منذ ابتكار آندرو مكافي لمصطلح "المؤسسة 2.0" Enterprise 2.0 في عام 2006، والشركات تبذل جهوداً دؤوبة في البحث عن طرق تمكن البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات ESS من معالجة الثغرات في كيفية عمل الموظفين مع بعضهم البعض. إلا أننا وصلنا أيضاً إلى إدراك أن هناك أبعاداً أكبر وراء اهتمام الشركات بتلك البرامج، حيث إنه خلال العشرين عاماً المقبلة، سيحال ما يقارب من 80 مليون شخص إلى التقاعد، أي حوالي 10,000 شخص يومياً. وعلى الأرجح، سيؤدي هذا التوجه إلى تحولات كبيرة في أجيال القوى العاملة وإمكانية حدوث خسارة هائلة في رأس المال الفكري جراء مغادرة كبار الموظفين، وسيفرض هذا الاتجاه على المؤسسات تحديات جديدة في تعيين موظفين جدد. وتستطيع برمجيات المؤسسات الاجتماعية بجانب البرمجيات الفعالة لإدارةالتغييرمساعدة المؤسسات على تلبية احتياجات نقل المعرفة. هناك كميات هائلة من المعرفة عن المهارات والممارسات العملية كامنة في عقول كبار الموظفين. وفي الوقت نفسه، سيكون متوقعاً من الذين يدخلون سوق العمل لأول مرة إتقان كل تلك المهارات بسرعة، ولهذا ينبغي أن نوفر الفرص للموظفين للتواصل والمشاركة والتعلم والمساهمة والتعاون كطريقة طبيعية للعمل بدلاً من تكرار أخطاء اكتساب المعرفة السابقة، وفي هذا الصدد تقدم البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات فرصة هائلة. فعندما يصبح العمل والمشاركة في حيز ملحوظ ولافت للانتباه، يصبح "نقل المعرفة" أمراً يحدث أثناء تواصل الموظفين وبناء العلاقات فيما بينهم.
في "الأيام الخوالي"، كانت المؤسسات تعين الموظفين وتستقدمهم لمقراتها للتدريب. وخلال فترة الاختبار، يؤسس الموظفون علاقات وطيدة مع زملائهم قد تستمر طوال حياتهم المهنية. وتمنح هذه العملية الموظفين الجدد الشعور بأنهم جزء من كياناجتماعي. ولكننا لا نفعل ذلك في الوقت الحالي، فربما لا نلتقي أبداً مع زملاءنا الذين نعمل معهم بشكل يومي، حيث تتم الأعمال في المؤسسات العالمية اليوم عبر الفضاء الافتراضي.
قد لا تتيح البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات توفير تجربة التعامل المادي المباشر، ولكن بإمكاننا الاقتراب منها بقدر الإمكان، وتوفير مرونة أكبر من نواح عديدة. وتسهل البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات تكوين مجموعات ومواقع اجتماعية يتواصل من خلالها الموظفون مع بعضهم البعض بوسائل تتشابه مع مواقع التواصل الاجتماعي للأفراد. ومع ذلك، يتلاءم هذا التفاعل في إطار المؤسسات مع احتياجات الموظفين واهتماماتهم. فإن وجود نظام للتعاون والمشاركة على مستوى المؤسسات يجعل من السهل العثور على خبراء في موضوع معين (الصفحات الاجتماعية للمشتركين) وإضافتهم إلى شبكتك (المخطط الاجتماعي) ومتابعة أعمالهم (مسارات الأنشطة) والتحاور معهم (التدوين المصغر). ولن يضطر كبار الموظفين إلى اعتبار ذلك نوعاً من "التدريب" للموظفين الجدد. فعندما يجعلون أفعالهم وأنشطتهم مكشوفة ومعروفة للجميع، (مثل المجتمعات التي ينضمون إليها ومقاطع الفيديو التي يشاهدونها وروابط المواقع التي يحتفظون بها)، بإمكان الموظفين "مشاهدة" كيف يجرون أعمالهم عن بعد دون مقاطعة أو تطفل. وبمرور الوقت، يصبح ذلك وسيلة للتعلم غير الرسمي، وطريقة جديدة لتوفير التدريب الافتراضي للموظفين الجدد. فعندما يرغب كبار الموظفين في تبادل المعلومات مع الموظفين الجدد، تقدم البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات وسيلة سلسة وخالية من الاحتكاك لتبادل الروابط والوصلات لمصادر المعلومات ذات الصلة أو تبادل الملاحظات المفيدة بشأن العمل الجاري.
