة المصرفية العربية الدولية لاتحاد المصارف في باريس غدا    أمير قطر والمستشار الألماني يبحثان أهمية خفض التصعيد وحل الخلافات بالطرق الدبلوماسية    قتيلان حصيلة غارة إسرائيلية استهدفت دراجة نارية في جنوب لبنان    إسرائيل: قصفنا مفاعل آراك ومواقع نووية في بوشهر وأصفهان ونطنز    العرب بدون انتصارات في مونديال الأندية.. هل يفعلها الأهلي أمام بالميراس؟    تعليمات فنية أخيرة للاعبي الأهلي قبل مواجهة بالميراس    هل يوجد تخبط؟.. الزمالك يوضح للجماهير الحقيقة كاملة بشأن جون والصفقات    العثور على جثمان مهندس داخل شقته في مدينة الأقصر    سيولة مرورية وانتظام في حركة السير بالقاهرة والجيزة    «منخفض الهند الموسمي» | ظاهرة جوية تلهب ثلاث قارات وتؤثر على المناخ    «نهشته الحيوانات المفترسة».. ضبط 3 سيدات بتهمة إلقاء رضيع وسط الزراعات في قنا    "اتصالحنا وكله تمام".. تفاصيل جلسة معارضة نجل محمد رمضان على إيداعه في دار رعاية    ننشر نتائج الطلبة المصريين بالخارج من مرحلة الابتدائي وحتى تانية ثانوي    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة في مجال مكافحة جرائم السرقة    مرقس عادل: للسينما سحرها الخاص وأستعد لطرح فيلمي "من أيام الجيزة" و"أولاد المحظوظة"    الليلة.. فرقة موط تعرضحجر القلب بالمهرجان الختامي فرق الأقاليم المسرحية    أحمد الجنايني يرد على شائعات ارتباطه ب أيتن عامر    الدموع تغلب ماجد المصري في حفل زفاف ابنته | صور    بعد تداول أنباء ارتباطهما.. 10 صور تجمع أحمد مالك وهدى المفتي    فاتتني صلاة في السفر كيف أقضيها بعد عودتي؟.. الأزهر للفتوى يوضح    ما حكم تشغيل صوت القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب    «الصحة»: نستهدف تغطية 60% من احتياجات أفريقيا من اللقاحات عبر "فاكسيرا" بحلول 2040    الصحة: الارتفاع غير المبرر بالولادات القيصرية يؤثر سلبًا على جهود الدولة    وزير الصحة يترأس الاجتماع الأول للمجلس الوطني للسياحة الصحية    4 أنواع مكسرات تساعد على خسارة الوزن    تنسيق الجامعات.. كلية الاقتصاد المنزلي جامعة حلوان    صادر له قرار هدم دون تنفيذ.. النيابة تطلب تحريات انهيار عقار باكوس في الإسكندرية    الكرملين: إيران لم تطلب مساعدات عسكرية لكن دعم موسكو لطهران موجود بشكل عام    الرزق ليس ما تملك..بل ما نجاك الله من فقده    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    محافظ الدقهلية يستقبل نائب وزير الصحة للطب الوقائي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    خارجية أمريكا: نطالب جميع موظفى السفارة فى تل أبيب وأفراد عائلاتهم بتوخى الحذر    "الأهلي وصراع أوروبي لاتيني".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص يشاركون الحكومة في دعم ذوي الهمم    بونو يحصل على التقييم الأعلى في تعادل الهلال وريال مدريد    بعد فشل القبة الإسرائيلية.. الدفاعات الأمريكية تعترض الموجة الإيرانية الأخيرة على إسرائيل    زيزو يوضح حقيقة الخلاف حول ركلة جزاء تريزيجيه    كوريا الشمالية تندد بالهجوم الإسرائيلي على إيران    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    ‌‌ ‌الحرس الثوري الإيراني: لن نمنح إسرائيل لحظة هدوء واحدة    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    تامر حسني وهنا الزاهد يتألقان في دور السينما المصرية ب "ريستارت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ازدواجية معايير عربية أيضا
نشر في مصر الجديدة يوم 05 - 11 - 2011

اعترضت آلة قتل المدنيين الفلسطينيين الحربية في دولة الاحتلال الاسرائيلي بالقوة المسلحة قافلة "أمواج الحرية الى غزة" المكونة من سفينة "ساويرس" الايرلندية وسفينة "التحرير" الكندية وعلى متنهما (27) ناشطا دوليا منهم برلمانيون وصحفيون. والهدف المعلن لهذه القافلة مثل ثلاثة عشر قافلة سبقتها هو كسر الحصار العسكري الذي تفرضه دولة الاحتلال كعقوبة جماعية على مليون ونصف المليون مدني فلسطيني في قطاع غزة منذ ما يزيد على عقد من الزمن بالرغم من ادعائها بأنها قد "انسحبت" منه.
