ترامب: إيران ترفض قيادتها الحكومية.. لماذا لا يكون هناك تغيير للنظام؟    تفجير كنيسة مار إلياس بدمشق.. جرحٌ ينكأ ذاكرة العنف الطائفي(تقرير)    أكسيوس: ضرب إيران كان قرارا شخصيا لترامب وليس للبنتاجون.. وواشنطن أبلغت طهران    روسيا تتهم أمريكا بالمقامرة بسلامة ورفاهية البشرية جمعاء    الهلال السعودي يتعادل مع سالزبورج في كأس العالم للأندية    عطية الله: درسنا بورتو جيدا.. وسنحاول استغلال نقاط ضعفه    هالاند يقود تشكيل السيتي أمام العين.. ومرموش على مقاعد البدلاء    دونجا: أداء الأهلي في كأس العالم للأندية سيئ.. والفريق يلعب بطريقة غير واضحة مع ريبيرو    التعليم: وصلنا لمرحلة من التكنولوجيا المرعبة في وسائل الغش بامتحانات الثانوية العامة    نانسي عجرم تُشعل مهرجان موازين في المغرب بعودة مُبهرة بعد سنوات من الغياب    ثورة «الأزهرى».. كواليس غضب الوزير من مشاهير الأئمة.. وضغوط من "جميع الاتجاهات" لإلغاء قرارات النقل.. الأوقاف تنهى عصر التوازنات وتستعيد سلطاتها فى ضبط الدعوة    «أكسيوس»: الهجوم على إيران كان عملية ترامب وليس البنتاجون    جراء الضربة الأمريكية.. معهد الأمن الدولي: مجمع أصفهان النووي الإيراني تضرر بشدة    وزير الخارجية الإيراني يصل إلى موسكو للتشاور مع بوتين    برواتب تصل إلى 13 ألف جنيه.. وزارة العمل تعلن عن وظائف جديدة للشباب    فاتورة التصعيد الإسرائيلى- الإيرانى.. اشتعال أسعار الطاقة وارتباك الأسواق واهتزاز استقرار الاقتصاد العربى.. توقعات بزيادة التضخم مجددا فى الأسواق الناشئة وإضراب في سلاسل الإمداد    92.9 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة    طبيبة كفر الدوار تطعن على حكم إيقافها 6 أشهر في قضية إفشاء أسرار المرضى    مدرب بورتو: نلعب ضد خصم قوي في إفريقيا.. وكرامتنا مجروحة ولدينا فرصة لتغيير الأمر أمام الأهلي    85% حد أدنى للشهادات المعادلة.. تنسيق برنامج تكنولوجيا تصنيع الملابس 2025    مشاجرة بالبنزين في بولاق الدكرور والضحية سيدة    مأساة في البحيرة.. طفلان خرجا للهروب من حرارة الصيف فعادا جثتين هامدتين    مصرع شابين غرقا ببركة زراعية في الوادي الجديد    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب ميكروباص بالصف    تنسيق الجامعات 2025.. كل ما تريد معرفته عن هندسة حلوان لطلاب الثانوية    بالصور.. خطوبة نجل سامي العدل بحضور الأهل والأصدقاء    حقيقة تحديد 4 نوفمبر المقبل موعدا لافتتاح المتحف المصري الكبير    الأزهر للفتوى يحذر من الغش في الامتحانات: المُعاونة على الإثم إثم وشراكة في الجريمة    ما حكم تسمية المولود ب اسم من أسماء الله الحسنى؟.. أمين الفتوى يُجيب    علي جمعة: المواطنة هي الصيغة الأكثر عدلاً في مجتمع متعدد الطوائف    بالأرقام.. ممثل منظمة الصحة العالمية: 50% من حالات السرطان يمكن الوقاية منها    نيللي كريم تكشف عن مواصفات فتى أحلامها المستقبلي (فيديو)    «الخدمات الطبية» تقدم فحصًا طبيًا ل312 حالة من العاملين بكهرباء جنوب القاهرة    