كذلك تساعد طبيعة المشاركة التي تتمتع بها البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات الموظفين الجدد على إنشاء شبكاتهم المهنية الخاصة مع الزملاء القدامى أو الانضمام للتجمعات القائمة حيث يتبادل كبار الموظفين التجارب وأساليب تطوير ممارسات العمل. ونظراً لأن البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات تتكامل بصورة أفضل مع تقنيات الاتصالات الموحدة والفيديو، فقد تصبح هذه التفاعلات لحظية بالصوت والصورة، مما يجعلنا نقترب من تجربة التوجيه والتدريب المباشر التي مررنا بها في الأيام السابقة.
وتتمتع البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات أيضاً بإمكانيات لمساعدة الشركات على إيجاد حلول لمشاكل انتقال المسؤوليات في ظل موجات التقاعد المحتملة.ومع التعيينات الجديدة، فإن استخدام البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات يبرز العمل بشكل أوضح ويوفر توثيقاً ذاتياً من خلال استخدام الموظفين للمدونات أو تحديثات لمواقع "ويكي" أوالمشاركات على "تويتر"، ومن ثم نشر أعمالهم في صورة مسار للأنشطة.
وينبغي أيضاً اعتبار أن تزويد الموظفين المتقاعدين بوسيلة للتواصل مع زملائهم حتى بعد التقاعد هو بمثابة طريقة أخرى تستفيد بها المؤسسات من خبرة وحكمة الأعمال لدى المتقاعدين. ففي السابق، كان التقاعد يعني اختفاء الموظف من مكان العمل. ولكن في الوقت الحالي، لم يعد الأمر كذلك، إذ توفر مواقع المستهلكين مثل فيسبوك للمتقاعدين سهولة التواصل مع الزملاء السابقين في العمل. وتستكشف المؤسسات والشركات الآن كيفية الاستفادة من إمكانيات البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات من أجل غرض أو هدف معين لتزويد المتقاعدين بوسائل لمواصلةالعمل حتى على نطاق محدود.
وتعتبر عودة الموظفين السابقين إلى مكان العمل كمستشارين أو خبراء أو حتى كمدربين من الأمور الشائعة في مجال الأعمال حالياً. فوجود نظام للتعاون على مستوى المؤسسات مع إمكانيات التكامل المعززة بوسائل الحماية يوفر وسيلة لدعم الموظفين السابقين أثناء المشاركة الانتقائية في أدوار معينة.
ويمثل تغيير أنماط العمل والسلوكيات الحالية التحدي الأكبر أمام نجاح مبادرات البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات. فالرقابة وإدارة التغيير والتواصل المستمر من العناصر الأساسية في أي برنامج للتحول. ومع ذلك، هناك بعض الأساليب التي يوظفها الاستراتيجيون للتأثير على الاستخدام الحالي للتكنولوجيا.
· إتاحة قيمة شخصية: تمكين الموظفين من نشر المعلومات وتمييزها وحفظها وتبادلها يساعدهم على إنشاء بيئة التعلم الشخصية الخاصة بهم وبناء علاقات مع أقرانهم على أساس الاهتمامات المشتركة. ولن يتحقق ذلك بصورة مباشرة بسبب العمليات التي يشاركون فيها أو أي نشاط آخر رسمي يحكم هذا الدور. وبدلاً من ذلك، يتأثر استخدام البرمجيات الاجتماعية للمؤسسات بأدوارهم الخاصة – التي ربما تربطهم بالتطور المهني وتقدير تخصصاتهم أو الشبكات المهنية.
· إتاحة مجهود اجتماعي: يستمتع الناس في الغالب بمساعدة الآخرين والتعاون في إنشاء شيء ذي قيمة. ومن الممكن تسهيل تطبيق وتعميم ذلك من خلال عرض التحديات التي ينبغي أن يتغلب عليها الموظفون. على سبيل المثال، من الممكن الاستفادة من دعوة الموظفين للمشاركة في حل بعض المشكلات الأكثر إلحاحاً التي تواجه الشركة (منتجات، أسواق) أو الإدارة (خدمة العملاء، جودة البيانات) من دوافع العمل التطوعي لدى الموظفين.
· إتاحة طريقة جديدة للعمل: على مدار السنوات السابقة، غيرت الشركات وسيلة الإنتاج من خلال تطبيق أدوات الإنتاجية المكتبية أو ممارسات الأعمال الإلكترونية عبر نشر تطبيقات الأعمال المتنوعة مثل إدارة علاقات العملاء. يجب على الموظفين تغيير الوسيلة التي يعملون بها لأن العمل نفسه قد تغير من حيث الأدوات. وفي بعض الحالات، يمكننا تغيير العمل نفسه الذي يدونه الموظفون بدلاً من إنشاء المستندات أو تبادل المعلومات عبر مواقع "ويكي" بدلاً من البريد الإلكتروني. وكما يشعر الموظفون بالراحة والألفة مع استخدام تلك الأدوات في أعمالهم الروتينية اليومية، فإنهم سيشعرون براحة أكبر في استخدام الأدوات نفسها للمشاركة التطوعية في التجمعات والشبكات المهنية.