وبغض النظر عن وصول هذه القافلة الى القطاع أو عدم وصولها، فإنها تذكر بازدواجية المعايير الأميركية والأوروبية التي لجأت الى الغزو والاحتلال في العراق وأفغانستان والى التدخل العسكري المباشر في ليبيا بحجة "المسؤولية عن حماية المدنيين" بينما تعارض حتى التدخل السياسي والدبلوماسي، بل وتعارض أي انتفاضة شعبية فلسطينية "سلمية"، ضد إرهاب الدولة والقتل خارج القانون والتجويع والترويع الجماعي والفردي والتهجير المنظم للمواطنين من الأرض المحتلة والنقل المنظم للمستوطنين اليها وغير ذلك من أشكال جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية والانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان التي ترقى في إجمالها الى جريمة إبادة جماعية للشعب الفلسطيني والتي تمارسها دولة الاحتلال الاسرائيلي جهارا نهارا في انتهاك صارخ للقوانين الدولية والانسانية وشرعية الأمم المتحدة ضد ملايين الفلسطينيين منذ مدة طويلة تزيد على عمر الأنظمة السياسية العربية، بل تزيد حتى على عمر دول عربية عديدة، تدعي الدول الغربية اليوم أنها "مسؤولة عن حماية المدنيين" فيها وتسوغ بهذه الذريعة غزوها واحتلالها وتدخلها العسكري فيها.
وإذا كانت قافلة "أمواج الحرية الى غزة" تذكر ملايين المدنيين الفلسطينيين المعاقبين جماعيا لعقود طويلة ومريرة من الزمن بازدواجية المعايير الغربية بعامة والأميركية – الأوروبية بخاصة كحالة دائمة لا يتوقعون تغييرها في أي وقت منظور، فإنها تذكرهم أيضا بالصحوة الرسمية العربية المفاجئة على "المسؤولية عن حماية المدنيين" العرب.
وإذا كانت دول عربية تتهم هذه الصحوة بازدواجية المعايير العربية بسبب انتقائيتها عندما تهب الى نجدة المدنيين في هذه الدول لكنها تتقاعس عن نجدتهم في اقطار عربية أخرى، فإن ملايين المدنيين الفلسطينيين الرازحين تحت العقوبات الجماعية يتابعون بحسرة تصل أحيانا حد النقمة هذه الصحوة العربية، التي أخذتها النخوة والغيرة على المدنيين حد الاستقواء بالتدخل العسكري العربي وغير العربي، غير أنها لا تزال حتى الآن عاجزة ومشلولة ومتعامية عن الابادة الجماعية الجارية منذ ما يزيد على ستين عاما للمدنيين من أشقائهم عرب فلسطين المحتلة، ممن أيقظتهم هذه الصحوة العربية المفاجئة على "المسؤولية عن حماية المدنيين" على حقيقة وجود ازدواجية صارخة في المعايير العربية أيضا.
فالدول العربية التي انساقت مع الحرب الأميركية العالمية على "الارهاب" لم تستطع حتى الآن التمييز بين الارهاب الفعلي وبين المقاومة الوطنية العربية للاحتلال الأجنبي فباتت تتنصل من أي "شبهة" علاقة لها بالمقاومة الفلسطينية أو العراقية أو اللبنانية خشية الاتهام الأميركي – الاسرائيلي لها بالارهاب حتى ولو كانت قلوبها مع هذه المقاومة، لكنها وهي تضن على المقاومة الفلسطينية حتى بمرور السلاح من أراضيها اليها للدفاع عن شعبها فإنها لا تربأ بنفسها عن تسليح "ثورات الربيع العربي" علنا وبسخاء.
لا بل إن الدول العربية التي أجمعت على "السلام كخيار استراتيجي" مع دولة الاحتلال الاسرائيلي لم يعد الكثير منها يجد حرجا في الذهاب الى الحرب كتفا الى كتف مع القوى الغربية الداعمة لدولة الاحتلال دعما لمشاريع "تغيير الأنظمة" الأميركية في دول شقيقة بقوة الغزو والاحتلال.