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير    جامعة جزيرة الأمير إدوارد بالقاهرة تحتفل بتخريج دفعتها الرابعة لعام 2024/2025    بعد ارتفاعه رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 يونيو 2025    سيناتور أمريكي: إدارة ترامب تكذب على الشعب الأمريكي    تفاصيل القبض علي المتهم بقتل زوجته بعلقة موت في الدقهلية    رئاسة حى غرب المنصورة تواصل حملاتها المكبرة لرفع الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    إصابة 6 أشخاص خلال مشاجرة ب الأسلحة البيضاء في المنوفية    سعر الطماطم والبصل والخضار في الأسواق اليوم الاثنين 23 يونيو 2025    منصة إلكترونية بين مصر والأردن لضمان حماية العامل    اعتماد نتيجة امتحانات الترم الثاني لمعاهد "رعاية" التمريضية بالأقصر.. تعرف على الأوائل    مندوب إيران بمجلس الأمن: أمريكا الوحيدة تاريخيا من استخدمت أسلحة نووية    لا تسمح لأحد بفرض رأيه عليك.. حظ برج الدلو اليوم 23 يونيو    18 يوليو.. هاني شاكر يلتقي جمهوره على مسرح البالون في حفل غنائي جديد    «المهرجان الختامى لفرق الأقاليم» يواصل فعاليات دورته السابعة والأربعين    صنّاع وأبطال «لام شمسية»: الرقابة لم تتدخل فى العمل    وشهد شاهد من أهله .. شفيق طلبَ وساطة تل أبيب لدى واشنطن لإعلان فوزه أمام الرئيس مرسي!    «الشيوخ» ينتقد أوضاع كليات التربية.. ووزير التعليم العالى: لسنا بعيدين عن الموجود بالخارج    غضب أيمن الرمادي من الزمالك بسبب مكافأة كأس مصر (تفاصيل)    كورتوا ينتقد أسينسيو: كرر نفس الخطأ مرتين.. وعليه أن يكون أكثر ذكاءً    كأس العالم للأندية.. ريبيرو يتحدث عن مواجهة بورتو وحلم الأهلي في التأهل    محافظ كفر الشيخ يشيد بحملات طرق الأبواب بالقرى لنشر خدمات الصحة الإنجابية    تقديم الخدمات الطبية ل1338 مواطناً فى قافلة مجانية بدسوق في كفر الشيخ    وداعًا لأرق الصيف.. 4 أعشاب تقضي على الأرق وتهدئ الأعصاب    هل يُغسل المتوفى المصاب بالحروق أم له رخصة شرعية بعدم تغسيله؟.. الإفتاء تجيب    محمد علي مهاجمًا محمد حسان بسبب إقامته عزاء لوالدته: تراجع عما أفتيت به الناس في الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحراك الشبابي على خطوط التماس
نشر في مصر الجديدة يوم 20 - 06 - 2011

مع اندلاع الثورات الشعبية التي انطلقت من تونس ومصر عمّت روحها، أو روح من
معدنها، الأقطار العربية من المحيط إلى الخليج.
ولم يتخلف عن ركب التحرّك غير الذين صنعوا انتفاضتين شبابيتين في الضفة الغربية
وقطاع غزة في مرحلتين 1987-1993، 2000-2005، وكان من المفترض أن تندلع انتفاضة
شبابية شعبية عارمة في الضفة الغربية بهدف دحر الإحتلال وتفكيك المستوطنات
واستنقاذ القدس والمسجد الأقصى من التهويد. ولكن القبضة الأمنية التي يُشرف على
أجهزتها الأمنية مكتب أمني إسرائيلي-أمريكي حالت دون اندلاع الإنتفاضة وقد
ساعدها في ذلك حال الإنقسام بين فتح وحماس. لأن من شروط الانتفاضة في الضفة
الغربية أن يكون ثمة اتفاق بين الفصائل الفلسطينية بعامّة وبين فتح وحماس
بخاصة.
