القوى السياسية فى مصر تشهد خلافا جدليا واسعا حول هذا الموضوع وهل يجب تأجيل الإنتخابات أو إجراءها فالبعض من مؤيدى ضرورة إجراء الانتخابات أولاً يرون أن هذا سيؤدى إلى استقرار أوضاع البلاد ولكى يتم التأكيد على نتائج الإستفتاء على التعديلات الدستورية ويؤكدون إذا كانت الديمقراطية هي الرضوخ والإستماع لرأى الاغلبية فعلينا الإحتكام إلى رأى الأغلبية والتى قالت إجراء الإنتخابات أولاً ودون الإلتفاف حول نتيجة الإستفتاء فإن الشعب بنسبة أكثر من 72 % قال الدستور بعد الإنتخابات لمصلحة مصر. أما الرأى المعارض فأنه يرى أنه من الأفضل تأجيل الإنتخابات لأن الأوضاع الأمنية فى مصر غير مستقرة ومن الصعب إجراء الإنتخابات حالياً مبدين تخوفهم من سيطرة الإخوان المسلمين على البرلمان في ظل عدم استعداد الأحزاب السياسية الجديدة لحشد مؤيدين ولسبب جوهرى هام وهو أن الأحزاب الجديدة غير مستعدة لخوض إنتخابات فى الوقت الراهن
والبعض أشار أنه يجب إجراء الإنتخابات أولاً لأن هناك مجلس تشريعى سيتكون من مائة برلمانى هم من سيشرعون فى وضع الدستور الجديد فى حين يرى المعارضين أنه لابد أن يتم وضع الدستور أولاً حيث من المفترض أن يرأس هذا الدستور مجلسى الشعب والشورى ويحدد لهم اختصاصاتهم بالإضافة إلى ضرورة وجود المبادئ العليا في الدستور التى تنص ان الشعب هو مصدر السلطات ويحدد سلطة كل فرد. يقول الدكتور أيمن سلامه أستاذ القانون الدولي: إن المغزي السياسي لقانون مجلسي الشعب و الشوري هو استجابة المجلس الأعلي للقوات المسلحة لمطالب كافة القوي والأطياف السياسية وخاصة شباب الثورة في اجتماعهم مع المجلس لتحديد جدول زمني وسقف محدد لإجراء الانتخابات في التوقيتات المحددة لها في ظل ظروف أمنية ملائمة وتأكيد المجلس علي موعد الجلسة البرلمانية الأولي لمجلس الشعب أيضا يبعث علي الطمأنينة في نفوس كافة المتشككين والمتقولين حول رغبة المجلس الأعلي للقوات المسلحة في البقاء لمدة أطول. ويتحفظ د.أيمن سلامة علي تحديد موعد الجلسة الأولي للبرلمان ويقول أن الفترة الماضية منذ تنحي مبارك وحتي الآن علمتنا عدم استباق الأحداث إلا وفق رؤية متأنية لمجريات الأمور, فتطورات الأحداث المتلاحقة تفرض ذاتها علي متخذ القرار خاصة في ظل ظروف أمنية لابد أن تؤخذ في الاعتبار, ويضيف أنه علي الرغم من أن البعض ينتقد المجلس الأعلي ويتهمه بالتباطؤ إلا أن22 حزبا أعلنوا رفضهم للانتخابات بدعوي أنهم لم يستعدوا لها.. كلها أحداث فهذا المخاض في تاريخ الشعوب وتاريخ الثورات يجعل هذه المرحلة من أخطر المراحل. تكاليف القوي السياسية ولابد من تكاتف جميع القوي السياسية والحزبية والشعبية لخوض ذلك المخاض العسير بأقل الخسائر والإستفادة من تجارب التحول الديمقراطي لسائر الثورات الديمقراطية التي سبقتنا في العالم. أما عن حالة التشتت السياسية الموجودة في المجتمع الآن يقول د. أيمن سلامه أنها حالة طبيعية بعد زمن طويل من الكبت والقهر وأستبداد الرأي الواحد. ولكن هذا بالطبع لا يعني الفوضي فلابد من مرجعية للتوحد لابد من تطهير جهاز الشرطة أولا حتي تتمكن من القضاء علي الإنفلات الأمني المتعمد والذي قد يؤدي لحوادث تعوق العملية الانتخابية. ويؤكد المستشار أحمد مكي نائب رئيس محكمة النقض السابق أن المجلس العسكري أدخلنا في متاهة قانونية بدأ بإستفتاء ثم إعلان دستوري وتعديلات فهل هي كافية أم غير كافية وهل الدستور قد سقط أو لايزال قائما حتي نقوم بتعديله ؟ ثم ان الاعلان الدستوري أبقي علي مجلس الشوري بينما نحن نشكك في جدواه, أيضا أبقي علي نسبة العمال والفلاحين رغم التشكيك في جدواها الآن ومرة أخري.. ظهرت المبادئ الدستورية الحاكمة دون داع لوجودها. هناك حقيقة وهي أن المجلس العسكري هو السلطة الوحيدة المتماسكة الآن في الدولة والقادرة علي حفظ النظام العام وتستمد مشروعيتها الإجرائية من قوتها كسلطة حاكمة أما الشرعية الحقيقية فإنها تصدر من الرضا العام للناس وقبولهم لها. ولابد من بناء الحياة الديمقراطية السليمة والدولة المدنية بسرعة والتي هي وليدة رضا الناس. وعن إجراء الانتخابات في وقتها يقول المستشار مكي أنه لابد من الإلتزام بالاعلان الدستوري مع تبسيط الاجراءات فلا تأخذ الانتخابات ثلاث مراحل ثم الاعادة هذا جدل طويل ليس له داعي ولابد من الانتقال إلي الدولة المدنية حتي يعود الجيش إلي ثكناته. ويقول اللواء سامح سيف اليزل الخبير الاستراتيجى إن الوضع الأمنى الحالى يوجب تأجيل الانتخابات البرلمانية القادمة لأنه من الصعب إجراؤها في هذه الأجواء التى بالتأكيد لن ينتج عنها البرلمان الذى ينشده الشعب المصرى ، وأكد سيف اليزل ضرورة التأجيل لمدة لا تقل عن سنة حتى يستطيع جهاز الشرطة تحقيق الأمن داخل الشارع المصرى والقضاء على أشكال البلطجة الموجودة وحوادث الفتنة الطائفية وحتى تكون الأحزاب الجديدة قد أخذت فرصة للتفاعل ؛ وأن يتم تأمين الانتخابات من خلال الشرطة وليس من خلال لجان شعبية ، فعلى أى أساس يتم اختيار هذه اللجان دون أى تمييز أو تحيز لأى طرف ، فالانتخابات عكس التعديلات الدستورية لأن هناك تنافساً بين أفراد وعائلات قد تنتج عنها معارك دموية.. يجب أن نقضى على مثل هذه السلبيات التى كانت موجودة فى العصر القديم بالتأمين الكافى واستعادة قدرة جهاز الشرطة. ويقول الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية إنه يوافق على التأجيل لسببين، الأول إزاحة النظام السابق بأكمله والقضاء عليه نهائيا ، والتأكد من عدم مشاركته فى الأمور الحيوية.. ثانيا إرساء قواعد لبناء نظام جديد يعكس تنظيف الدولة من النظام السابق، ويرى نافعة أن التسرع فى إجراء الانتخابات قبل تشكيل الأحزاب ومعرفة أجندتها ليس لها جدوى كما أن الانتخابات فى ظل الظروف الحالية ربما تشهد قتالاً بين المرشحين مما يؤثر سلبا على العملية الانتخابية. وأشار نافعة إلى أنه فى حالة عقد الانتخابات البرلمانية فى موعدها سوف يترك الباب مفتوحا أمام الثورة المضادة للقيام بأعمال تخريبية وإرباك الوضع الداخلى مما قد يؤثر على الاستثمارات . وقال نافعه إن تأجيل الانتخابات ليس له علاقة بالتعديلات الدستورية كما يدعى البعض بأنه التفاف على إرادة الشعب لأن المطالبة هى تأجيل الانتخابات لمدة محددة وتغيير المواعيد قابل للتفاوض ولا يمثل أى خلل دستورى، كما لا يمكن إجراء انتخابات فى ظل الانفلات الأمنى وانهيار جهاز الشرطة فهناك مراكز شرطة معتدى عليها وسيارات الجهاز محروقة، وكميات كبيرة من السلاح فى أيدى المواطنين وهو ما يؤدى إلى حدوث مجازر أثناء الانتخابات من جهته أكد الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة بورسعيد، على ضرورة تأجيل الانتخابات البرلمانية حتى يتسنى للأحزاب المشاركة الحقيقية وإعطاء فرصة للشباب فى المشاركة النشطة، وتطهير المحليات من رموز الفساد. وقال زهران إنه لم يتم اتخاذ أى إجراء حيال الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها فى سبتمبر المقبل. ويرى زهران أن المجلس العسكرى يرغب فى تأجيل الانتخابات البرلمانية إلا