مما لا شك فيه أن مصر تحتاج إلي المساعدات المادية في الوقت الراهن للخروج من الكبوة التي تمر بها البلاد ما بعد الثورة الشعبية ، حيث إن ما حدث في الثورة أثر علي حركة الإنتاج والاقتصاد بشكل عام ، كما أن إعادة بناء كيان الدولة المصرية ، التي لازالت متماسكة إلي حد ما حتى الآن يحتاج إلي المزيد من المساعدات والقروض والمنح الدولية ، سواء من الدول العربية الشقيقة أو الدول الغربية . وقد تابعنا في الآونة الأخيرة وتحديدا عقب نجاح الثورة المصرية الكثير والكثير من التعهدات الدولية والعربية لمصر بمساعدات مالية ، حيث تعهد أعضاء من مجموعة دول الثماني خلال القمة التي عقدت مؤخرا فى فرنسا، بأكثر من 10 مليار دولار ، وذلك فى شكل ديون تعفي منها مصر ومساعدات نقدية للحكومة المصرية للمساعدة علي تعافى الاقتصاد المصري وسرعة عودته إلي شكله الطبيعي. كما تعهدت دولة قطر الشقيقة فى وقت سابق بمنح مصر 10 مليارات دولار هي الأخرى فى شكل استثمارات غير محددة ، ومن جانبها وعدت المملكة العربية السعودية الشقيقة بأربعة مليارات دولار تتضمن وديعة بالبنك المركزي المصري وشراء سندات مصرية للمساهمة في إنعاش الاقتصاد. ومن جانبها رصدت صحيفة الفاينانشيال تايمز الكثير من الشكوك التى تحيط بفعالية هذه التعهدات فى التعامل مع احتياجات مصر المالية الملحة ، وهو ما يدعو للتساؤل حول حقيقة تلك المساعدات التي تعد مصر في أشد الحالة لها في الوقت الراهن ، خاصة أن أحد المصادر الحيوية للتمويل فى المنطقة يواجه انخفاضا، حيث يقف الاستثمار الأجنبي المباشر فى العالم العربي عند ما يقرب من 21 مليار دولار هذا العام ، وذلك بالمقارنة بحوالي 29 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي. ووفق تقرير أسواق الاستثمار الأجنبي المباشر فإن الكثير من الاستثمارات تدفقت إلى الخليج، حيث تم الإعلان عن مشاريع بخمسة مليارات دولار بالإمارات العربية المتحدة و3.8 مليار دولار بالمملكة العربية السعودية معظمها فى مجال النفط والطاقة والغاز الطبيعي وقطاعات المواد الكيميائية. ومن جانبه كان الدكتور سمير رضوان وزير المالية قد أشار في أحد أحاديثه إلي أن انخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر قد يساهم فى عجز قدره 2 مليار دولار بميزان المدفوعات بين أبريل ويونيه من هذا العام.. في حين يري محللون اقتصاديون أن المساعدات المتعددة الأطراف مثل البنك الدولي وصندوق النقد ترتبط بإصلاحات سياسية واقتصادية قد تعجز الحكومات الجديدة أو تكون غير راغبة فى تنفيذها. كانت صحيفة الفاينانشيال تايمز البريطانية قد نقلت عن فيليب دوبا كبير الاقتصاديين ببنك ستاندرد تشارترد بالإمارات العربية المتحدة قوله: إن مسألة المساعدات أمر بالغ الأهمية.. فالعثور على تمويل من خلال القنوات العادية أو الأسواق العالمية يبدو صعبا، وبالتالي فهناك حاجة ماسة للمساعدات الخارجية. كما نقلت عن المحلل الاقتصادي فاروق سوسة اقتصادي بسيتي جروب بالشرق الأوسط " قوله أن هذه المساعدات المعهودة من غير المرجح أن تساعد مصر وتونس فى التغلب على تدهور المالية العامة، وهى مشكلة ملحة إذ إن كلا البلدين تواجه مشكلات فى الوصول إلى الأسواق. كما نقلت تايمز البريطانية عن سوسة قوله أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تعهدت بمليار دولار كسندات خارجية، لكن مصر تواجه متطلبات تمويل تراكمية تقدر ب 56 مليار دولار بين العامين 2011 الجاري والعام القادم 2012، وفى حين لديهم مصلحة سياسية فى استقرار مصر ، في إشارة منه إلي أن ذلك ربما يكون وعدا مشكوكا في مدى صحته