أمام هذه المأساة المتمثلة في تخلف الشعب الفلسطيني عن الثورات التي تعمّ الوطن
العربي تحركت مجموعة قوى شبابية شعبية وفصائلية تدعو إلى إطلاق حراك شعبي هائل
في 15/5/ 2011 بمناسبة ذكرى النكبة باتجاه الحدود الفلسطينية، من الأردن ولبنان
وسورية ومصر. وذلك بهدف التأكيد على الحق الفلسطيني بكل فلسطين، بما فيه حق
العودة.
وبالفعل سرعان ما لقي هذا النداء تجاوباً واسعاً في مخيمات اللجوء وفي الضفة
الغربية وقطاع غزة وفي المناطق المحتلة من فلسطين عام 1948، كما في مختلف أماكن
الوجود الفلسطيني.
فزع العدو الصهيوني، بصورة خاصة، من هذا التحرك في اليوم الموعود عندما شاهد
الشباب والشابات يحتشدون خلف الأسلاك الشائكة لا سيما في الجولان في سورية،
ومارون الراس في لبنان، وفي الحواجز في قلندية، وفي الشريط الفاصل بين قطاع غزة
وبقية فلسطين. أما المحتشدون في الأردن ومصر فقد حيل بينهم وبين الاقتراب من
نقاط التماس.
المشهد بالنسبة إلى العدو كان مرعباً وهو يرى الشباب الفلسطيني يخترق الأسلاك
الشائكة إلى مجدل شمس في الجولان، وكذلك الاقتراب الشديد من الأسلاك في مارون
الراس وفي قلندية، وفي أطراف قطاع غزة ما دفعه إلى إطلاق الرصاص بطريقة وحشية
محمولة بالخوف من أن يتكرّر مثل هذا المشهد في السنوات القادمة عبر مئات الألوف
من الفلسطينيين والعرب.
بالمناسبة كان هذا المشهد توقعاً مزعجاً بالنسبة إلى قادة الكيان الصهيوني منذ
قيام الدولة، حتى طرح بعضهم في وقت مبكر السؤال ماذا سنفعل لو احتشد مئات
الألوف من النساء والأطفال، وقرروا عبور الحدود (الأسلاك الشائكة) إلى فلسطين.
وبالمناسبة، أيضاً كان هذا المشهد أملاً طالما راود الكثيرين من الفلسطينيين.
أي فكرة حشد مئات الألوف أو الملايين واختراق الحدود، بطريقة سلمية، وبلا أي
خوف من الرصاص والتضحيات.
ولكن يبدو أن مع الثورات الشبابية الشعبية، ومع فكرة كسر الحصار على قطاع غزة
وتجربة أسطول الحرية والقوافل البرية، أصبحت الظروف مؤاتية لمثل هذا التحرك
سواء أكان مع تأجج الروح التي تبثها الثورات في قلوب الشباب والشابات في فلسطين
وخارجها كما في كل أنحاء الوطن العربي باتجاه الإقدام وعدم الخوف من الرصاص
والاستشهاد أم كان من ناحية الظرف السياسي العام. الأمر الذي سمح في 15/ 5/
2011 بأن يقع الحراك الهائل في الجولان ومارون الراس وقلندية ومناطق أخرى. وقد
سقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى من أبطال هذا الزمان. ولكن النتيجة كانت
إيجابية على مستوى الشعوب العربية والإسلامية والرأي العام العالمي، كما على
المستوى الفلسطيني.
ومن هنا ارتفعت الأصوات التي تطالب بتكرار ظاهرة الإحتشاد بمناسبة العدوان
الصهيوني في حزيران/ يونيو 1967. وكان قد أسفر عن احتلال الضفة الغربية والقدس
وقطاع غزة والجولان ومن ثم هي مناسبة تستحق الإحياء بدورها، بل لا يقل من حيث
الأهمية عن مناسبة ذكرى النكبة إذ كان العدوان المذكور إكمالاً للنكبة بشموله
القدس بكاملها كما بقية فلسطين فضلاً عن الجولان وسيناء.
ولكن للأسف حيل دون الزحف إلى خطوط التماس في كل النقاط عدا الجولان الذي انفرد
الفلسطينيون بالوصول إليه، وفرض مجابهة سياسية سلمية أسفرت عن 24 شهيداً وعشرات
الجرحى لينضموا إلى الشهداء والجرحى في المجابهات التي حدثت في 15/ 5/ 2011.