أنه يتلمس الحرج من الإفصاح عن نيته فى التأجيل الأمر الذى دفعه إلى تصدير القرار إلى لجنة الحوار ليعرف ردود الفعل الشعبية، وحتى لا يتحدث أحد أن المجلس العسكرى يطمع فى البقاء بالسلطة. دعا الدكتور عمرو حمزاوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى تأجيل الانتخابات البرلمانية لحين استعادة قوات الأمن سيطرتها الكاملة حتى تستطيع تأمين الانتخابات التي عادة ما كانت تشهد اشتباكات وعنفا وقتلا ورشاوى. وأضاف حمزاوي أنه لا يريد للمؤسسة العسكرية التورط في إدارة يوم انتخابي لن يكون سهلا بالإضافة إلى وجود فرصة لإصدار قانون الانتخابات وإعادة تقسيم الدوائر. وأوضح حمزاوى “أن أمام الأحزاب السياسية مهام وطنية كبرى تقتضي التنسيق فيما بينها على نحو يتخطى حواجز الأيدولوجيا، أولى هذه المهام التوافق حول موعد لإجراء الانتخابات البرلمانية يباعد بين مصر وبين خطر انتخابات دموية تعمق من الانفلات الأمني وتهدد التجربة الديمقراطية وهى فى بدايتها، كما ناشد الأحزاب الإسلامية كالحرية والعدالة وحزب الوسط ؛ أن تنفتح على الأحزاب الداعية للتأجيل في حوار ينطلق من مصلحة الوطن». فيما يرى الدكتور حسن أبوطالب الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ؛ أن فكرة التأجيل وردت من مجموعة مصغرة لا تعكس الرأى العام فهناك 19 مليون مصرى وافقوا على خطة عمل بخطوات واضحة للفترة الانتقالية تشمل إعلاناً دستورياً والاستفادة من الوضع الجديد الذى تعيشه مصر بعد ثورة 25 يناير وحددت موعداً للانتخابات البرلمانية والرئاسية. وقال أبوطالب إنه من الأفضل إنهاء المرحلة الانتقالية سريعا واختيار حكومة تستطيع السيطرة على الأمور بالإضافة إلى مجلس شعب منتخب ، ويمكن تأمين الانتخابات البرلمانية مثلما حدث فى الاستفتاء على تعديل الدستور ويشارك الشعب من خلال لجان شعبية ، وعلى وزارة الداخلية أن تقوم بدورها بالتضامن مع القوات المسلحة ، وأشار أبوطالب إلى أن تأجيل الانتخابات يدخل مصر فى مرحلة كسل سياسى كما أن الوضع الاقتصادى لا يحتمل التأجيل والدخول فى دوامة سياسية. جماعة الإخوان المسلمين رفضت أيضا هذه الدعوات واعتبرتها إنتقاصا من الإرادة الشعبية التي أقرت الإعلان الدستوري ومحاولات للالتفاف على نتائج الاستفتاء. وأكد الدكتور محمد مرسى رئيس حزب الحرية والعدالة “حزب الاخوان المسلمين” أنه ضد تأجيل الانتخابات البرلمانية المقرر عقدها فى شهر سبتمبر المقبل ، موضحاً أن تأجيل الانتخابات أكثر من الموعد المقرر لها ليس فى صالح مصر، قائلاً “إن تأجيل الانتخابات قد يساعد فلول الحزب الوطنى المنحل أو الإسرائيليين، أن يستقووا علينا، ويلتفواعلى ثورة 25 يناير”. ورداً على من ينادى بتأجيل الانتخابات ، قال مرسى إن الشعب قادر على أن يفرز الخبيث من الطيب ، مشيراً أن الشعب ليس ساذجاً على أن يخوفه البعض من الإخوان أو من غيرهم إذا وصلوا إلى الحكم أو حصلوا على الأغلبية ، فكل هذا كلام النظام القديم الذى كان يقول إن الشعب ليس مستعداً الآن ليمارس الديمقراطية، فقد كانوا يرون أن سقف الديمقراطية عالٍ على الشعب المصرى. كما رفض أحمد عبد الهادى، رئيس حزب شباب مصر أيضا تأجيل الانتخابات البرلمانية المقررة فى شهر سبتمبر القادم محذرا من وجود مخطط منظم لتدمير مصر لصالح بعض القوى التى تستهدف النيل من وحدة مصر وتماسكها، وأكد أن ذلك سيؤدى لدخول مصر نفقا مظلما لن تخرج منه بسهولة وسوف يمنح القوى المتربصة بمصر الفرصة لتنفيذ مخططاتها بنسف الاستقرار الذى نسعى اليه