قال البيت الأبيض الأميركي إن واشنطن وأنقرة اتفقتا على أن تطبيق قرار الحظر الجوي في ليبيا "سيحتاج جهدا دوليا واسعا يشمل الدول العربية" في وقت وصفت فيه تركيا الضربات العسكرية بأنها غير مجدية، ودعت الجزائر إلى وقفها فورا، وسط خلافات داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) على من يشرف على العمليات عندما تترك واشنطن قيادتها. وتحدث البيت الأبيض عن اتصال هاتفي أجراه الرئيس باراك أوباما أمس من على متن طائرته الرئاسية مع كل من رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني الذي أعلنت بلاده أنها ستشارك في الجهد الدولي من أجل "وقف حمام الدم". وجاء في بيان للبيت الأبيض أن أوباما –الذي يزور أميركا اللاتينية- وأردوغان جددا دعمهما لتطبيق كامل لقرار مجلس الأمن "لحماية الشعب الليبي" واتفقا على أن ذلك "سيحتاج جهدا دوليا واسعا يشمل الدول العربية". تفويض القرار وكانت تركيا حذرت من أن الضربات ضد ليبيا تجاوزت تفويض قرار مجلس الأمن، وهو قريب من موقف أعلنت عنه الجزائر. وقال أردوغان أمس مخاطبا أنصار حزبه إن بلاده لن توجه بنادقها إطلاقا إلى الشعب الليبي، وستبلغ حلفاءها في الناتو بذلك. أردوغان: لن نوجه بنادقنا إطلاقا إلى الشعب الليبي (رويترز) وقال مسؤول بالبيت الأبيض متحدثا من على متن الطائرة الرئاسية إن أردوغان يعرف قدرات القيادة والحكم التي يملكها الناتو بالعمليات، لكنه رفض مناقشة ما قد تستطيع تركيا القيام به في ليبيا. ويأتي موقف تركيا وسط خلافات بين أعضاء الناتو على من تؤول إليه قيادة العمليات عندما تنسحب الولاياتالمتحدة من القيادة خلال أيام كما أعلنت، وسط مخاوف أميركية من أن تنجر واشنطن إلى مستنقع عسكري جديد في بلد إسلامي. وحذرت فرنسا –التي كانت البادئة بتنفيذ الهجوم- من إعطاء الناتو دورا سياسيا في قيادة العمليات في بلد عربي، في حين دعت تركيا إلى الحد من أي دور للحلف في الهجوم.
وقال مسؤول بالناتو إن فرنسا دعت خلال لقاء للحلف أمس إلى أن تبقى قيادة العمليات في يدها وبريطانيا والولاياتالمتحدة الأعضاء بالناتو، على أن يوفر الحلف الدعم العملياتي، بينما دعا آخرون إلى أن تكون للحلف القيادة كلها أو لا يكون له أي دور. وبررت فرنسا موقفها بصورة الناتو السلبية في العالم العربي بسبب حرب أفغانستان والاعتقاد بأن الولاياتالمتحدة تسيطر عليه. ووصف مسؤولون إيطاليون القيادة الثلاثية الحالية التي تضم فرنسا وبريطانيا والولاياتالمتحدة بأنها فوضوية. وحذر وزير الخارجية الإيطالي فرانكو فراتيني صراحة من أن بلاده ستسحب رخصة استعمال قواعدها بالعمليات إن لم تقر هيئة تنسيق يشرف عليها الناتو. بل إن رئيس لجنة شؤون الدفاع بمجلس الشيوخ نقل عنه اتهام صريحٌ لباريس بأنها تحاول بسياستها تأمين عقود نفط مع حكومة ليبية مستقبلية. من جهتها، وفي أول رد فعل على الهجوم الدولي، قالت الجزائر –التي تشترك في حدود واسعة مع ليبيا- إن الضربات الغربية لليبيا غير متناسبة ويجب أن تتوقف فورا. وصرح وزير الخارجية مراد مدلسي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الثلاثاء بأن التدخل العسكري والضربات الجوية ضد ليبيا "مبالغ فيها" بالمقارنة مع ما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 1973. وأضاف إن ليبيا تجتاز أزمة عميقة تفاقمت مع بدء الضربات الجوية التي "نعتبرها مبالغا فيها مقارنة بالهدف الذي حدده مجلس الأمن بقرار 1973". ودعا الوزير إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية والتدخل الأجنبي حتى نحافظ على حياة إخواننا الليبيين". وأشار إلى أنه يجب فسح المجال لليبيين "لإيجاد حل سلمي ودائم للأزمة مع احترام وحدتهم والحفاظ على سيادتهم ووحدتهم الترابية".