بدلاً من أن يُصبّ النقد على الذين منعوا وصول المتظاهرين إلى نقاط التماس
وأحبطوا إرادة الشباب والشابات الفلسطينيين الذين تحركوا فعلاً نحوها، ذهب
البعض بإلقاء اللوم على الذين ذهبوا إلى الجولان، بل تجرّأ بعض المشبوهين الذين
اندسوا في الجنازة الحاشدة في مخيم اليرموك في سورية وراء جثامين الشهداء
الأبطال الذين سقطوا على الشريط الشائك في الجولان ليعتبروا أن الذهاب إلى
الجولان جريمة وتجريم من دفع إليها. ما أوقع فتنة قلبت الحق باطلاً.
وكتب البعض يلوم من حيث المبدأ زحف الشباب والشابات نحو الحدود ليس بمناسبة
عدوان حزيران/ يونيو فحسب وإنما أبضاً بمناسبة ذكرى النكبة. أما الحجج فكانت
شتى وكلها لا تصمد أمام النقد.
فالبعض انتقد ذهاب الشباب إلى الحدود؛ لأنه عرّضهم إلى الرصاص وسقوط الشهداء
والجرحى، ولكن نسي هؤلاء أن كل حراك ضد العدو الصهيوني قوبل بالرصاص وأسفر عن
سقوط الشهداء والجرحى، مثلاً في يوم الأرض، أو في الانتفاضتين. بل كان هذا
الحال في كل التظاهرات التي أطلقت الثورات الشبابية الشعبية.
وآخرون طالبوا بضرورة تأمين الحماية والأمن قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة،
وهو طلب يجعل كل نضال مداناً؛ لأن ما من مواجهة مع عدد متفوّق يمكن أن تتم في
ظل الحماية والأمن والأمان. لأن هذا يحتاج إلى امتلاك التفوّق العسكري. ولكن
عندئذ ما الحاجة إلى النضال الشبابي الشعبي السلمي.
ثم جاء من أراد أن يبطل صوابية التحرك على خطوط التماس. لأن ذلك التحرك لم يكن
مسموحاً به منذ أربعة وأربعين عاماً. وقد سمح به الآن مما يضعه في نطاق الشبهات
ومن ثم يبطل ضرورته وأهميته ويسمح بلوْم الذين أقدموا عليه لأنهم لم يسألوا
أنفسهم لماذا سمح لهم بالتحرك الآن.
ولكن هذا المنطق يحتاج إلى الإجابة عن سؤالين حتى يقف على قدميه:
الأول: أيهما يجب أن ينقد الموقف السابق في عدم السماح بالحراك أم الموقف
الراهن الذي سمح به، عن رضا، أو عن اضطرار؟
الثاني: هل هنالك من ثورة أو حراك شعبي يمكن أن ينطلق من دون ظروف استثنائية
تختلف عما سبقها تفرض السماح له بأن ينطلق، فهل كان من الممكن أن تتطوّر
المقاومة الفلسطينية وتثبّت أقدامها في الأرض لولا ظروف نتائج عدوان حزيران
1967. أي هل كان على المقاومة في معركة الكرامة وما بعدها أن تسأل لماذا سمح
لنا الآن بالعمل من الأردن، أو لماذا راحت الأنظمة تتقبّل اندلاع المقاومة
الفلسطينية؟ ومن ثم تجد نفسها مدانة إذا ما أفادت من هذا السماح وبغض النظر عن
غاياته، وذهبت إلى مواجهة طالما حلمت بها وسَعَتْ إليها، بل ولا يرقى لصوابيتها
أي شك، ولا يستحق شهداؤها وجرحاها غير كل إكبار واعتزاز. ومن ثم ما أقسى أن
يلاموا لأنهم لم يلتقطوا ذلك السؤال: لماذا يسمح لنا الآن؟ فيختارون البقاء في
بيوتهم آمنين، أو إذا ما تظاهروا أن يضمنوا عدم انهمار الرصاص عليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.