أتعشم من الله ألا يكون قرار مصر بعدم المشاركة فى اجتماع وزراء خارجية اتحاد دول الأورمتوسطى القادم - وبالتالى إفشال الاجتماع - قراراً عاطفياً. بمعنى ألا يكون رفض مصر فقط جاء بسبب مشاركة أفيجدور ليبرمان ورفض مصر ممثلة فى وزير خارجيتها الجلوس على طاولة واحدة مع هذا الوزير الوقح الذى عاب فى مصر وقيادتها وتطاول عليها بالتهديدات .. أتعشم ألا يكون الموقف نابع فقط من هذا المنطلق ، وأن تكون مصر قد راجعت موقفها من هذا الاتحاد المشبوه . وكنت قد كتبت من قبل وأكرر مجددا التحذير من هذا الكيان الذى ابتدعه الرئيس الفرنسى مسيحى الديانة يهودى العقيدة إسرائيلى الهوى نيكولا ساركوزى لاختراق مصر والمنطقة العربية لصالح إسرائيل. والمناسبة التى دعتنى لفتح ملف الأورومتوسطى مجدداً هو هذا الانزعاج الشديد الذى يبديه ساركوزى "المتغاظ" من موقف مصر الرافض للمشاركة فى اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأورمتوسطى الذى كان مقرراً عقده فى أسطنبول التركية الشهر القادم ، وبسبب موقف مصر فالإجتماع مهدد بالإلغاء. وفى حالة الإلغاء فإن هذا يعنى موت ودفن الاتحاد قصير العمر بسبب التعنت، وعقل العرب الصغير ، كما يرى المحللون الغربيون الذين يريدون للعرب أن يتجرعوا السم فى عسل الأورمتوسطى دون أدنى اعتراض. وهذا ما دفعنى مجدداً إلى أعادة طرح أهداف هذا الاتحاد فى محاولة لنكتشف سويا هذا السم المختبىء فى الإعلانات الطيبة عن أفق التعاون التى قام عليها مشروع الاتحاد فى الأساس ، وهى 6 ركائز تتمثل فى تشجيع التنمية الاقتصادية بين دول المطلة على البحر المتوسط بما فيها إسرائيل ، ورسم معالم فضاء الأمن الأورمتوسطى ، والدفع بالتنمية الاجتماعية ، وحماية البيئة والتنمية المستدامة وحوار الثقافات، وهى كما ترى كلها عناوين براقة لكنها فى التطبيق العملى لن تصب فى صالح العرب – إلا قليلا - أما إسرائيل فسوف تجنى الكثير ؛ فحوار الثقافات لن يعنى إلا تسريب التطبيع تحت دعوى الحوار وقبول الآخر الإسرائيلى فى المنطقة، ورسم معالم فضاء الأمن لن يعنى إلا تقليم أظافر العرب أو تكبيلهم بإتفاقيات تضمن لأسلحتهم الصدأ ولجيوشهم التجمد لصالح أمن الدولة اليهودية حتى لا يهددوا أمن إسرائيل ، والتنمية الاقتصادية سوف تنتج مشاريع على شاكلة الكويز وغيرها، وحتى حماية البيئة فهذا هدف عولمى فيه جانب خير وجانب أخر شرير، إذا أعطانا الله عمراً فسوف نعرضه فيما بعد ... كلها مشاريع وأفكار يريد ساركوزى منها أن يعجل بما تأخرت أو فشلت فيه مؤتمرات واجتماعات واتفاقيات سابقة مثل مؤتمر مدريد عام 1990وما نتج عنه من مباحثات واتفاقيات ، وعملية برشلونة 1995 وكلها فشلت فى إقناع العرب بتجرع كأس السم حتى نهايته، وفتح بلادهم وصدورهم بالكامل لإسرائيل، والأيام بيننا وسوف تثبت صحة ما نقول . أما العرب فيثبتون كل يوم بما لايدع أى مجال للشك أن ذاكرتهم التاريخية أضعف من أن تعينهم على قراءة المستقبل.