إن ازدواجية المعايير العربية تفرض نفسها على الشعب الفلسطيني خصوصا في هذه الأيام التي انسدت فيها أية آفاق "للسلام" مع دولة الاحتلال، حيث يحذر عنوان فلسطيني بارز للسلام ومفاوضاته مثل عضو اللجنة التنفيذية لمنظة التحرير د. صائب عريقات من أن دولة الاحتلال تحضر لعدوان اسرائيلي جديد على قطاع غزة ويجري هو و"القيادة الفلسطينية اتصالات مع مختلف أطراف المجتمع الدولي" للحيلولة دون وقوعه، وهذا هو المجتمع الدولي ذاته الممثل في اللجنة الرباعية الدولية التي يقول وزير خارجية السلطة الفلسطينية في رام الله د. رياض المالكي إنها "لم تنجح حتى الآن في تحقيق شيء" والتي سيعبر مفاوض منظمة التحرير عن رأيه فيها وفي ممثلها توني بلير "في الوقت والزمان الملائمين"، وحيث يقول رأس الدولة في الأردن، الذي وقع معاهدة صلح منفرد مع دولة الاحتلال، الملك عبد الله الثاني إنه "متشائم جدا" من آفاق السلام ويعتبر تخلي مصر عن معاهدة مماثلة "امكانية قوية جدا، جدا" ويحذر بدوره من امكانية اندلاع الحرب إذا ظل الوضع الراهن على حاله، وحيث تعبر وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس عن "خيبة أملها" في رعاية ادارة باراك أوباما ل"عملية السلام" وتحذر أيضا من أن "الوقت ينفد" لاستئنافها والفجوة تتسع بين مفاوضيها.
وفي هذا السياق، فإن ما كشفته روث دايان، أرملة وزير دفاع وخارجية دولة الاحتلال الاسرائيلي الأسبق موشى دايان، في مقابلة معها أجرتها مجلة نيوزويك الأميركية في الثلاثين من الشهر الماضي - - عن الكتاب الذي بعثه العقيد الليبي الراحل معمر القذافي هدية لها عام 2008 "وبعثت له ملاحظة شكر" على كتابه الذي "وصف فيه خطته للسلام" و"كتب انه يجب علينا جميعا أن نعيش معا ونستفيد من مواردنا المشتركة" - - لم يكن هو أهم ما جاء في هذه المقابلة، بل هو قالته أرملة "فاتح" غزة والضفة الغربية وسيناء وهضبة الجولان وجنوب لبنان:
قالت روث دايان: إن "الحكومة الاسرائيلية الحالية لا تعرف كيف تصنع السلام. إننا ننتقل من حرب الى حرب.أعتقد أن الصهيونية قد استهلكت قواها... بالنسبة ل(رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين) نتنياهو، السلام مجرد كلمة. أنا أرفض سياسته، إنها وصفة لكارثة، إنه غير مستعد للتعاطي مع هذه المسألة. إنها عقلية الغرفة المحصنة تحت الأرض. وذلك (وزير خارجيته أفيغدور) ليبرمان ... أنا أسميه "دوبرمان" (كلب حراسة ألماني): كيف يمكن لرجل كهذا أن يمثل بلدنا؟ ... إنه دوبرمان مجنون ... لقد ازداد عدد المستوطنات من 60 الى 200، والحواجز العسكرية في كل مكان، وحرية الحركة لا وجود لها عمليا. والعنف لا يزال هو لغة الكلام الوحيدة" مع العرب.
لكن روث دايان لا تدرك أو أنها تدرك لكنها تتجاهل أن نتنياهو وليبرمان ليسا حالة شاذة طارئة في تاريخ دولة الاحتلال، بل هما ممثلان صادقان لحالة عامة، فحسب آخر استطلاع للرأي أجرته صحيفة يديعوت أحرونوت يؤمن 66% من يهود دولة الاحتلال أنه لن يكون هناك أي سلام مع الفلسطينيين على الاطلاق، وهما نتاج شرعي للعقلية نفسها التي قادت الآباء المؤسسين للصهيونية ودولتها على حد سواء، تماما مثلما يثبت اليوم القادة الأميركيون والبريطانيون والفرنسيون، بازدواجية معاييرهم، أنهم نتاج شرعي لأجدادهم الذين اصدروا وعد بلفور في مثل هذه الأيام قبل أربعة وتسعين عاما.
إن الوضع العربي الرسمي يدرك الحقيقة الصهيونية وكذلك الحقيقة الأميركية، ويدرك أن معاييره التي تأخذه الى الحرب بين العرب والى "السلام" مع أعدائهم أجمعين هي معايير مزدوجة. وقد آن الأوان لفرض "تغيير" ازدواجية المعايير تجاه فلسطين وعربها وقضيتهم، غربية كانت أم عربية، غير أن تغيير التعامل بازدواجية معايير مع الشعب الفلسطيني لن يتوقف إلا إذا قرر عرب فلسطين أنفسهم التوقف عن التعامل مع هذه المعايير المزدوجة، ومقاومتها، ومثل هذا "القرار الفلسطيني" هو وحده القادر على "تغيير وجه المنطقة والشرق الأوسط بأسره" كما توقع الناطق باسم رئاسة منظمة التحرير، نبيل أبو ردينة، في ال"بي بي سي" مؤخرا، ومثل هذا القرار يقتضي أولا وحدة الصف والموقف، وعندها فقط يمكن التعامل مع توقعات أبو ردنية بصدقية، وعندها فقط يمكن أيضا أن يتفاءل الشعب الفلسطيني ب"ربيع عربي" حقيقي، حتى في "عز الشتاء".

* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.