الزحام شديد والناس تتدافع لدخول المطار ..بوابة الرجوع إلى الأوطان ..كل إلى وجهته كل يحدوه أملَ لقاء الأحباب والأهل أخشى على أولادى الضياع بين دفوع البشر وتلال الحقائب المحمولة على العربات والتى تحجب الرؤية .. نقف فى صف الإنتظار الطويل ..وكأننى لابد لى من الإنتظار إلى آخر لحظة لأبدأ طريق العودة إلى الوطن . الصف طويل والإنتظار ممل ...طفلى الصغير لا يريد الإنتظار فلقد انتظر طويلا .. يخرج من الصف ..ويجرى بعيداً باحثاً عن حريته ..ألتفت إلى زوجى لأخبره أننى خارج الصف ..أجده مشغول بمكالمات هاتفية للعمل ..تعليمات العمل تطارده إلى آخر لحظة .. أتركه وأبحث عن صغيري..إلى أين ذهب..مسؤول الأمن تركه يخرج لأنه هو أيضا مشغول بمحموله ..تباً لهذا المحمول .. أخيرا وجدت صغيرى إنه مثلى يأبى الإنتظار .. فى صالة الإنتظار الكل مشغول بالحديث فى محموله ...هذا يودع من يتركهم ...وهذه تُطمئِن من ينتظرونها ..هل أصبح المحمول ضروريا إلى هذا الحد ..أم أنهم يريدون الهروب من سأم الإنتظار مثلى .. أخيرا أسمع الإعلان عن رحلتنا ...صغيرى لا زال يريد أن يفلت من يدى .. فى طريقى إلى الطائرة ..أتلفت حولى ..أجد الجميع يتحدثون فى هواتفهم ...حتى الأطفال ...عجبا فيم يتحدث هؤلاء الأطفال ..؟؟!!!ومع من يتحدثون ..؟؟ فى الطائرة الجدل الذى لا ينتهى كل عام بين أولادى ..من يجلس بجانب النافذة ..أتجاهل هذا العراك وأبحث عن الصغير من جديد ..إلى أين ذهب هذه المرة ..لا مجال هنا ليطلق لحريته العنان .. فى طريقى للبحث عنه ..أجد صاحب النظارات السوداء لا زال يحدث شريكه فى العمل ..ولازالت صاحبة العيون الزرقاء تتحدث بصوت خافت وتضحك من آن لآخر ..حتى زوجى لازال مشغولا بمتابعة العمل فى محموله .. أين صغيرى ...أنظر من النافذة ..أجده قد فرد جناحيه وطار بعيدا ..أقفز خلفه وأترك لجناحى العنان ..أخترق السحاب عائدة إلى الأوطان.